لا يبخل التاريخ بنحت و بحروف من ذهب أسماء و تاريخ العظماء , و ايضاً قصصهم الأسطورية و أعمالهم البطولية ، التي كانت السبب في إحيائهم في عالم العظماء بعد موتهم , هذه الأعمال التي غيرت مجرى حياة أمة ، و أخرجتهم من الظلمات إلى النور . فالتاريخ لا يهتم ولا يعرف صغير او كبير ولا ابيض او اسود او كنت من الطبقة الراقية أو الدانية ، بل يهتم بالعمل الذي أنجزته ، والذي كان السبب في رفع شأن شعبك وتحريرهم . فقمة المعاناة التي تدل على أن العظمة لا تنقش بسهولة في كتب التاريخ ، هو ما حدث لنيلسون مانديلا الذي سجن سبعة وعشرين سنة لأجل مبدأ ( مناهض للعنصرية ) ، آمن به و لم يتنازل عنه ، علماً بأنه ليس فقط التاريخ الذي يعظمك بل ايضاً شعبك الذي يتفاخر و يتغنى (بعد موتك) بإسمك وعملك ، ليسمعه لكل ذرة في هذا الكون على مدى العصور كلها . فهل يستغل الفرصة اللواء ركن/ عيدروس الزبيدي ، رئيس المجلس الأنتقالي ، و ينقش إسمه في تاريخ الجنوب ، ليس بحروف من ذهب بل بحروف من ماس ، و يصنع ما عجز عنه سابقيه ، بإستثناء فخامة الرئيس/ عبدربه منصور هادي الذي نقش إسمه في تاريخ الجنوب بحروف من نور ، بالرغم أنه رئيس لشمال والجنوب وتحت أنظار التحالف والمجتمع الدولي وفي ظروف صعبة ولم يتنازل عن ذرة تراب من هذا الوطن ، فهل يحذو اللواء الركن / عيدروس الزبيدي حذوه ، ويكون كأول جنوبي يجمع الجنوبيين عن بكرة أبيهم تحت راية واحدة ، و يشرك كل الفصائل الجنوبية (التي ناضلت من بعد الوحدة الى يومنا هذا) القديمة و الجديدة ، المتحابة و المتخاصمة ، المسالمة و المتحاربة في ماهو قادم لمستقبل الجنوب ، و أن لا ينسى الشباب فهم عين الحاضر و رؤية المستقبل ، وينهي المناطقية في الحكم التي أصبحت كالمسلمة التي سيطرت على أرضنا لعدة عقود .. فالفرصة متاحة لعيدروس بأن يكون البلسم الذي يجمعنا ، و الدواء لألأم صداع المناطقية ، و الجرعة التي تشفينا من سرطان تكرار نفس السيناريوهات التي دمرت حياة جميع الجنوبيين على مدى العقود الماضية . فيجب أن يعلم جميع الجنوبيين ، و في مقدمتهم اللواء الركن/ عيدروس الزبيدي ، بأن النضال الجنوبي سواء كان بالسلاح أو بالكلمة أو بالقلم أو بالحجر أو بالدعم المالي ، الذي بداء بعد الوحدة إلى هذه اللحظة ، لا يمكن أن ينسب إلى فصيل واحد و يهمل بقية الفصائل ، أو تهميش الفصائل القديمة و تحكم الفصائل الجديدة ، فمثل ما شاركت جميع الفصائل في النضال بكافة أنواعه وعلى مدى جميع المراحل، يجب أن يشترك جميع الفصائل في الحكم و يعطى كل حق حقه ، فالتهميش هو القلب النابض لزوبعة مشاكلنا فيما بيننا ، و ايضاً الغنيمة التي يستغلها أعدائنا كسلاح ليعمقوا الخلاف و التفرقة فيما بيننا .. فالقائد الحقيقي الذي يفرض عشقه وفخره في قلوب شعبه، بل هو القائد الذي يجعل العدالة كنبض قلبه و يطبق العدل حتى على أقرب الأقربين ، و يجعل المساواة كهواء رئته حيث يعامل الشعب كأولاده فلا يميز ولد عن ولد ، و يجعل التضحية كنظره ، فيصبر على عمى عينيه لأجل شعبه يرى ، و يجعل الشفافية سمعه ، فيستمع لجميع الفصائل القريبة و البعيدة ، و يرى مصلحة شعبه أغلى من روحه التي خلقت لخدمة تراب هذا الوطن الغالي . فعلى جميع الجنوبيين و في مقدمتهم اللواء الركن/عيدروس الزبيدي أن يتحدثوا مع أنفسهم عبر قلوبهم و عقولهم و يسألوا : هل هناك عدالة بأن ننسى و نتجاهل النضال و الكفاح ، الذي ورث الشهداء والجرحى والسجناء و الدماء و التعذيب الجسدي والنفسي , الذي عاناه كلآ من حركة موج وحركة تاج وجمعية المتقاعدين العسكريين والنضال السلمي و الحراك السلمي الجنوبي ، الذين ناضلوا ولم يستسلموا ولم يتنازلوا عن مبادئهم , رغم أنهم عذبوا بالتهميش عن العمل و قطع الرواتب و الأعتقال و التعذيب و التهديد الشخصي و الأسري وايضاً بالأغتيال ، علماً بأن هؤلاء المناضلين ناضلوا في أطول و أقسى و أصعب الظروف ( عكس الظروف الحالية ) التي سالت فيها الدماء ، لأجل فقط رفع علم الجنوب ، و كانوا مستعدين لتزهق أرواحهم ، لأجل تحقيق بقية أهدافهم النبيلة الوطنية ... فمن الظلم تهميش هؤلاء الفصائل المشحونة بهولاء المناضلين ، و لا يعقل أن نرد لهم هذا الجميل النضالي الأستثنائي بالظلم و التهميش الذي كان السبب الرئيسي في قيام ثورة الجنوب السلمية بكافة مسمياتها ، ونصبح بقسوة الشماليين ، فهل يعقل من كانوا بالأمس ضد الظلم ، اليوم يظلموا بعضهم البعض ..