طالب نائب مدير عام الهيئة العامة للبريد مدير عام منطقة بريد الضالع، الأستاذ سامي صالح البرطي، الحكومة والتحالف العربي إلى استعادة خدمة صرف الرواتب عبر البريد بدلا عن المصارف الخاصة.. مشدداً على ضرورة استعادة فاعلية مؤسسات الدولة باعتبارها الضامن الحقيقي لمصالح المواطنين بدءا بالهيئة العامة للبريد. وكشف أن وزارة المالية تقف خلف إحالة خدمة صرف الرواتب إلى المصارف الخاصة ومندوبي المحافظات، مستغلة بذلك وضع الحرب، مشيرا إلى حالات فساد كبيرة نتج عن هذا التوجه. وتحدث البرطي عن مشاكل ومعوقات تواجه هيئة البريد وعن حلول ناجعة لها، في سياق اللقاء التالي. التقاه : وضاح الأحمدي بداية نرحب بك أستاذ سامي على صدر صفحات صحيفة عدن الغد، ومن خلال اللقاء نود معرفة كيف تجري الأمور لديكم في مكتب بريد الضالع؟. مرحباً بك وبصحيفة عدن الغد، واشكر اهتمامكم بأوضاع فرع الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي بمحافظة الضالع. اعمالنا تجري على أفضل حال مقارنة بباقي الفروع في المحافظات المحررة، حيث اننا الفرع الوحيد الذي ينتظم بصرف رواتب كافة موظفي الدولة في مختلف القطاعات ولم تتوقف هذه الخدمة رغم الحرب، وبشهادة وزارة المالية التي أكدت قولي سالفا، لكن لا يعني ذلك أننى في منأى عن الحرب وتأثيراتها الكبيرة التي انعكست على أداء الفرع مثل باقي فروع الهيئة في المحافظات. ما هي هذه الآثار ؟. كثيرة واهمها انعدام الأمن أثناء وبعد الحرب إضافة إلى غياب الدولة وانعدام فاعلية سلطاتها خصوصا الرقابية والإشرافية وارتفاع التكاليف، واستبدال مصارف القطاع الخاص بالبريد في تنفيذ بعض الخدمات المصرفية سواء الحكومية أو المقدمة من المنظمات الدولية، والأهم من ذلك إيجاد الوضع الراهن الذي مثاليا لتنامي الفساد العام على حساب الوطن وحقوق المواطن. كيف استطاع بريد الضالع أن يتجاوز هذه الصعوبات خلافا لباقي الفروع في المحافظات المحررة؟. لأننا عمل وفق ضوابط ومسارات مؤسسات الدولة، وقدمنا تضحيات جسيمة كادت أن تكون حياتنا كإدارة وموظفين ثمنا لها أثناء الحرب من خلال اصرارنا على استمرار العمل وأن تطلب الأمر التنقل من منطقة آمنة إلى أخرى، وقد حصل ذلك عندما نقلنا العمل مؤقتا إلى مديرية قعطبة، كما أننا كثفنا جهودنا وفق قناعة وطنية بعيدا عن الأنانية أو الانتماءات لغير شرف الوظيفة.. ولا أخفيك أننا لم ننجح في صرف رواتب موظفي المحافظة فحسب بل تجاوزنا ذلك إلى صرف رواتب محافظات أخرى في أحايين عدة، لذلك أصبح فرع الضالع نموذج لجميع فروع لمحافظات المحررة، لأن جميع موظفي الدولة تصرف رواتبهم عبر البريد، على خلاف الكثير من المحافظات المحررة مثل لحجوعدن وأبين وشبوة حيث تصرف الرواتب عبر المصارف الخاصة أو مندوبين في المحافظات يعملون بدون ضمانات ويستقطعون مبالغ كبيرة من رواتب الموظفين وتضع المواطن خارج سياق الدولة، كما أنني وبجهود ذاتية وشخصية، تابعت نقل 800 متقاعد في الداخلية والدفاع من أبناء المحافظة، إلى بريد الضالع بعد أن كانوا موزعين على محافظات عدة. بصفتك نائب المدير العام للهيئة العامة للبريد، من السبب في تحويل صرف الرواتب من البريد إلى المصارف الخاصة كما هو الحاصل في عديد