شهدت محافظة المهرة مظاهرات هزيلة للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات في ظل مساعي للسيطرة على المهرة والمطالبة بفرض الادارة الذاتية ،في حين احكمت قبائل المهرة السيطرة على منافذ المحافظة لتفادي دخول مسلحين للمحافظة . وحاول المجلس الانتقالي شراء ولاءات في المهرة ونجح بكسب شخصيات في قبائل ال عفرار لكن القبائل نجحت بعقد مجلس قبائل ال عفرار وانتخاب زعامات جديدة للقبائل عفرار . وفي ظل التطورات الاخيرة في المهرة ظهرت ردود افعال محلية وإقليمية تبين ملامح الصراع ،وعبر محافظ المهرة عن رفضة لتصعيد المجلس الانتقالي بالمهرة موجهاً رسائل مباشرة وغير مباشرة للامارات وقال المحافظ محمد علي ياسر على تويتر "السلطة المحلية والجيش والأمن لن يسمحوا بتكرار إنقلاب عدن وسقطرى في المهره مهما كلف الثمن وعلى الأمارات ان تعرف ذالك جيداً". واضاف"قلتها أكثر من مرة ان السلطة المحلية والجيش والأمن وشيوخ قبائل ووجهاء وشخصيات عامة ومواطنين من محافظة المهرة يرفضون رفضا قاطعاً أي تحركات للانتقالي في المهرة وانه لا توجد لهم أي قابلية فيها وعلى من يدعمهم ان يكف يده عن تغذية الفتن وترك محافظة المهرة". وعلق العميد السعودي حسن الشهري على مظاهرات الانتقالي بالمهرة بالقول"المحافظه الوادعه (المهره) تنتصرعلى ارهاب الحريزي والاخوان والحوثي اذرع الارهاب الدولي الايراني والتركي والقطري ،وتنتظرالمحافظه ان يترجم المجلس الانتقالي ذلك بمنحهااداره ذاتيه تقطع السبل على العملاءلمنع تهريب السلاح والمخدرات والمال الحرام لمن يساهم في قتل مستقبل الشعوب في المنطقه". اما السياسي الاماراتي خلفان الكعبي فقد علق على مظاهرات الانتقالي بالمهرة مغرداً "ميليشيات الأخونج ومن يعاونهم ممن تخطاهم الزمن والمترديه والنطيحه يستميتون لمنع المسيرات السلمية في المهره،مضيفاً"بغض النظر جرت المسيرات ام لا المهم ان الاداره الاخونجيه مرفوضه وغير مقبوله، والمجلس الانتقالي هو خيار أهل المهره المهره احد محافظات الجنوب العربي العائد وبقوه المهره" . فيما علق حاتم الحزيزي الناشط من ابناء المهرة "اعتقدوا ان اتخاذ الطابع المدني سيغطي اعمالهم المليشياويه وان المظاهرات ستكون وسيلتهم لتهريب الاسلحه والعصابات الى الغيضه عاصمة المحافظه يريدون نشر الفوضى وتنفيذ الاغتيالات واسقاط المؤسسات الحكوميه بدعم من اسيادهم وبطرق اصبحت مكشوفه وقديمه"،واضاف"ابناء المهره وقبائلها لم يعرقلوا اي مظاهرات سلميه للإنتقالي المدعوم من الاحتلال السعودي الاماراتي اللذي حدث القبائل والقوات الامنيه استحدثوا نقاط تفتيش لمنع دخول اي عصابه مسلحه قادمه من خارج المحافظه". ويبدو ان المهرة الواقعة شرقي اليمن على حدود عُمان قد دخلت مستنقع الصراع الإقليمي لكن هذه المرة عُمان احد اطرافه. وتشترك المهرة مع ظفار العمانية في شريط حدودي هو الأطول ويبلغ 288 كيلو مترًا، ومنها خرجت ثورة ظفار التي استمرت 10 سنواتٍ حتى عام 1975، وكادت تتسبب في الإطاحة بعرش السُلطان قابوس الذي أدرك بعد القضاء على التمرد أهمية المحافظة من منظور أمني، خاصًة أنها ترتبط بصلاتٍ قبلية معها، بالإضافة إلى أنّ العديد من العائلات المهرية يحملون جنسياتٍ مزدوجة، ومنازل على جانبي الحدود، لذا عمدت عُمان منذ الوحدة اليمنية عام 1990 إلى احتواء وتجنيس المحافظة وتركيز استثماراتها في اليمن في تلك البقعة التي تعادل مساحتها الكبيرة مساحة دولة الإمارات. ومنذ الاضطرابات التي عصفت باليمن منذ ثورة فبراير (شباط) عام 2011، إلا أنّ المهرة لم