* العالم المعاصر عاش فكرة الأقليات وصنع منها اشكالية عنصرية ستجني الشعوب كدرها * اندفع الاستعمار نحو قارات العالم وكان يبحث عن مسوغ يمنحه الحق في اخضاع الشعوب لسلطانه * حركت التاريخ كانت كفيلة بدمج كل أعراق البشرية في بعضها غير أن خمائر نزعة الجنسانية لا تزال باقية * السياسية استخدمت الأقليات العرقية بأساليب تناقضية خلقت عاهات مستدامة في جسد الحضارة المعاصرة * بعض صور السياسات الدولية اتخذت من مسألة الأقليات ورقة ضغط على الدول الضعيفة * أسباب اندلاع الصراعات العنصرية والطائفية تكمن في ارتباط المجتمعات سلبياً بالموروث التاريخي * الأقليات في بعض شعوب العالم الثالث استخدمت لتدمير الأنظمة وتمزيق الجغرافيا وتفتيت الشعوب * بعض الدول ذات الأطماع السياسية تنظر لمسألة الأقليات الراهنة كفرصة لتوسيع دائرة تأثيرها * تتسم بعض الأقليات الأعراقية في عالمنا الثالث بالقابلية للتعنصر والعنف والفوضى والعمالة الخارجية * فرض الوصاية والهيمنة حالة تعيشها أغلب بلدان الصراع في المنطقة العربية ومنها اليمن * نموذج الهاشمية الحوثية يعكس سيكولوجيا متأصلة في نفسية العلوية التي تدعي نظرية البطنين في اليمن والمنطقة * سلوك الجماعة والأسر المرتبطة بها عرقيا يؤكد أن قانونها الاستعلائي فوق القوانين الوطنية والدولية * 1180 عام من الدجل والعنصرية مارستها الأسر السلالية في اليمن باسم الحق الإلهي والعرق المقدس * اليمنيين يحلمون في تعايش آمن ومستقر في ظل دولة مساواة وقانون تختفي منها نزعات الأقلية الاستعلائية ............. رئيس الهيئة التأسيسية لتيار نهضة اليمن الدكتور/علي البكالي ، كتب مقالا في صفحته على الفيس بوك بعنوان: "الأقليات ومستقبل المواطنة في العالم الثالث" اليكم نص المقال كاملا : كتب عدد غير قليل من المثقفين والباحثين عن مشكلة الأقليات في العالم الثالث باعتبارها مفتاح المشكلات السياسية، وخاصة في المنطقة العربية، والواقع إن العالم المعاصر أيضا قد عاش مشكلة الأقليات بأشكال مختلفة، وصنع منها اشكالية عنصرية ستجني شعوب العالم كدرها. مسوغ نفسي في مراحل معينة من تاريخنا الحديث، اندفع الاستعمار نحو قارات العالم بشكل جنوني، وكان في اندفاعته يبحث عن مسوغ نفسي وثقافي يمنحه الحق في اخضاع تلك الشعوب لسلطانه، فكانت فكرة الأمة المتفوقة والجنس المتفوق، والعالم المخلص، وكان التمييز العنصري بين الأجناس سيد الموقف . فينكلكراوت ونتيجة لذلك ظهرت بعض التوجهات العنصرية في الفكر الغربي المعاصر، مثلها المفكر الفرنسي"فينكلكراوت"الذي حمل فكرة استعادة- "الهوية الأوروبية النقية التي لا يمكن ابتلاعها"، وإيمانويل كانط” (1724 – 1804).حيث قسَّم الأجناس البشرية حسب اللون، فجعل أكثر الأجناس تطورًا وذكاء ومساهمة في بناء الحضارات هي الأجناس البيضاء، تليها الأجناس الصفراء، ثم الأجناس السوداء، ثم تأتي الأجناس الحمراء – مثل الهنود الحمر وشعوب القارة الهندية – كأسوأ الأجناس ذكاء وأقلها تطورًا. مشروعية الاستقلالية ومثلهما المفكر الإنجليزي “ديفيد هيوم” (1711 - 1776) في إقصائه للأعراق غير الأوروبية حيث يقول: “أنا لا أشك أبدًا أن الزنوج وجميع