محافظات محررة ؟. السبب الرئيس هو النهج الذي تنتهجه وزارة المالية، وهي ايضا مرتبطة بالحكومة ذاتها، فثمة مسئولين استغلوا وضع الحرب من أجل الإثراء الشخصي حيث لا توجد جهات رقابية أو أمنية أو قضائية تضبطهم، فعمدوا على الصرف عبر القطاع الخاص وفق آليات عمل غير مقيدة بمعايير قانونية متعلقة بالضمان والشفافية، ويتم ذلك بمنح هذه المصارف أموالا عبر شيكات لتصرف بمدة زمنية مفروضة عليها مدتها أسبوع، وتعاد المبالغ المتبقية إلى المسئول المختص بالصرف في المالية بل إن بعض المبالغ يتم استعادتها إلى منزله مباشرة، فيما البريد يعتمد البريد مدة شهرين وتعاد باقي الرواتب إلى البنك المركزي اليمني عبر آليات صرف قانونية تتبع كافة معايير الشفافية، ويستطيع الموظف الحصول عليها ولا يمكن لأي طرف أن يصادرها، أضف إلى ذلك عدم تمكن المصارف الخاصة من إيصال هذه الرواتب إلى مراكز المديريات لعدم وجود فروع لها وتقتصر على مراكز المحافظات وعبر صراف واحد في كثير من المحافظات كما هو لدينا في محافظة الضالع، ما يعني أن المستحقين في المناطق النائية ينفقون نصف المبلغ في السفر وربما الإقامة في المدينة نتيجة الازدحام وآليات الصرف غير الميسرة، على خلاف البريد الذي يصرف الرواتب عبر فروعه في مراكز المديريات ويوفر للمستفيدين الكثير من الجهد والمال. كيف يمكن تجاوز هذه الكارثة؟. من الأهمية بمكان إعادة تفعيل مؤسسات الدولة باعتبار الدولة هي الهدف الأسمى للمواطن الذي يقدم التضحيات الجليلة والكبيرة من أجل هذا المبدأ، وعكس ذلك يعني باختصار تدمير الدولة ومصادرة طموح وحقوق المواطن بدولة تمنحه الحق المكتسب بكل مسئولية ووفقا لضوابط قانونية وتشريعية يستطيع من خلالها صون حقه أو استرداده حال حصل خطأ معين، لذلك لا يمكن لأي دولة أن تقوم على القطاع الخاص، باعتبار الأخير قائم على قاعدة الربحية دون سواها من الحقوق الأخرى المكتسبة للمواطن، منها جودة الخدمة وسهولة الحصول عليها وقلة التكلفة والجهد كما وتأمين حياته من خلال مساهمته في إنعاش الاقتصاد الوطني وتطويره، وبالتالي عكسه لخدمة المواطن ذاته من خلال تنفيذ مشاريع إنمائية وتطويرية تستهدف مجمل قطاعات الحياة. ونحن في الهيئة العامة للبريد، نعاني مثلما تعاني باقي مؤسسات الدولة المختلفة، نتيجة هذا الخلل الذي أحدثته الحرب؟. هل ستقفون مكتوفي الأيدي أمام سيطرة المصارف الخاصة على خدمات الصرف؟. فيما يتعلق بالهيئة العامة فلدينا أولويات منها تأسيس مركز الهيئة بعدن، وبعدها سوف لن نقف مكتوفي الأيدي ابدا، اما فيما يتعلق بفرع الضالع فلم تستطع المصارف الخاصة سحب خدمات الصرف من البريد خصوصا رواتب موظفي القطاع العام، لكننا أيضا نعمل من أجل تمكيننا من خدمة صرف المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية وخدمات أخرى، وإزاء ذلك قمنا بمتابعات عدة لدى السلطة المحلية بالمحافظة أو رئاسة الحكومة وقدمنا شروحات مفصلة عن عديد قضايا تخص هذا القطاع الهام، وقدمنا مقترحات مكتوبة لرئيس الوزراء، وناقشنا هذه المقترحات بقوة لبحث الحلول بعد ايضاح اثار استمرار القطاع الخاص في القيام بمهام مؤسسات الدولة فيما يتعلق بصرف رواتب موظفي الدولة، وطالبناهم بإقرار