دأبت وسائل الاعلام بمختلف انواعها , ومن دار في فلكها من وسائل الاعلام الشقيقة والدولية ترديد صفة ( الانفصاليين ) على تجمعات الحراك المليونية , وصفة ( الانفصال ) على القضية التي يناضلون من أجلها , وهي التسمية التي حاولت جيوش حرب 1994م على الجنوب اطلاقها بعد البيان التاريخي يوم 21 مايو 1994م المطالب بفك الارتباط , والاعتراف بالدولة الجنوبية السابقة مرة اخرى . هذه الوسائل الاعلامية تدرك بلا شك مدلول الكلمة لدى المتلقي عالي الثقافة , الملم بالتاريخ الجيوسياسي حتى ان وزير الاعلام اليمني السيد العمراني حينما غرد في الاسبوع الاول من مارس 2013م حول حتمية الوحدة , ومحال الانفصال هكذا اورد ( الانفصال ) وعندما تطرق الى الكلمة الصحيحة لقضية الجنوب اعطاها صفة نكرة , وقال (( او ما يسمى بفك الارتباط ) لان الجميع يعرف ان فك الارتباط لا يعني الانفصال , فك الارتباط يحصل بين شيئين اندمجا في شكل واحد , ثم عن لأحدهما العودة الى شكله الصحيح , اما الانفصال فيعني بتر جزء من جزء تام وهذا ما هو ليس بحاصل في قضية الجنوب , فالشمال كان دولة قائمة بذاتها تدعي الجمهورية العربية اليمنية , والجنوب دولة بدأتها تدعى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , اندمجتا في وحدة طوعية بموجب اسس ومواثيق واتفاقيات أخل بها طرف , فنادى الطرف الآخر بفك الارتباط .
ومن المؤسف انه في لقاء المبعوث الاممي جمال بن عمر في الاسبوع الاول من مارس في امارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة , ببعض قادة دولة الجنوب السابقين , حينما اراد الرئيس السابق السيد / علي ناصر محمد يدلل عدم جدوى الوحدة لدى الجنوبيين بعد حرب 1994م فقال بعد ان كان الجنوبيون يؤيدون الوحدة بقوة وبنسبة مئوية عام 1990م اصبح الآن 96% يريدون .... الانفصال .. وأظنها جاءت عفوية وبحسن نية , وفي حينها تنبه السيدان حيدر أبوبكر العطاس وعبدالرحمن الجفري , فصحح الاول بل ( فك الارتباط ) وأردف الثاني بل ( الاستقلال ) ولم تفت على الصيادين في المياه العكرة هذه الواقعة , فراحوا يؤولونها من منظورهم حول الوحدة , والاستقلال , وفك الارتباط وما يعتمل داخل انفسهم .
وقد سمع جميع من حضروا جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل , الذي بدأت في صنعاء صبيحة يوم الاثنين 18 مارس 2013م ان المتحدثين حول القضية الجنوبية لم يذكروا كلمة الانفصال بل نادوا بحق تقرير المصير وفك الارتباط والبعض اطلق على الجنوب صفة البلد المحتل . وكذا المساندين للجنوب من غير أهله .
قادة الجنوب للحراك السلمي الجنوبي , حين رفضوا الانخراط في هكذا حوار , لأنهم يدركون الفرق بين الحوار العام والحوار التفاوضي , فالسيد بن عمر يصرح دوما بأنه لا يملك حل للقضية الجنوبية .... لماذا ؟ لان المبعوث الدولي يعرف ان هذا الحوار يمكن ان يفضي الى شئ او لا شئ , وبالعودة الى العام 1967م حين ارادت بريطانيا إعطاء الجنوب الاستقلال , طلبت وفداً للتفاوض , وليس للحوار , ونجدها مناسبة لنقول ان بريطانيا نبهت الوفد المفاوض حين ذكر اسم اليمن إنها تفاوض , باسم الجنوب العربي , وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها ومثبوته في وثائق الاستقلال للجنوب , ولا يزال بعض المفاوضين أحياء أطال الله أعمارهم كالسيد / خالد محمد عبدالعزيز .