الوطن ليست تلك البقعة من الارض التي ولدنا عليها وترعرعنا فيها ولا تلك الخطوط الحمراء التي تُرسم في أروقة السياسة بأشكالٍ بيانية على ورقةٍ يصنعها بعض السياسيين حسب ما تقضيه مصالحهم .
لا بل هي تلك الارض التي يجد عليها المرء معاشهُ ويصان فيها حقوقه وكرامته . و الجنوب ولأكثر من ثلاثة عقود لم يتمتعوا بهذه الرقعة الجغرافية التي ينطبق فيها الا ركان السابقه لأسبابٍ جيوسياسية أرادتها القوى منذ اتفاقية (الوحدة ) المشؤمة.
ولكثرة الظلم و التهميش.. الذي وقع على هذا الشعب إلا أن أغلب بعض الدول الاقليمية والعظمى على حدٍ سواء ممثلةً بحكوماتها لا زالت تُضاد تطلعات هذا الشعب فما إن أعلن رئيس المجلس الانتقالي الرئيس عيدروس الزبيدي عن الادارة الذاتية ِ حتى انهالت على المجلس الانتقالي أكوامٌ من التهم والشتائم . وشُيطن في أغلب وسائل الاعلامهم و وُصفهم بمخبارات بدوله صهيونية وغيرها من الاوصاف التي يشمئز النفس منها ولا زال السعيُ جارٍ لحصاره وتجويعه من الدول الاقليمية بمباركة حكومة الشرعية
وكأن شعبُ الجنوبي بدعٌ من الشعوب التي تطالب باستقلالها فبنظرة سريعة على ما نشرته بعض الصحف الاجنبية نجد أن الجنوب من الشعوب المتأخرة في هذا المطلب .
ففي 1/مارس/أذار 1993 أعلن البرلمان التشيكوسلوفاكيا إنشاء جمهوريتي (التشيك – وسلوفاكيا )وانشطرت الدولةُ نصفين بعد ثلاثة أعوام فيما سميت (بالثورة المخملية) .
وفي السنة ذاتُها أعلنت إريتريا استقلالها عن اثيوبيا ونالت في السنة التي تليها أرخبيل استقلالها عن مجموعة جزر ميكرونيزيا غرب المحيط الهادي علماً ان عدد سكانها حين ذاك كانت تبلغ واحداً وعشرون ألف نسمة . ومن ذات المنطلقات فإن من حق شعب الجنوبي ان يطالب باستقلالها ويسعى لتأسيس دولتة التي باتت مطلب جميع مكوناته وكفاهم ما عانوا من التهميش والدمار والاقصاء . وعلى الرغم من بعض التجارب الغير مثمرة ولا نلمس بوادر نجاحها الى الان ونخص بالذكر هنا تجربة (دارفور / جنوب السودان) ودعوى بعض المحليين وتخوفهم من تكرار ذات التجربة في إلا أننا نرى خلاف ذلك فا الجنوب لديها بنى تحتية متينة وحكومة محلية تدير شؤنها الذاتية لما يزيد من الثلاثة عقود استطاعت من خلالها أن تجعل من الجنوب بقعة آمنة ومزدهرة جذبت كبريات رؤوس الاموال والشركات العالمية والاقليمية وافتتح فيها الكثير من القنصليات وممثليات بعض الدول .
وأصبحت الجنوب سمعة طيبة بين دول العالم المتقدم وكانت لأكثر من مرة مركز العلاجات الناجعة لتشكيل الحكومة اليمنية وحلول أغلب المشاكل الحاصلة بين الاحزاب والكتل السياسية اليمنية
وكانت لبسالة قواتها المسلحة دورٌ مركزي في محاربة عصابات الاجرام (داعش) والجماعة الحوثية و من خلالها حصلت على الدعم العسكري واللوجستي من التحالف الدولي مما أعطاها زخماً أكبر في مواقفها الدولية والإقليمية على حدٍ سواء
وإن هذه الدعائم هي مرتكزات جيدة يمكن أن تستند عليها دولة الجنوب المنشودة رغم كم المعاناة التي ستلاقيها لمدةٍ غير يسره حال أعلنها الاستقلال نتيجة معارضة حكومة الشرعية المموله من بعض الدول الاقليمة المتخوفة من ذات المصير ولكنها ستنهض في ضوء المعطيات التي ذكرت فالنتائج تبنى على المقدمات وإن الجنوب مقدمات جيدة كما أسلفنا