جاء قرار رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، بكسر احتكار استيراد النفط، كمرحلة جديدة للتجارة في هذا القطاع الحيوي الهام، وخطوة إيجابية في عالم الاقتصاد، تسهم في الحدّ من مظاهر الفساد، والتحكم بأسعار هذه السلعة التي تشكل عصب الحياة ونقطة ارتكاز في توفير جمع الخدمات الإجتماعية. الكثير من المراقبين استغربوا الانتقادات التي طالت رئيس الحكومة بعد إقراره هذا القرار مباشرة، حملة مفاجئة شنتها بعض الأقلام تطالب بتغيير رئيس الوزراء!! تضعنا أما السؤال: من المستفيد من احتكار أي سلعة تمس تشغيل البلد وحركة الحياة بشكل عام؟ من المستفيد من أن تكون الدولة عاجزة على اتخاذ قرار يتعلق بأسعار النفط؟.
ربما لا يفقه الكثيرون بقضايا الاقتصاد، ولكن بلا شك الجميع يدرك معنى الاحتكار، في الحقيقة أنه من المدهش الكشف عن أن سوق النفط كان محتكراً من الأساس، إنها سابقة في العصر، إذ أن سوق النفط في أي بلد يخضع للمناقصات حتى ترتأي الدولة ما يناسبها، وكثير من اتفاقيات التعاون التي تجرى بين الدول إنما تحتم كسر قاعدة احتكار السلع المرتبطة بالسيادة وتشغيل الدولة.
جدير بالذكر ملاحظة أوردها مراقبون حول القرار، تفيد بأنه "سيوفر لميزانية الدولة نحو 20٪ وهي القيمة المضافة التي يفرضها الاحتكار على سعر السوق لمادتي الديزل والمازوت، وأنه حين توكل مصالح الناس لتاجر بعينه، يصبح ابتزاز الدولة وزعزعة أمنها القومي وإثارة الاضطرابات وزعزعة اقتصادها أمرا في متناول اليد، ومتاحاً بمجرد تأخير او عرقلة تسليم شحنة وقود".
باختصار القرار يتيح مناقصات وعطاءات ومنافسة وسوق حرة، والحكومة أحق بالاستيراد لمن يوفر بسعر أجدى.
قبل أشهر، كشفت شركة النفط اليمنية، فرع عدن، عن أن الزيادة في سعر دبة البترول، خارج عن إرادتها. قالت حينها إن المستورد قرر إلغاء العقد او بالأحرى تغيير بعض بنوده فيما يتعلق بسعر النفط، وقتها هاج الشارع على الحكومة، ورميت الملامة عليها، لم يكن أحد يدرك وقتها أن سوق النفط محتكر لأشخاص، هم وحدهم من يقرر سعر النفط، وهذا هو الخطأ من الأساس.
احتكار أي سوق لسلعة كالنفط يندرج ضمن الاحتكار المحرم في التشريع الاقتصادي، إذ تعد هذه سلعة تمس احتياجات المواطنين ومادة أساسية في حياتهم.
إن احتكار سلعة كالنفط يعد جريمة تمارسها السلطات على الشعوب، وهو أحد مؤشرات الفساد وتدني مستوى التنمية، وبالتالي من حق أي شعب الخروج في مظاهرات ضد حكومته، في حال لم تستجب الحكومة لإطلاق حرية التنافس بما يسهم في توفير السلعة بأسعار مخفظة.
حين نعود بذاكرتنا قليلاً سنذكر المبرر الذي استند عليه الحوثي حين قاد المظاهرات تمهيداً للانقلاب، (كلمة حق يراد بها باطل)، لقد برر دخول صنعاء بحجة الجرعة.
حين تبادر الحكومة بتصحيح وضع مختل في الدولة يفترض بالجميع ترك المكايدات وشخصنة القضايا والقرارات، وعلى النخب الاقتصادية توعية الشارع ببعض المفاهيم التي من الطبيعي أن تغيب عن إدراك المواطن البسيط.