تشهد جغرافيا اليمن سباق محموم بين القوى الإقليمية والدولية لتقاسم النفوذ في هذا الجزء المغمور من العالم. ويحتل اليمن موقعا استراتيجيا قلما نجد نظيره في البلدان الأخرى فهو يتحكم في البوابة الجنوبية لقارات العالم القديم، ويطل على ملتقى المحيطين الهندي والأطلسي، وجزره الكثيرة الممتمد من البحر الأحمر حتى وسط المحيط الهندي تشرف على طرق التجارة العالمية، وهو ما يجعله مطمعا للقوى الدولية من عدة زوايا، ذلك أن جغرافيته المتحكمة بطرق التجارة العالمية تعتبر من منظور أقطاب الصراع الدولي جغرافيا تحكم وسيطرة عالمية، كما أنها في ذات الوقت ذات أهمية بالغة من المنظور الإقتصادي اذ ستختزل وتسهل عملية التبادل التجاري بين القارات، وتصبح بمثابة ترانزيت للتجارة العالمية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.
كما اليمن يتربع على كنز ثمين من الثروات النفطية والغازية التي تقدر امكانية استخراجها ب 13 مليون برميل يوميا اذا ما استغلت، فضلا عن الغاز الطبيعي والذهب وغيرها، وهو ما جعل من هذا البلد مطمعا سياسيا واقتصاديا لدول الإقليم والعالم.
فيما مضى عملت القوى الدولية والاقليمية على اضعاف الدولة اليمنية ومحاصرتها بالمشكلات والمديونيات وافشالها بالاستشارات الاقتصادية التي أغرقت اقتصاد اليمن وهدت أركانه، وصيرت اليمن إلى دولة فاشلة، لا تجيد سوى انتاج الصراعات والحروب.
وما إن بلغت اليمن مستوى الدولة الفاشلة حتى دفعت دول الإقليم والعالم بثقلها لإنشاء ودعم مليشيا عنف طائفي ومناطقي للقضاء على ما تبقى من شكل الدولة المهترئة، واسقاط اليمن بيد المليشيا، ذلك أن سقوط الدولة بيد المليشيا سوف يسمع للمطامع الدولية والاقليمية بأخذ ما تريده من أطماع مادية وسياسية في اليمن، بل سوف يسمح لها بتقطيع اليمن وانتزاع ما يحلو لها من أراضيه وجغرافيه، ووضعه كبلد فاشل تحت الوصاية لسنوات طوال، يسهل فيها امتصاص خيرات البلد
ومن هذا القبيل يأتي استمرار دعم الخارج للمليشيا الحوثية والمليشيا المناطقية التي تمثل ملتقى المصالح والمطامع الدولية والإقليمية في اليمن، والأداة التنفيذية لهذه المطامع على أرض الواقع، وفي المقابل يستمر منع السلطة الشرعية من استعادة الدولة وبناء المؤسسات وتحرير الأرض من المليشيا، والإبقاء على حالة الفوضى والتمزق والتفكك، كونها الغاية الكبرى والمدخل الرئيس لإفشال الدولة وتحقيق المطامع الاستعمارية في اليمن. الكاتب والمحلل السياسي محمدعلي حيدره العولقي