إن ما تعيشه بلادنا اليوم من إنفلاتات امنية واقتصادية واجتماعية وصحية وسياسية ليس الا ثمرة جهودنا المبذولة في وضع الحبل على القارب. عندما تكون حبال السياسة على قاربها لا تخلو مكاتب اصحابها من الغش والتزوير والخداع والنفاق وعدم الإخلاص في الامانة الموكلة لهم ، لذلك نجد الإنفلات الأمني مستباح بلا حسيب ولا رقيب ، بالمقابل نجد أن خزائن القائمين عليها لا تخلو من السحت. وعندما تكون حبال الصحة على قاربها نجد أن المستشفيات والعيادات جل من فيها بلا شهادات ، وأن الوساطات تلعب دورها في جامعات الطب ، تعطي من لا يستحق وتستغني عن المستحق ، نجد أن الصيادلة يمارسون مهنة الأطباء في التشخيص والمعالجة، والممرضون يتاجرون بالأدوية الموجودة في مخازن المستشفيات. عندما تكون حبال التربية على قاربها نجد أن المعلم لا يبذل قصار جهده في ايصال المعلومة لأن مُرتبات المدرسين لم تعد كافية مقارنة بمُرتبات الجيش والمجالات الاخرئ ، نجد الطالب يرفع صوته على معلمه والآخر يدخل الصف بيده سجارته وآخر على عِراك مع آخر وكل هذا والمعلم في سبات عميق. وعندما تكون حبال الاقتصاد على قاربها تجد أن عملة الدولة بلا قيمة ، وأن التجار يديرون الاسواق بالارقام القياسية التي لا توافق عقلاً ولا دين ، بل تجد أن قيمة السلع تختلف من سوق إلى آخر وعلى وجه الخصوص من محل إلى آخر. وعندما تكون حبال الدين على قاربها نجد ابشع الجرائم والمنكرات ترتكب بأسم الدين ، والنهب والسرقة والتزوير وعدم قول الحقيقة ، ونجد من يفعل المنكر ظناً منهُ انهُ يفعل المعروف ، ونجد من يفعل المعروف سمعة ورئاء الناس ،ونجد من لا يفعل معروفاً ولا ينكر منكراً ، ونجد القائم على اموال المسلمين لا يهبهم حقهم ، ونجد آكل اموال اليتيم ، إلى غيرها من ما يُرتكب بأسم الدين والدين والله ورسوله في غنى عن ما يفعلهُ هؤلاء ، الا من رحم الله. عندما تكون حبال الحب والإحترام بين شرائح المجتمع على قاربها ، نجد أن الجار لا يحترم جاره ، والإبن لا يقدس أبيه والبنت لا تسمع أمها والأخ ينظر إلى اخيه بريبه ، حتى صاحب التكسي البسيط الذي ينشرح القلب عند الركوب معه على صوت القران من اذاعة سيارته البسيطه لم يعد يهتم بوظيفته كاسائق بل قد يرفع اسعار الاجرة ويستغل حاجة الناس اليه ، الكل لم يعد يريد البساطة وقد انعدمت بيننا بالفعل. للأسف الشديد إن ما تعانيه بلادنا من انفلاتات لا تُحصى ولا تُعد ، وكل ذلك يعود "عندما وضعنا الحبل على القارب.