معالجات سريعة واستعادة مكانة مؤسسات الدولة، ومنها على سبيل المثال صرف مستحقات المستفيدين من مكتب الرعاية الاجتماعية بالمحافظة، التي نفذتها منظمات دولية عبر القطاع الخاص وبتكلفة كبيرة وفق آليات صرف مرهقة للمستفيدين كما أن بعضهم ممن سقطت أسماءهم وجدوا صعوبة في متابعة الحصول عليها، لعدم وجود جهة مسئولة محددة، فيما لو تم ذلك عبر البريد لكانت عكس ذلك. كيف تم ذلك؟. مستحقات مكتب الرعاية تقدم من المنظمات الدولية بالدولار وتسلم بالدولار للقطاع للخاص الذي يسلمها للمستفيدين بالعملة المحلية ويستفيد من العملة الاجنبية، بينما الأخرى أن تستفيد منها الدولة من من خلال إيداعها البنك المركزي وتسليمها للمستفيدين عبر مؤسسات الدولة لضمان دعم العملة المحلية وإعادة قيمة صرفها الذي يشهد تراجعا يوما بعد آخر، وبحسب تقديرات مدير عام مكتب الرعاية بالمحافظة فإن أكثر من 80 مليون دولار ذهبت كعمولات لشركات الصرافة في القطاع الخاص، وهي الجهات التي عملت بكوادر غير مؤهلة وهدفها مؤقت فقط، فيما تم حرمان البريد من حقه في القيام بهذه المهمة وتركوه بلا عمل، " فلا هم اعطوه الموازنة التشغيلية المستحقة، ولا هم منحوه فرصة العمل كي يحصل من خلالها على موازنته بنفسه ويستمر في تقديم خدمة عامة للناس"، كما أن هذه الأموال الطائلة التي يحصل عليها القطاع الخاص، لا يعكس منها فلسا واحدا للدولة، ورغم كل ذلك لم يحقق القطاع الخاص نتائج جيدة في عملية الصرف هذه، لاعتماده على خطط صرف مؤقتة وآليات معقدة عبر كوادر غير مؤهلة وليس لديها خبرات وتجارب سابقة، إضافة إلى فرضه شروط مجحفة بحق المستفيدين، ومعروف للجميع أن أغلب المستفيدين من الرعاية هم من المناطق النائية ومن الوسط الأمي الذين يعتمدون على البصمة أثناء تسلم مستحقاتهم لعدم قدرتهم على الامضاء والتوقيع، فكيف لهم أن يقدموا شكاويهم وتظلماتهم حال حصل خطأ معين ، عبر البريد الالكتروني؟. لذلك كان الأحرى أن تحال المهمة للبريد باعتباره الأجدر في تنفيذها استنادا إلى تجاربه وامتلاكه قاعدة بيانات متكاملة عن المستفيدين، وكذا كوادر جاهزة ومؤهلة وآليات صرف متبعة وشفافة تعتمد السهولة واليسر والوصول الآمن للمستحقات إلى مستحقيها، وبأقل القليل من التكاليف والجهود. ما هي الخدمات التي يقدمها بريد الضالع ؟. أبرزها خدمة صرف الرواتب،. وهذه اذا تم استغلالها فنحن لسنا بحاجة إلى القطاع الخاص، حيث أننا ننمي القطاع العام ونفعل مؤسسات الدولة بعد إشراك كافة السلطات واهمها الرقابية لمكافحة الفساد، وهنا توجد الدولة.. إضافة إلى خدمة الحوالات، وخدمة التوفير البريدي التي بلغت نسبة أرباحها 15,6 %، وهي خدمة مهمة تقدم للناس من خلال تنمية الادخار لديهم وضمان الحصول عليها، كما أنها مهمة للدولة من خلال جمع مبالغ مالية كبيرة جداً من مختلف المحافظات والمديريات في البلاد في عملية لا يستطيع القيام بها غير البريد، ووضعها في البنك المركزي، وبالتالي تنشيط الاقتصاد وتوفير تكاليف طبع عملة جديد نتيجة منع تكدسها لدى القطاع الخاص او منازل المواطنين أنفسهم. هل بإمكانكم توسيع خدماتكم المصرفية لتشمل رواتب الموظفين في الجيش والأمن؟. نحن على أتم الاستعداد لذلك، سواء في الضالع