صحيح أن إطلاق النار في الأعراس والمناسبات ظاهرة قديمة وليست وليدة اللحظة وهي إحدى المعضلات الاجتماعية التي ظلت الضالع وغيرها من المناطق تعاني منها أيما معاناة ، لكن الظاهرة استفحلت اليوم بشكل أوسع وأصبحت أكثر خطراً وتهديداً لحياة الناس وممتلكاتهم . إذ لم تعد تستخدم أعيرة الكلاشنكوف والسلاح الخفيف وحسب في إطلاق النار في الأعراس كما كان الحال في السابق ، بل قد تطور الأمر إلى استخدام مختلف أنواع المعدلات وعيارات الرشاشات المتوسطة ، وكذلك القنابل اليدوية الصوتية التي صُنعت في الأساس لإرهاب العدو ونشر الخوف والذعر في صفوفه وإجباره على الفرار والتقهقر أو الاستسلام نظراً لشدة صوتها ودوي انفجارها المخيف ، وغير ذلك من الأغراض العسكرية ، وليس لإقلاق السكينة العامة وترويع الآمنين ..!!. ولا يخفى على كل ذي عقل وبصيرة العواقب الوخيمة لإطلاق النار في الأعراس والمناسبات ، فقد تتحول الأفراح والحفلات إلى أحزان ومآسٍ ومآتم ، كما أنه إسراف لا طائل منه ، وتبديد للمال فيما لا ينفع ، ولا تتوقف تلك العواقب على أصحاب الأعراس لوحدهم فحسب ؛ بل أنها تشكل تهديداً مباشراً على المجتمع وتلحق الأذية والإزعاج بعباد الله وتعرض حياتهم للخطر ، فضحايا الرصاص الراجع في تزايد مستمر ، ولهذا فلا غرو أن نرى اليوم الكثير من الأسر تتجنب الصعود إلى السطوح أو الخروج إلى فناء المنازل للجلوس فيها والترويح عن النفس هرباً من لظى الحر وجحيمه الذي لا يطاق في ظل الانقطاعات المتكررة والطويلة للتيار الكهربائي ، كما أن الرصاص الراجع قد يلحق أضراراً مادية لايستهان بها ومنها إعطاب أسلاك وكابلات الهاتف والكهرباء ، وكذا ألواح الطاقة الشمسية التي قد يصيبها التلف ويستحيل إصلاحها إذا اخترقتها الرصاصات الراجعة ، وقد يعجز الكثيرون بعدها عن شراء غيرها بعدما ارتفعت أسعارها في الآونة الأخيرة بصورة جنونية تكاد لا تصدق ، فيضطرون حينها إلى قضاء ساعات ليلهم في الظلام الدامس ، وغير ذلك من الأضرار .. فعلى مطلقي النار أن يكفوا أيديهم عن أذية الناس وليعلموا أنهم إذا لم تطلهم يد القانون وعدالة الأرض ؛ فعدالة السماء لن تخطئهم أبداً !! وما يحز في النفس أن مطلقي الرصاص قد تجردوا حتى من القيم الإنسانية وانسلخوا من مكارم الأخلاق التي تحلى بها الأجداد والآباء ، إلى درجة قد وصل بهم الحال إلى أنهم لا يراعون مشاعر الآخرين من أسر الشهداء أو أهالي ضحايا الأوبئة ، ولا يكترثون لحالهم حتى وإن كانوا يقطنون في منطقة واحدة ، فتجد في ذات الحارة منزلاً قد توشح بالسواد حداداً على مصابه الجلل ، وتجد بيتاً آخر يقيم الأفراح والليالي الملاح على وقع الرصاص " المحرق " و " المفرقع " ..!!. ختاماً على الأجهزة الأمنية في الضالع أن تتحمل مسؤولياتها وتضع حداً لهذه الظاهرة المتخلفة الجاهلية الهمجية التي تؤرق المجتمع ، وتمنع إطلاق النار في الأعراس منعاً باتاً ، وتطبق القرار على الجميع وبدون استثناء ، وإنزال أقسى العقوبة بحق كل من يخالف ويستهتر بأرواح الناس وممتلكاتهم ما لم فإنهم شركاء في إزهاق الأرواح البريئة . زكريا محمد محسن