تتأثر اقتصاديًا بفضل اعتمادها على الأسواق العُمانية للحصول على الوقود والمواد الغذائية، وهو ما مكّن لها استقلالًا عن باقي المحافظات التي تأثرت بتبعات الحرب، لكنّ النفوذ العُماني لم يدم طويلًا دون منافسة من الإمارات؛ فبعد شهرٍ واحدٍ من تدخل التحالف العربي، قام الرئيس اليمني بعزل محافظ المهرة الأسبق الشيخ محمد كدة الحليف الأبرز لسلطة عمان وحامل جنسيتها؛ مما أثار احتمالات أن الإطاحة جاءت بضغوطٍ إماراتية؛ لأنه رفض سياسات أبوظبي. وحاولت الإمارات الدخول الى المهرة عبر الهلال الاحمر الاماراتي الذي كان سبيلاً لتوسيع نفوذها وشراء الولاءات القبلية وكسب شخصيات مؤثرة وحاولت بعدها إنشاء معسكر تدريب وتشكيل قوات النخبة المهرية بعد استقطابها لشخصيات قبلية ومنحتهم الجنسيات الاماراتية لكن الحضور العًماني كان اقوى وترسل عُمان إلى المهرة إحتياجاتها من المشتقات النفطية والمساعدات الإنسانية والطبية وغيرها مادفع الإمارات للانسحاب من المهرة بعد فشلها بمواجهة النفوذ الجغرافي والسياسي لعُمان . وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017، دخلت القوات السعودية المحافظة واستولت على مرافقها الحيوية، بما فيها مطار الغيضة وميناء نشطون ومنفذي «صرفيت» و«شحن» على الحدود مع عُمان، لكن التحركات قوبلت باحتجاجاتٍ واسعة، ومواجهاتٍ مع رجال الأمن المحليين مسنودة برجال القبائل التي رفضت التدخل الأجنبي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)عام 2019اجرى نائب وزير الدفاع السعودي، المسؤول عن ملف اليمن، خالد بن سلمان،زيارة إلى العاصمة العمانيةمسقط، لبحث ملفات من بينها المهرة والمفاوضات مع الحوثيين .
ويشكل بالنسبة لعُمان الوجود السعودي والاماراتي تهديدًا صريحًا دفعها للتحرك إجباريًا لاعتماد مواقف سياسية لحل الأزمة اليمنية عبر مساعٍ عمانية للتدخل وسيطًا لإنهاء الأزمة والوصول إلى تسوية سياسية كونها الوحيدة التي امتلكت قنوات اتصال مفتوحة مع الحوثيين، وهو التحرك الذي أضاف بُعدًا علنيًا للصراع الخفي حين اتهمت صحيفة «الحياة» اللندنية – المملوكة للأمير خالد بن سلطان – في وقت سابق مسقط بتهريب أسلحة إلى الحوثيين عبر حدودها مع المُهرة، وهو الاتهام نفسه الذي نفته عُمان مسبقًا بعدما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين أن إيران صعدت عمليات نقل السلاح للحوثيين عبر طريق سلطنة عمان. وتعاني عُمان من خلافات تاريخية مع أبو ظبي حول ترسيم الحدود وفي عام 2011 تأزّمت العلاقات الثنائية بين مسقط وأبو ظبي بشكل أكبر عندما كشفت عُمان النقاب عن شبكة تجسس إماراتية زُعم أنها كانت تخطّط للإطاحة بنظام السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، على الرغم من نفي الإمارات وجود أي صلة لها بهذه الشبكة. لكن يبدو أن هناك أسباباً أخرى كانت المحرك الأساس للمعركة حسب معهد كارلينغ للدراسات، أهمها عدم ثقة الرياض في عُمان، التي تعدها حليفاً لإيران في الخليج، وممراً كبيراً لصواريخها للحوثيين، رغم نفي السلطات العمانية لهذه الادعاءات مرات عديدة. وتسعى السعودية منذ عقود لبناء خط أنابيب نفطي يعبر المحافظة باتجاه بحر العرب، لتصدير النفط السعودي بعيدا عن مضيق هرمز، الذي تحول إلى معبر تجاري غير آمن، بسبب التوترات مع إيران، وتهديداتها المتكرر بإغلاق المضيق في وقتٍ تعتمد فيه المملكة النفط مصدرًا رئيسًا لاقتصادها؛ والمشروع نفسه أكثر فاعلية وأقل تكلفة نظرًا؛ لأن النفط سيعبر صحراءها الشرقية عبر المهرة مباشرة. * حسام الخرباش