نعم رحلت شركة كنديان نكسن المشغل السابق للقطاع (14) وبقيت مظالمها ، فعلى مدى سنوات ونقابة العمال تحاول جاهدة أن تعالج قضايا حقوق العمال ومستحقاتهم المالية القانونية بالوسائل الودية إلاَ أن الشركة لم تتجاوب. في عام 2008 رفعت نقابة العمال دعوى إلى اللجنة التحكيمية صنعاء إلاَ أن الدعوى تاهت ولا نعلم الأسباب ، ثم في عام 2012م رفعت نقابة العمال قضيتها مجدداً إلى اللجنة التحكيمية حضرموت ولا زالت القضية معلقة في أروقة المحكمة العمالية بسبب غياب قاضي اللجنة التحكيمية حسب علمنا ولا نعلم من هو المسؤول. حسب التوجيه القانوني في الفقرة (3) المادة (139) عمل فإن الفصل في النزاع بحكم نهائي يجب أن يتم خلال فترة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ أول جلسة تعقدها للنظر في النزاع ومع ذلك فالدعوى لا زالت معلقة في المحاكم في عامها الخامس ولم تدخل بعد مرحلة التداول.. فمن المسؤول ؟.
الجديد في الأمر أن إدارة شركة بترومسيلة الوطنية التي حلت محل شركة كنديان نكسن في تشغيل القطاع (14) قررت تسريح الموظفين المتقاعدين وعددهم أربعين موظف ، ومع علمنا بقانونية الإجراء إلاَ أنه لا شك محكوم بضوابط قانونية لا بد من مراعاتها تضمن للمسرحين المتقاعدين ما تبقى من حقوقهم ومستحقاتهم المالية بما فيها قضية المحكمة باعتبارها محل نزاع ، وعليه نأمل بتدخل سريع من معالي وزير النفط لتعليق قرار التسريح التقاعدي لفترة أربعة أشهر قانونية طبقاً للفقرة (2) المادة (37) عمل ، على أن يوجه معاليه بحل ودي منصف لقضية المحكمة. وبهذا الصدد لابد أن نشكر إدارة شركة بترو مسيلة الوطنية على جهودها في تصحيح بعض من مخالفات شركة كنديان نكسن حيث قامت شركة (بترو مسيلة) مؤخراً بالإتفاق مع نقابة العمال بتحقيق بعض من تلك الحقوق ومنها ضم الحافز التشجيعي إلى الراتب الأساسي الشهري باعتباره جزء لا يتجزأ من الأجر ، كما وقد صرفت لعمالها بدل مناوبة وبدل خطورة طبقاً للقانون.
ولفذاحة مظالم شركة كنديان نكسن ننقل لمعاليكم رأي أهل القانون في تشخيص القضية ذلك أن الشركة ابتكرت صيغة فريدة (لعقود العمل) لعمال المناوبة في حقل الإنتاج وميناء التصدير بصيغة مبهمة وخارجة عن إطار قانون العمل اليمني وبالتالي أتاحت الشركة لنفسها مجالاً للتحايل وأباحت لنفسها أن تتعامل مع حقوق عمالها بمزاجها وعلى كيفها وعلى قاعدة الاستغلال المفرط وليس طبقاً للقانون اليمني. ففي البند (3) من عقود العمل ولغرض الإنتاج الأمثل تحدد شركة كنديان نكسن ساعات العمل في اليوم (12) ساعة وهي زائدة عن ساعات العمل القانونية ثم تأتي في البند (3-3) من نفس العقد باشتراط ظالم بأن لا يحق لعمالها الحصول على أجر إضافي تحت مبرر حصولهم على حافز تشجيعي. ومعلوم أن أي اشتراط يؤدي إلى حرمان العمال من حقوقهم القانونية يُعد باطلاً ومنعدماً بقوة القانون.. وإلا ما الحكمة من تشريع المادة (56) بشأن أجر العمل الإضافي ثم تأتي شركة كنديان نكسن باشتراط يعطلها من التنفيذ ، فقد يكون من حق إدارة الشركة تخفيض ساعات العمل الإضافي أو حتى تلغيه بالكلية إلاَ أنها لا يحق لها أن تلزم عمالها بعمل إضافي يؤدونه يومياً وفعلياً وبتكليف منها ثم تشترط عليهم عدم الحصول على أجره ولو جاءت بكل مبررات الدنيا.
