يزخر موروثنا الديني وتُراثنا العربي بكثير من القيم الإنسانية والقواعد الأخلاقية التي ضبطت شؤون حياة المجتمعات العربية والإسلامية لفترة طويلة من الزمن، ولم نزل نفخر بها الى اليوم بالرغم اننا وبخلاف كثير من أمم الأرض لم نحولها الى ثقافة مجتمعية حية، ناهيك عن محاولة تطويرها للتواكب مع متغيرات الحياة. ومناهج التعليم الحديثة هي الأخرى لا تخلو من دروس غرس القيم ومكارم الأخلاق في النشء ولكنها لا تكاد تتجاوز صفحات الكُتب، فان تجاوزتها فيوم الامتحان هو مثواها الأخير. إننا بحاجة ماسة وضرورية لإعادة أحيا مكارم الأخلاق وتطويرها وجعلها ثقافة عامة ومنهج حياة. فلابد ان نفهم ما يعنيه الشرف الذي نموت دونه، ونعرف جيداً ماهو الفساد ومن هو الفاسد. فمن الجميل جداً اننا كعرب نولي للشرف مكانة عالية من قديم الزمن الى اليوم، وننبذ الفساد حسب فهمنا له، ولكن لا يجب ان نحصر الشرف بين السرة والركبة فقط، ونسجن الفساد في بيت الدعارة، ونترك السارق والمرتشي وقاطع الطريق وناهب الأموال العامة يمشي في الأسواق رافع الرأس فإن لم نوسع مفهوم الشرف ونستوعب أنواع الفساد، فأننا لن نرتقي ابداً. ومن مكارم الأخلاق المفقودة في حياتنا ومعاملاتنا اليومية، تجاهلنا للآخر وعدم تقديرنا للأرقام مهما كثرت خاناتها العشرية. فلا عجب ان يُنعت ويُوصف حزب الإصلاح اليمني بنعوت وأوصاف غير لائقة، بالرغم انه يشكل رقم صعب على مستوى اليمن يُفرِض علينا احترامه، بغض النظر عن مواقفنا المعارضة لفلسفته السياسية التي تتخذ من الدين مظلة نراها من منظورنا غير مقبولة. ولا نستغرب في ظل عقليتنا الأحادية، الهجمة الشرسة التي تُشَن على المجلس الانتقالي الجنوبي بالرغم من عرض قاعدته الشعبية التي تراه خيارها اليتيم لتلبية مطالبها. فإلى متى سنظل محافظين على عقلية الانتقام الدورية، متجاهل بعضنا البعض، غير منصفين في تقديراتنا؟ الى متى سنظل نهمز ونلمز كل من يخالفنا، ونستفزهُ بعيداً ونحتقرهُ قريباً؟ السنا جميعاً مؤمنين بمن قال: " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"؟ ألسنا أًمة من بُعِثَ متمماً لمكارم الأخلاق، صلى الله عليه وسلم؟ فلنرتقي بأخلاقنا ونعطي كل ذي قدرٍ قدره.