أهداني أخي وصديقي الأستاذ ناصر الوليدي باكورة أعماله الأدبية التي رأت النور في الآونة الأخيرة تحت مسمى (كريستيانا الفاتنة) وهي عبارة عن مجموعة قصصية توحي لك وأنت تترنح ثملا بين ثناياها بأنك أمام علم من أعلام القصة القصيرة، وتنبئك عن رجل قرأ من كتب الأدب الحديث والقديم ومناهجه ما لم يقرأه كثير من أدعياء الأدب، فهي تعطيك فكرة عن رجل ذي حس مرهف يستطيع بريشته الساحرة أن يأخذ عليك كل جوارحك مرغما إياك على الانعزال في عالم كتاباته غارقا في البكاء أحيانا وضاحكا أحيانا أخرى مما جعلني أستحضر قول صديقنا وزميلنا الأستاذ أبي الحارث حينما قال: " لدى الأستاذ ناصر براعة في أن يقنعك بأن هذه التي أمامك زهرة فواحة ومن ثم يقنعك بأنها شوكة غدارة" . ومن خلال مقاربة لهذه المجموعة القصصية تجد الكاتب على إلمام واسع بعناصر القصة القصيرة وجمالياتها ، فالكاتب على اطلاع واسع بجديد القصة العالمية ومناهجها الحديثة واتجاهاتها ، ولعلي لا أبالغ إن قلت أن الكاتب من أبرز الكتاب الذين استطاعوا تطويع الحياة اليومية وصبها في غالب أدبي يرغم القارئ على قراءتها، فالقصص توحي بأنها وليدة البيئة التي ترعرع فيها كاتبها مع تغيير المسميات أو الإشارة إليها من طرف خفي ، وفي الختام لا يسعني إلا القول بأن أبا زين قد اقتحم الميدان الأدبي بخطوات واثقة تعكس خبرة صاحبها وترسل رسالة إلى إدعياء القصة بإعادة ما ينشرون من خربشات تحت مسمى الأدب الحديث، وتبعث رسالة إلى النقاد بأن يكونوا عونا للأدباء في تقويم اعوجاج بعض الروايات بعيدا عن التطبيل المبالغ فيه لبعض الأسماء التي لا تعرف من جماليات القصة إلا الاسم فقط .