أنواع البشر هي بالطبيعة في مستوى أدنى من الإنسان الأبيض”وقد أسهمت هذه الصورة الشيفونية في تجذير فكرة الأقليات العرقية والأجناسية التي كانت خمائرها في حالة كمون، تفتش عن مستند معاصر تنتزع منه مشروعية الاستقلالية الاجتماعية. هجرات متعددة ولم تكن المجتمعات الشرقية بمعزل عن هذه النزعات الأعراقية الأجناسية، فشعوب العالم كلها خليط من هجرات متعددة، ويستحيل بشكل قاطع أن نجد مجتمعاً آرياً خالصاً دون أخلاط من أعراق متعددة، فحركت التاريخ البشرية كانت كفيلة بما فيه الكفاية بدمج كل أعراق البشرية في بعضها، غير أن خمائر نزعة الجنسانية لا تزال باقية وفاعلة سيما في الميدان السسيولوجي. عاهات مستدامة وإذا كان ادعاء التفوق الأجناسي في الفكر الحديث قد شجع ظهور النزعات الأعراقية في عالمنا المعاصر، فإن السياسية قد استخدمت الأقليات العرقية بأساليب تناقضية خلقت عاهات مستدامة في جسد الحضارة المعاصرة، ففي بعض الأحيان واجهت الأقليات سياسات تمييزية عنصرية، وتمّ استبعادها أو التقليل من وجودها في الحياة السياسية، أو الاجتماعية في عدد من البلدان، وذهبت بعض الأنظمة الحديثة إلى اتخاذ سياسات عنصرية، كسياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأوغندا حتى ثمانينات القرن المنصرم، وصراعات البيض والسود في أمريكا حتى منتصف القرن المنصرم وغير ذلك. أعاقات دائمة وقد حاول العالم المعاصر معالجة مثل هذه الاشكالية من زاوية حقوقية إنسانية، من خلال قوانين ومعاهدات حقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فأعطت الأقليات حق العيش والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين، غير أنه تجاهل دور العامل السياسي في تغذية هذه النزعات وتحويلها إلى مشاكل واعاقات دائمة للدول والشعوب أمر آخر. الدول الضعيفة بعض صور السياسات الدولية اتخذت من مسألة الأقليات ورقة ضغط على الدول الضعيفة، ومدخلاً لطريق آخر غير الانصاف والمشاركة والاندماج الاجتماعي، حيث تستغل هذه الأقليات لزعزعة الأمن والاستقرار في بلدان وجود تلك الأقليات، وقد يصل الأمر إلى دعم تلك الأقليات بالمال والسلاح بهدف تغذية النزعة الانفصالية عندها، وحثها على التمرد، والكفاح المسلح، وأخيرًا الانفصال عن الدولة الأم. الموروث التاريخي يلزمنا الإقرار بحقيقة أن التنوع بأشكاله المختلفة، المذهبي والطائفي والعرقي والثقافي، سمة أساسية للمجتمعات المعاصرة، وأن الدول تتمايز طبقاً لكيفية التعامل مع هذا التنوع وإدارته، غير أن الأسباب الكامنة خلف اندلاع الصراعات والتوترات العنصرية أو الطائفية، تكمن في ارتباط المجتمعات سلبياً بالموروث التاريخي، على نحو يجعلها حبيسة للتاريخ ومرتهنة له. تمزيق الجغرافيا في حقيقة الأمر إن مسألة الأقليات في بعض شعوب العالم الثالث استخدمت كالمفجر، لتدمير الأنظمة وتمزيق الجغرافيا وتفتيت الشعوب، ذلك أن لغة الأعراقية والأقليات العرقية، وجدت لها مستنداً دينياً في ادعاءات القرشية والهاشمية والبطنين، وفي صور أخرى عديدة، وقد استخدم هذا المستند لبعث الطائفية كصورة تمزيقية مصاحبة لدعوات المظلمة والأقلية، ثم ما فتئت أن تحولت إلى عنصرية استعلائية