ثم في الشطر الأخير من البند (3-3) تجيز الشركة لنفسها أن تستدعي موظف المناوبة للعمل بعد الانتهاء من نوبته الاعتيادية أي بعد الانتهاء من (12) ساعة عمل في ما تسميه الشركة نظام استدعاء ولكنه من غير أجر فعلي ، إضافة إلى أنه مخالف لأحكام الفقرة (2) المادة (74) عمل التي تؤكد على أن لا تزيد ساعات العمل الاعتيادية أو الإضافية عن (12) ساعة مراعاة لطاقة العامل المحدودة للعمل أكثر من (12) ساعة في اليوم وبخاصة في ظروف عمل شاقة واستثنائية . أما الإجازة السنوية لعمال المناوبة هي الأُخرى تاهت في نص غامض ومبهم في الشطر الأخير من البند (3-2) وبما لا نعلم لها وجود على الواقع ناهيك عن أن الصيغة العامة لعقود العمل خالية تماماً من أية مستحقات قانونية تقررت في قانون العمل.
ثم تأتي لنا الشركة بلائحتها الداخلية وفيها تقرُ الشركة نظرياً بحقوق العمال القانونية في المواد (31) بشأن (بدل عمل ليلي وبدل نوبات) و المادة (32) بفقراتها الثلاث بشأن (أجر العمل الإضافي) والمادة (33) بشأن (ساعات العمل الرسمية) والمادة (35) بشأن (عطلة نهاية الاسبوع) والمادة (39) بشأن (الإجازة السنوية) والمادة (47) بشأن (إجازات العُطل الرسمية) ولكنها تجاهلتها جميعها وتجاوزتها واستثنت عمال المناوبة من استحقاقها دون أن يكون لديها نص قانوني واحد يجيز لها فعل ذلك. وهكذا نرى شركة كنديان نكسن تعود بعمالها عقود إلى الوراء إلى ايام الثورة الصناعية عام 1886م حيث ساعات العمل كانت (12) ساعة في اليوم ولا أجر للعمل الإضافي ولا إجازات سنوية ولا عطلة نهاية الأسبوع.. ولا قانون إلاَ قانون الجشع والاستغلال المفرط. وهكذا تجرأت شركة كنديان نكسن الأجنبية على القانون اليمني فاستغفلته وتجاوزته وخالفته فترتب عن ذلك ضياع مستحقات مالية قانونية لموظفي الشركة وبالخصوص موظفي المناوبة في حقل إنتاج النفط وميناء التصدير وقد بلغت قيمتها المالية أكثر من (240 مليون دولار) حسب المراجعة القانونية وهي أموال منهوبة من شريحة عمالية منتجة لها أهميتها في الاقتصاد الوطني ، وهي أيضاً تمثل مردود مالي ضخم لليمن ابتلعته الشركة الأجنبية ظُلماً واحتيالا. ذلك هو ملخص قضية العمال المرفوعة إلى اللجنة التحكيمية ، أما تفاصيلها وكافة وثائقها ودلائلها القانونية والإدارية فهي محفوظة في ملفات النقابة ومحاميها. حسب معلومات لا نعلم صحتها أن شركة كنديان نكسن قد باعت نفسها وأُصولها إلى شركة صينية مقابل 15 مليار دولار ، وهي الآن بصدد تعويض عمالها في مختلف فروع الشركة بما نسبته 5% ، فمن باب أولى أن تعيد لعمالها السابقين في القطاع (14) مستحقاتهم المالية .. فهل لمعالي وزير النفط كلمة حق وإنصاف في ذلك ؟
نرجوا ونأمل من معالي السيد وزير النفط أن يتعامل مع هذه القضية الحقوقية للعمال بمنتهى الجدية والمسؤولية والإنسانية أما أن يحلها ودياً أو أن يحركها قضائياً بالتنسيق مع المختصين في القضاء ووزارة العدل حتى تأخذ مجراها القضائي العادل ومداها الزمني القانوني المحدود طبقاً للفقرة (3) المادة (139) من قانون العمل.
أنور محمد سليمان موظف متقاعد - شركة بترومسيلة – حقول الإنتاج.