حسين الوردي.. اسم معروف، لكنه صار اسما متنوع الدلالات، على امور غنية بالقيم الرائعة والمثل العليا التي اصبحت في ايامنا هذه مجرد كلام فارغ، وسعي خايب لتحقيق الآمال، واهم هذه الآمال تنمية الثروة. وكم يطيب لي بين الحين والآخر ان ابتعد عن الكتابة في الادب والفن، مجال كتابتي الاساسي، لاكتب في المجال الانساني والإخواني، عن بعض الشخصيات التي تستحق ان يكتب عنهم، لكن الكتابة عن حسين الوردي فيها جانب من الحديث عن الابداع، وفي مقدمتهم هذه الشخصية المحيرة التي تبقى على دهشتك واستغرابك من مجالات عطائها المتنوعة والمتقابلة حتى تحسبها في البداية مفتعلة، ثم تقترب اكثر من الرجل وتتعرف اكثر على اسلوب تفكيره وعلى قناعاته الفكرية الناشئة عن تربية اصيلة اجتماعية ودينية، ثم ممارسة وتجارب ومعايشة ملاصقة للواقع المعاش. وهذه امور ينبغي الكتابة عنها لانصاف الرجل واعطائه حقه من الاشادة، ولن يختلف معي الا المختلفون معه واصحاب المصالح التي لم تتحقق. هو حسين عبدالحافط الوردي، من ابناء يافع، وينتمي لاسرة كريمة ومحافطة ومتدينة، وهو رئيس الغرفة التجارية والصناعية بلحج ورئيس الملتقي الاقتصادي الاول، وهو بذلك رجل اعمال وصاحب رأسمال، ويسعى لتنمية ثروته، لكنه يسعى لذلك بطرق شرعية وبطرق حلال.. وقلة من اصحاب المال يفعلون ذلك، ومن يدفعون ما للدولة للدولة وما لله لله، وهو يشدد على التجار من موقعه هذا على دفع الضرائب والرسوم المستحقة، وهو كثير الدعم في المجال الخيري ارضاء لضميره وكسبا لمرضاة الله، مما ادخله في صراع مع المحيطين به من التجار واصحاب رؤوس المال، وعرضه لكثير من المضايقات من بعض المتنفذين ولولا لطف الله لقتلوه، وصدور حكم صنعاني من محكمة صنعانية بمصادرة امواله لصالح خصوم من صنعاء، لولا ان الله حكم في الموضوع لصالحه في الوقت المناسب. وله انجازات صناعية كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، افتتاح نحو 45 مصنعا بلحج ضمت عددا كبيرا من الايدي العاملة. وفكره السياسي قائم على تحقيق العدالة الاجتماعية ، فهو ينبذ الحرب ولا ينجر للاحزاب السياسية المتناحرة اصلا ويرى انها من اهم الاسباب المؤدية لتخلف المجتمعات، ويرى ان الحل يجب ان يكون اقتصاديا من خلال تطور وازدهار ونهضة الصناعة والزراعة، وقد اعد دراسة لنهضة الزراعة باقامة اتحاد زراعي بين ما اسماه المثلث الرباعي، تعز ولحج وعدن وابين. وهو في هذه القضايا واضح الرؤية ثابت الرؤية لايخشى في الله لومة لائم، مما يعرضه لمضايقات بني جلدته من باب الحقد والحسد، فقد اجريت معه حوار عام 2009 نشر في صحيفة(الثورة) قال فيه موجها حديثه فيما يشبه النصيحة لرئيس الجمهورية الاسبق علي عبدالله صالح، يرحمه الله، انه اذا اراد البقأء في الحكم فان عليه الاهتمام بالشباب وتشغيلهم، ما لم فانه مهدد بثورة شبابية ستطيح به وبنظامه. قال له ذلك في مرحلة لم يكن فيها علي عبدالله صالح يتقبل رأيا او يقبل نصيحة، وبعد عامين فقط، تدفقت ثورة الشباب التي اطاحت به وبنظامه.
يبدو انني يجب ان اختصر، فللرجل اسهامات كثيرة، من ابرزها اسهامه في مجال الابداع والثقافة، وقد بدأ احتكاكه بالمبدعين في المنتديات الثقافية،لنكتشف حبه للابداع والمبدعين، وسعيه ليحقق العمل الابداعي ربحا من خلال الاغنية مثلا، وعلى سبيل المثال الاغنية الرائعة للفنان سعد مانع(عدن عدن) التى رأى انها اغنية سياحية بامتياز، ثم تلك الندوة التي نظمها بجامعة عدن عن وسائل النهوض بالاقتصاد الوطني ودور الابداع في هذا الجانب، ومنحته الجامعة على ذلك الدكتوراه الفخرية، ثم رحلة القافلة لمنتديات عدن ولحج وابين لمحافظتي تعز واب.. واخيرا المؤتمر الصحفي الذي عقده في كلية صبر بلحج بعنوان(براءة الذمة) في شهر مارس الماضي ، وفيه تحدث بصراحة عن مساوئ التجار ورجال المال والاعمال الذين لا يهمهم سوي تحقيق الربح الوفير، وفي المؤنمر كرم عددا غير قليل من المبدعين ورجال الصحافة والاعلام. وكل تلك الفعاليات كلفه ملايين الريالات.
وقد حذرته حينها من خطورة هذا الحديث عليه باعتباره رئيسا للغرفة التجارية والصناعية، فكان رده ان كل شيء بأمر الله وانه انسان مؤمن بالله، ولم يزل الخطر قائما حتى الان، فقبل نحو شهر عقد اجتماعا في بيته مع مجموعة من رجال الاعمال والتجار ، هم يطالبونه بالحصول على مزيد من الامتيازات من الغرفة وهو يطالبهم بتسديد ما عليهم من متخلفات للدولة من ضرائب ورسوم وغير ذلك. نعم، اطلت الحديث هده المرة عن حسين الوردي، لاني خفت ان اموت قبل ان افي هذا الرجل العظيم حقه.