أو باقي المحافظات المحررة، وسيتم ذلك استغلالا لانتشار مكاتب البريد، ومستعدين لصرفها بشكل مثالي وأفضل بكثير من القطاع الخاص أو الوضع القائم. هل قدمتم مقترحا حول ذلك للجهات المعنية؟. نعم قدمنا مقترحا للأخ محافظ محافظة الضالع، وبدأنا ذلك بتوقيع عقد مع المحافظ لصرف مجموعة من المنتدبين والمفرغين والمعاقين ومنهم قريبين من سن التقاعد، من الذين كانت تصرف رواتبهم عبر القطاع الخاص. كم بلغت أموال التوفير لديكم ؟. بالنسبة للمؤسسة فقد بلغت أكثر من 52 مليار ريال، أما بالنسبة للمحافظة فاعتقد أن إبقاء خدمة صرف كافة رواتب موظفي الدولة عبرنا هو بحد ذاته نجاح كبير في ظل وضع الحرب وما آلت إليه أمور الصرف إلى القطاع الخاص في باقي المحافظات، كما أن أننا لا نقتصر في تقديم هذه الخدمة لمديريات الضالع المحررة بل أيضا المديريات التي ما تزال تحت سيطرة الميليشيات الحوثية مثل دمت وحُبن والحشأ. كم إيرادات فرع الضالع خلال العام المنصرم؟. ما يقارب 192 مليون ريال، رغم توقف خدمة الحوالات لدينا وجميع المحافظات، بسبب صراع مركز الهيئة بصنعاء والحكومة بعدن على السيولة ومنع الايداع بين المحافظات المحررة والغير محررة، رغم أهمية الخدمة التي بلغت إيراداتها ذات عام أكثر من 18 مليون ريال. ما هي أبرز الصعوبات التي تعانون منها؟. عدة، لكن أبرزها الوضع العام الذي خلفته الحرب وما نتج عنه ضعف لأداء الدولة في كافة سلطاتها، إضافة إلى ارتفاع التكاليف والنفقات، واستمرار ربطنا بشبكة صنعاء، الأمر الذي دفعنا إلى تأسيس مركز الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي بعدن، كما أننا نعاني من عدم الجلوس معنا من قبل المعنيين في الحكومة لمناقشة موضوع الموازنات التشغيلية لفروع هيئة البريد في المحافظات المحررة عدا فرع الضالع طبعا ، الأمر الذي يهدد بإغلاق الفروع حال استمر انقطاع الموازنة. يخيفنا أيضا استمرار نقل صرف الرواتب من البريد إلى مصارف القطاع الخاص، وبمساعدة وزارة المالية ذاتها، فبدلا من الحد من هذه المشكلة نجدها تتطور كل عام أكثر من الذي سبقه. هل لديكم خطط تطويرية أو مشاريع للعام الجاري؟. من الصعب الحديث عن خطط ومشاريع ونحن بلا كيان يمثلنا إلى الآن على اعتبار أن مركز الهيئة ما يزال بصنعاء، لكنني اعتبر أن انجاز تأسيس مركز الهيئة بعدن والذي نعمل عليه حاليا هو أبرز مشاريعنا، لذلك ارجو من الحكومة والجهات المعنية مساعدتنا في إكمال ذلك.. حينها سنلتقي مجددا وتكشف لكم كل خططنا وبرامجنا المستقبلية. ختاماً.. كلمة تودون قولها؟. نرجو من الحكومة والتحالف العربي وكل من له علاقة، استكمال تطبيع الأوضاع واستعادة فاعلية مؤسسات الدولة، وإعادة خدمات الصرف للبريد، ووضع دعم استكمال تأسيس مركز الهيئة العامة للبريد بعدن على رأس أولويات الاهتمام، وتوفير كل الاحتياجات من بنى تحتية وأصول بشقيها البرمجي والادوات والالات ، واستقدام خبراء لمساعدتنا على تأسيس مركز عصري يلبي طموحات العمل والمستفيدين، ويمنحنا الاستقلال عن مركز صنعاء، ونحن على ثقة أن المواطنين سيكونون خير مساند لنا في استعادة خدمات الصرف عبر البريد بدلا عن القطاع الخاص، باعتبارهم أكثر من عانى نتيجة غياب هذه الخدمة.