في الوقت الذي لاتزال فيه دول العالم الثالث تفكر فيه في الصراع على الحدود الجغرافية والسيطرة على مناطق الثروات النفطية؛ لبناء اقتصادياتها، وترسيخ قواعد الحكم فيها، وذلك بما يتماشا مع عقليتها الرجعية التي لا تؤمن بقدرة العامل البشري في تكوين وإحداث نهضة اقتصادية، بل تتخذ منه أداة وآلة للقمع وعبدا يحمل على اكتافه عروش الطغاة والمستبدين، أو مروجا سياسيا وبوقا إعلاميا يعمل على تلوين وتلميع قيود الاستعباد. ولايزال الكادر البشري في هذه الدول خارج حسابات بناء النهضة الاقتصادية، متجاهلة قدرته على إحداث ثورة أقتصادية تقدمية بعيدا عن أساسيات مصادر الاقتصاد التقليدية التي تعتمد على الثروات النفطية والمعدنية والزراعية، في المقابل نرى دول العالم المتقدم قد سبقتنا بمئات السنين الضوئية، في إدارات ووضع قواعد وأسس وتنويع مصادر الاقتصاديات العملاقة. الصين نموذجا ما لا يعرفه الكثير عن العملاق الصيني .. تعد الصين من حيث المساحة ثاني بلد في العالم، ومن حيث السكان تعد أكبر دولة تحتوي على حوالي ثلث البشرية، وعلى الرغم من أن الكثافة السكانية تعد إحدى المشاكل التي تقف عائقا أمام إحداث نهضة اقتصادية خصوصا في دول العالم الثالث، إلا إن الصين قد استغلت العامل البشري لإحداث النهضة الصينية، ودفعت بها الى ضفاف الدول المتقدمة لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ومن المرجح حسب تقارير اقتصادية دولية أن تصبح في عام 2030م الدولة الأولى عالميا. استغلت الصين عقلية المواطن الصيني لتخوض بها معركة أدمغة مع القوى الغربية التي سادت العالم في كافة المجالات العلمية، والسياسية والاجتماعية والعسكرية، خلال القرن المنصرم، مقصيةً دول العالم الآخر . ومن أبرز أساليب صراع الأدمغة التي تخوضها الصين مع الدول الغربية التجسس التقني، حيث أن التجسس الصيني على تقنيات التكنولوجيا الأوروبية والامريكية يكبد هذه البلدان مليارات الدولارات سنويا، فيما يخدم في نفس الوقت نهوض اقتصاد العملاق الصيني، ويخفض أسعار التقنية والأجهزة الذكية لدول العالم الثالث. فمثلا يكبد التجسس الصيني على دول الاتحاد الأوروبي 60مليار يورو، بسبب سرقة الصين الملكات الفكرية للاختراعات والقيام بتطويرها وانتاجها في الصين دون تكاليف بحث وتجريب والتي تكلف تلك الدول المليارات حتى يتم اخراج التقنية في وجهها الكامل الى المستهلك، وهذا احد اسرار خفض أسعار التقنية الصينية مقابل نظيراتها الغربية. وتشير التقديرات المتحفظة إلى أن الاقتصاد الأميركي يخسر سنويا قرابة 320 مليار دولار كفاتورة لسرقة الملكيات الفكرية، وتتوزع هذه الخسائر بين فقدان عقود الصناعة المربحة وتراجع قدرات الإنتاج المحلي، وبين الخلل في الميزان التجاري وفقدان الوظائف، حيث يُقدّر الكونغرس الأميركي أن عمليات سرقة الملكيات الفكرية من الصين أدت إلى خسارة مليوني وظيفة في الولاياتالمتحدة، فضلا عن تأثير تراكمي بقيمة تريليونات الدولارات نتيجة لتراجع القدرة التنافسية للمنتجات الأميركية، حيث تجد نفسها أمريكا قبل احتكار عقود الاختراعات لتعويض تكاليف البحث والتجريب الذي اضناها لسنوات، اما تسريب تلك التقنيات والاختراعات في السوق من قبل العملاق الصيني بأسعار تنافسية . وفي المقابل فإن 8% من الناتج الإجمالي المحلي للصين يأتي من تزييف الأعمال الإبداعية وتقليد البرمجيات والمنتجات الصناعية، بالإضافة إلى أن الصين لا تتحمل بهذه الطريقة تكاليف البحث والتطوير وأبحاث السوق، وهذا هو السر الذي يمكنها من طرح هذه المنتجات بأسعار تنافسية، بالإضافة الى توفر العمالة البشرية بشكل كبير جدا و بأجور منخفضة إذا ما قورن بالأجور الغربية. (نتائج التجسس اقتباس من أدبيات مجتمع الاستخبارات الأميركي لوصف انتشار وقوة الاستخبارات الصينية)