مقيتة، تحمل السلاح لتفرض استعلائها العرقي وادعائها العنصري بالقوة القهرية، كما هو الحال مع الحوثية في اليمن. فلسفة التوطين تتسم بعض الأقليات الأعراقية في عالمنا الثالث بالقابلية للتعنصر، و القابلية للعنف والفوضى والعمالة الخارجية أكثر من غيرها، ذلك أنها لا تعيش فلسفة التوطين والمواطنة، ولا تشعر بمستند التاريخ والهوية الجامعة، لذا فإنها تنزع لخلق هوية مستقلة تعارض الهوية الوطنية للشعب، وعصبية أعراقية تناهض مفاهيم المواطنة والقانون والعدالة، وتفرض نفسها من منطلق سياسة العنف والقوة والاستيطان العرقي حتى في مؤسسات الدولة، إذ لا تقبل أن يشاركها أحد من غير جنسانيتها وعرقها في نشاط مشترك أو وظيفة سياسية أو اجتماعية. الوصاية والهيمنة وتنظر بعض الدول ذات الأطماع السياسية لمسألة الأقليات الراهنة كفرصة لتوسيع دائرة تأثيرها وسيطرتها الإقليمية والدولية، فتقوم بتظخيم دور الأقليات ودعمها سياسيا وعسكريا لتفتح لها في جدار الأوطان ثغرات للنفوذ والتدخل، وصولا لفرض الوصاية والهيمنة، وهي الحالة التي تعيشها أغلب بلدان الصراع في المنطقة العربية ومنها اليمن. الهاشمية الحوثية إن نموذج الهاشمية الحوثية الأعراقية في اليمن يعكس سيكولوجيا متأصلة في نفسية الأقلية العلوية التي تدعي نظرية البطنين في اليمن والمنطقة، فعلى الرغم من كون هذه الأقلية مهاجرة استوطنت اليمن كما استوطنت غيره، وأتيح لها على مدى طويل أن تحكم البلد الذي هاجرت إليه، وأن تصبح هي رأس السلطة، سواء في فترات الإمامة المتلاحقة، أو في مرحلة الانقلاب الحوثي الراهن، إلا أن سلوك هذه الجماعة والأسر المرتبطة بها عرقيا، لا يزال يؤكد أنها تعيش نفسية العصابة والفيد والسطو، وأن قانونها العرقي الاستعلائي فوق كل القوانين الوطنية والدولية. الدجل والشعوذة 1180 عام من الدجل والشعوذة والكهانة والاستبداد والعنصرية مارستها الأسر السلالية في اليمن باسم الإمامة والبطنين والحق الإلهي والعرق المقدس، وكنا نعتقد أن ذلك قد أصبح جزءاً من الماضي، وأن المدنية المعاصرة ستضع هذه الأسر السلالية على عتبة وعي وطني وانساني يجاوز بها عقدة النقص، وشعور الاستعلاء العرقي، غير أن ظهور الحوثية ووصولها إلى السيطرة الانقلابية على السلطة وعلى جغرافيا واسعة من اليمن. أقلية عرقية وظهور سلوكياتها العنصرية الاستعلائية من جديد، قد أعاد لأذهان اليمنيين جميعاً المشكلة والمأساة في صورتها الحقيقية المتمثلة في استعلاء أقلية عرقية وافدة، تدعي استقطاع اليمن من قبل الرب، واستعباد أهله، رافضة الاندماج باليمنيين طيلة قرون، ولا تزال في كل مرحلة تفتعل حروباً طائفية وأعراقية لتفتيت الدولة، وتجزئة الجغرافيا، وتمزيق النسيج الإجتماعي. تعايش آمن ومستقر صورة عكسية لا توجد سوى في اليمن، فإذا كان العالم كله يتحدث عن إنصاف الأقليات ومنحها حقوقها، فإن اليمنيين يحلمون فقط في تعايش آمن ومستقر في ظل دولة مساواة وقانون تختفي منها نزعات الأقلية الأعراقية الاستعلائية المفجرة للحروب والصراعات والدماء والدمار والانقلابات المسلحة في كل جيل، فهل يقبل هؤلاء بمواطنة متساوية وقانون سائد على الجميع لا تمايز فيه ولا تمييز؟.