مما لاشك فيه أن مصالح الدول الكبرى هي من باتت تتحكم وإلى حدٍ كبير في مصير دول العالم الثالث ومنها بلا شك اليمن، تلك المصالح بطبيعة الحال ليست ثابتة بل هي متغيرة حسب ما تقتضي المصلحة، وعلى ذكر المصالح أعتقد إن الجميع يتذكر في حرب 94م أن السعودية كان من مصلحتها إنفصال الجنوب وشاهدنا كيف تحركت وقدمت الكثير لكي يكتب النجاح للحركة الإنفصالية الجنوبية ولكن تلك التحركات لم يُكتب لها النجاح لأنها أصتدمت أنذاك بمصالح دولة كبرى هي (أمريكا) التي كان من مصلحتها بقاء اليمن بلدا موحداً ولكن الآن قد تكون تغيرت الظروف والمصالح الامريكية بوجود شهبندر التجار " ترامب" الذي تفكيره منصب بالبيع والشراء فقط!! لايمكن لأي كائن من كان أن ينكر بأن القضية الجنوبية قضية عادلة وبإمتياز ، ربما تكون هناك أسباب حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة خلال الفترة السابقة ومنها إفتقاد القضية الجنوبية إلى الشخصيات المؤهلة التي تمتلك الخبرة الكافية في هكذا قضايا ومطالب حقوقية، شخصيات لديها الطرق المناسبة في كيفية إقناع الرأي العام سواءاً المحلي أو الدولي شخصيات نقية ونزيهة تستطيع تقديم القضية الجنوبية بصورة رائعة لكسب تعاطف العالم مع قضية الجنوب ، أما السبب الجوهري والذي أجهض القضية الجنوب وهي ماتزال في المهد كان ظهور أوصياء كُثر للجنوب أستطاعوا أستغلال القضية الجنوبية بكل دناءة وحقارة لأغراض ومنافع شخصية حيث ظلوا لسنوات طويلة يتكسبون من وراء ذلك العمل الخسيس دون إحساس أو شعور بالمسؤولية فضاعت قضية شعب بأكلمه بسبب أشخاص لا يمتلكون ذرة من الأخلاق والكرامة!! أن الشخص العاقل والحصيف هو من يستطيع قراءة الواقع بكل تفاصيلة وبكل عقلانية وبعيداً عن التعصب الأعمى لأنه سيدرك ومنذ الوهلة الأولى إستحالة إنفصال الجنوب في الوقت الراهن وأكررها للمرة الثانية في الوقت الراهن ، فقرار الإنفصال ليس بالأمر السهل كما يعتقده البعض ، حيث تصوّر للكثيرون خلال الأيام القليلة الماضية إن المعركة الأخيرة المتمثلة بطرد الحكومة الشرعية والسيطرة على الألوية الرئاسية هي بمثابة الصك الشرعي لإعلان الإنفصال وهذا ما ألتمسته شخصياً لحالة الترقب الشديد التي سادت الشارع الجنوبي خلال متابعة كلمة رئيس المجلس الإنتقالي عيدروس الزُبيدي عشية عيد الأضحى المبارك حيث تواقع الجميع بأن هذا الخطاب سيحمل مفاجئة سارة لشعب الجنوب ولكن سرعان ما تبخرت آمال الكثيرون حيث لم يأتي الخطاب بأي جديد!! سأكون واقعي وعقلاني بالطرح وما سأكتبه ربما سيختلف معي البعض حوله وهو إن أقصى طموحات المجلس الإنتقالي حالياً هو دخوله في مفاوضات التسوية وليس إستعادة دولة الجنوب ومن كان يعتقد غير ذلك فهو شخص لا يفقه بالسياسة إو ربما لديه مناعة مزمنة ضد الفهم ولسبب بسيط وهو كيف سيطالب المجلس الإنتقالي بإستعادة الدولة الجنوبية وهو في الأساس ليس طرف أساسي ومشارك في المفاوضات فهنالك طرفان لا ثالث لهما هما من يتفاوضان فقط " الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي الإنقلابية " لذلك فلا خيار للمجلس الإنتقالي للمطالبة بإنفصال الجنوب سوى الجلوس رسمياً على طاولة الحوار غير ذلك فكأنما الإنتقالي يحرث في البحر!! إعتراف قادة المجلس الإنتقالي بشرعية الرئيس هادي كانت خطوة ذكية تُحسب لهم حتى وأن أغضبت البعض من منطلق أن الرئيس هادي هو أمتداد لنظام حكم الجمهورية اليمنية والذي يسعى الإنتقالي بفك ارتباط الجنوب عنه ، وسيقول المشككون بقدرة الإنتقالي على فعل ذلك إن الإعتراف بشرعية هادي معناه عودة الجنوب لباب اليمن مجدداً، بينما الهدف من تلك الخطوة هي كي لا يتم تصنيف المجلس الإنتقالي بالإنقلابي وحتى لا يقارنوا فعل المجلس الإنتقالي في عدن بما فعلته مليشيات الحوثي في صنعاء!! إن ما حدث في عدن من سيطرة كاملة لقوات المجلس الإنتقالي لم تكن حادثة عرضية إو عشوائية بل كان سيناريو تم الإعداد له مُسبقاً والهدف من ذلك هو تغيير المعادلة السياسية السابقة في اليمن والذي أفضى إلى ظهور طرف جديد على أرض الواقع وعلى ضوء تلك المستجدات أصبح الآن للمجلس الإنتقالي موطئ قدم في إي مفاوضات قادمة!! أستطيع القول أن هنالك تسوية سياسية قادمة في اليمن وتطبخ على نار هادئة والبداية ستكون من خلال الحوار المزمع عقده في السعودية بين الشرعية والمجلس الإنتقالي وعلى الطرف الأخر اللقاء الذي جمع المرشد الإيراني خامئني مع وفد من جماعة الحوثي، إستقبال المرشد الإيراني لوفد الحوثي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك فعلاً تحركات جادة لوقف الحرب في اليمن!! أخيراً..... سأقولها وساعيدها للمرة المليون إن الأطراف اليمنية {شرعية،حوثي، إنتقالي} جميعها لا يمتلكون مفتاح الحل لإنهاء الحرب المستعرة في اليمن بل أنهم مجرد أدوات للقتل فقط وليست صاحبة القرار !!