تكلمنا في أكثر من مناسبة عن مخاطر وتبعات وعواقب قرار الحوثيين مصادرة الطبعة الحديثة من العملة النقدية وأهدافه، منها جوانب قانونية يتمثل بتعدي الجماعة على السياسة النقدية، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل حربهم ضد الشعب اليمني والتكسب غير المشروع، ولا زالت تبعات هذا القرار تتوالى على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين ويمكن هنا أن نلخص بعض تبعات هذا القرار منها على سبيل المثال: 1. عرقلة السياسات النقدية للبنك المركزي اليمني والسير باتجاه معاكس لكافة الانشطة والاجراءات التي يقوم بها، وهذا يعد مساس بالسياسة النقدية المحصورة قانونا على البنك المركزي عدن، والضغط على القطاع المصرفي بحكم قربهم من مراكز عمليات البنوك والتي تتواجد جلها أو معظمها في صنعاء، وإجبارهم على عدم الاستجابة لتعليمات البنك المركزي اليمني المركز الرئيسي عدن، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك منها: الضغط على البنوك بعدم فتح اعتمادات مستندية من الوديعة السعودية، ومنح تصاريح لشركات صرافة، وفرض سعر اقفال 250 ريال للدولار، وآخرها منع الطبعة الجديدة من العملة الوطنية. 2. عرقلة السياسة المالية للدولة ويتجلى أهمها بعدم استطاعة وزارة المالية تحويل مرتبات الموظفين إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بعد اعتذار البنوك بعدم قدرتها على الدفع لعدم توفر السيولة النقدية في تلك المناطق. 3. خلق عدة أسواق للتعامل بالنقد وتشجيع المضاربة بالعملة، وإيجاد فوارق في سعر الصرف، سواء بين العملة اليمنية بتقسيماتها الجديدة التي أنتجها الحوثيين (طبعة قديمة، طبعة حديث، الكتروني، في الحساب) أو فوارق صرف العملات الأجنبية مقابل ريال نقدي طبعة جديد أو حديث أو في حساب قديم او ريال إلكتروني. 4. خلق اختلال في الدورة النقدية، وتسرب النقد خارج الدورة النقدية وتكدسها في مناطق دون اخرى وتشويه القطاع المصرفي. 5. عودة أزمة السيولة مرة أخرى لدى القطاع المصرفي خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد أن استطاع البنك المركزي الحد منها. 6. ايضا مفاقمة الوضع الإنساني والمعيشي للمواطنين وتعطيل مصالحهم، حيث ستتأثر شريحة من المواطنين الذين يمتلكون طبعات جديدة من هذا القرار، اضافة الى حرمان المتقاعدين وبعض موظفي الجهات من استلام رواتبهم وهو ما حدث بالفعل. 7. عدم قدرة المواطنين على تسييل النقد الإلكتروني في الوقت الذي يريدون وسيكون مصيرها مصير الحسابات القديمة المجمدة في فرع البنك المركزي صنعاء. 8. تعتبر متحصلات الأموال من الطبعات الحديثة مصادر دخل للحوثيين تعمل على اطالة امد الحرب وقد تستخدم الأموال المتحصلة من استبدال النقد الورقي بنقد الكتروني لتمويل صفقات اسلحة بعد تحويلها إلى عملات صعبة. 9. إن إصدار نقد إلكتروني دون توفر الشروط اللازمة مثله مثل النقد الورقي يؤدي إلى انخفاض سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية وتآكل قيمتها الشرائية، حتى وأن تم اصداره من سلطة شرعية فكيف سيكون الأمر عندما يصدر من سلطة غير شرعية ولأغراض وأهداف مشبوهة. 10. قرار الحوثيين على المدى المتوسط يزيد من نسبة التضخم. 11. زيادة المضاربة بالعملة والتحويلات المالية بين المدن، وهو ما أدى الى رفع عمولة الحوالات الواردة إلى مناطق الحوثيين من مناطق الشرعية خصوصاً إلى صنعاء، نتيجة عدة عوامل منها شحة السيولة في مناطق الحوثيين وسعي البنوك إلى التخفيف من حدة المضاربة بالعملة والتحويلات الدائرية والتكسب غير المشروع الذي يضر بالاقتصاد. موقف الشرعية نعلم أن هذا القرار يعيق سياسة البنك المركزي النقدية، كما أن البنك المركزي عدن يهمه مصلحة المواطنين، ولا يمكن أن ينجر إلى اتخاذ قرارات عكسية قد تضر بالمواطن والاقتصاد برمته، لذلك مسؤليته تقتضي بالعمل على معالجة هذا القرار وغيره من القرارات بحكمة وحساب التكلفة والعائد من أي قرار يتخذه.\ حتى اللحظة عمل البنك على اصدار توجيهات للبنوك واعلان بعدم التعامل مع القرار، وحصر إصدار النقود أو الغائها على البنك المركزي وفقا لقانونه، وايضا تحذير المواطنين والبنوك بعدم الاستجابة والمخاطر المترتبة على ذلك. الحكومة ايضا حذرت من تداعيات وعواقب هذا القرار، وأكدت على عدم تخليها عن سيادة الدولة النقدية واتخاذ كل الإجراءات والخطوات اللازمة من أجل الحفاظ على الأمن القومي والمعيشي للمواطنين. ومن خلال اجتماعها الأربعاء بمجلس ادارة البنك المركزي في عدن بينت الحكومة حرصها في الحفاظ على استقلالية وحيادية البنك المركزي وأداء المهام الموكلة إليه، وعدم اقحامه في التجاذبات والصراعات القائمة نظرا للأضرار الكارثية على حياة المواطنين. ويبقى الحل الانسب والأنجع للتعامل مع هذا القرار وهو الرفض المجتمعي له وعدم الانصياع لأوامر الانقلابيين والضغط عليهم بكافة الوسائل. ايضا الحلول والتفاهمات السياسية فعالة ولكن ليس بالطريقة التي يريدها الحوثيين.