لم تأتِ أصالة معدن بعض الرجال ونفاسته من فراغ، بل هي ثمرة فطرة إلهية سليمة سُقيت بماء التربية على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور والتمسك بالقيم والمبادئ الفاضلة، وصينت من علل الأخلاق وأمراض القلوب وما يخل بالمروءة والرجولة. إن الإنسان لا يمكن أن يوصف بأنه ذو معدن نفيس إلا إذا تحلى بصفات الرجولة من الصدق والكرم والشجاعة والوفاء والحلم والأناة والمروءة والشهامة والنجدة والنصرة، وتعلقت نفسه بمعالي الأمور وابتعدت عن سفاسفها وتوافهها، يحب العمل والجد والمثابرة ويكره الكسل والخمول، ذو عقل وبصيرة لا يتبع هواه ولا يخضع لشهوات نفسه ويتحكم بانفعالاته.
الشدائد والمحن هي من تكشف حقيقة معادن الرجال ويظهر جوهر ما تكنه نفوسهم من (أصالة) أو (خساسة)، وما تحمله شخصيتهم من قيم ومبادئ راقية أو مصالح ومطامع ومنافع مادية (شخصية) بحتة. ومما يقول الإمام الشافعي، رحمه الله : (جزى اللهُ الشَّدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي
وما شُكري لها حمدا ولكن عرفتُ بها عدوي من صديقي).
قلت ما قرأتم.. فقولوا عني ما شئتم.. فلم أعد أكترث لزعيقكم..