بينما هي تبحث عن لقمة خبزا في أحد صناديق رمي مخلفات القمامة بجانب أحد الطرقات الرئيسية القريب من منحدر خطير على حافة الطريق مستقيمة على رجليها الناحلتان وهما ترتجفان من شدة ألم الجوع المدقع وحافة اصابعها لتصل الى أسفل الصندوق لتلتقف تلك الخبزة المتبقية داخله والتي رماها أحد سائقي سيارات الأجرة بينما كان ذاهبا الى سوق المدينة ليشتري أجود أنواع المأكولات والفواكة لم يلتفت الى صندوق القمامة ولم يعلم من بجانب ذلك الصندوق ومن هي تلك الأم المسكينة التي تحاول الوصول الى اسفل الصندوق لتحصل على الخبز المتبقي في صندوق القمامة، إلا إن سائق السيارة قد قام برمي تلك السلة المتعفنة ببقايا مخلفات الأكل فأصابت تلك الأم المسكينة فسقطت بداخل الصندوق نتيجة ارتطام السلة بحافة ارجلها فأفقدها التوازن واسقطت بداخل الصندوق، الأم المسكينة ظلت تقاوم وتقاوم حتى استعادت توازنها وخرجت من ذلك الصندوق ووجهها ملطخا قد تحول الى لون السواد نتيجة بقايا القمامة ورائحتها أصبحت نتنة وهنا سقطت دمعة غالية من عينيها قد ارتفعت حرارتها ووصلت الى خدود تلك الأم لترسم انهارا من الدموع على ذلك الخد النحيل لتغسل آثار السواد لتلك بقايا قمامة التي اصاب وجهها من أثر السقوط بداخل صندوق القمامة.
لم تيأس تلك الأم المسكينة الفقيرة من البحث من جديد عن لقمة الخبز من أجل أن تطعم اولادها العشرة من بنات وبنين الذين فقدوا اباهم واستشهد اثناء حربا غاشمة شنتها مجاميع مسلحة اجرامية على مدينتهم قد دمر ماكان جميلا فيها وقد أوهين العزيز والكريم وكرم الجبناء واصحاب الرذائل ووصلوا الى ما يريدون أن يوصلوا إليه ولو على أرواح الشهداء والبسطاء والفقراء المساكين. عادت الأم المسكينة وبيدها كيسا أحمرا بداخله لقيمات صغيرة وبقايا من فواكة متعفنة تحمله على ظهرها لتذهب به الى صغارها الجياع وبينما هي على حافة الطريق المودي الى منزلها المتواضع وإذ بسيارة مسرعة يقودها شابا متهور رافعا صوت الاغاني من سيارته لترتطم بجسم الأم المسكينة وعلى اثرها توفيت على الفور ولم تصل الى منزلها لكي تطعم الاولاد والابناء وفارقت الحياة صفر اليدين ومازالت معاناة الابناء والبنات في استمرار نتيجة الفقر المدقع وتلاعب وتخاذل الحكومات وضياع حقوق الفقراء والبسطاء من عامة الناس.