المؤتمر والإصلاح.. تاريخٌ من التحالفات والخصومات السياسية ما هي أبرز المراحل السياسية لتحالف المؤتمر والإصلاح؟ ما الذي يتسبب بتفكيك هذه التحالفات وعودتها مراراً وتكراراً؟ كيف استغل الحوثيون الخلاف بين الطرفين منذ 2011؟ هل يمكن أن يكون تحالف الطرفين مدخلا للقضاء على الحوثي.. وكيف؟ هل نحن بحاجة إلى مصالحة تاريخية بين الإصلاح والمؤتمر؟ (المؤتمر والإصلاح).. هل حان أوان المصالحة؟ تقرير/ بديع سلطان: شهدت الأيام الماضية غزلاً سياسياً لافتاً بين قيادات أكبر حزبين سياسيين في اليمن، المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح. بدأ الغزل السياسي، عقب تعازٍ في وفاة شيخ قبلي على جبهات مأرب، المشتعلة حالياً مع المليشيات الحوثية، ولم يمر هذا الغزل مرور الكرام من تحت أعين المراقبين والمحللين. حيث رأى غير واحدٍ منهم أن ثمة بوادر للتوافق مجدداً بيت قوتين سياسيتين وشعبيتين، لا ينكر تواجدهما على الأرض إلا مكابر، وهو توافق إذا تم سينهي عقوداً من تأرجح العلاقة بين الحزبين. كما أن مراقبين توقعوا أن يؤدي عودة التحالف السياسي بين المؤتمر والإصلاح إلى إنهاء الأزمة السياسية التي كان الحزبان سبباً فيها منذ ما بعد الانتخابات البرلمانية (أبريل 1997). فمنذ ثلاثة عقود، واليمن غارقة في أزمات سياسية متلاحقة لم تنتهي، بسبب الأحزاب والتنظيمات السياسية التي أفرزها نظام ما بعد الوحدة اليمنية (مايو 1990). تاريخ المؤتمر تأسس المؤتمر الشعبي العام في ظل حقبة تاريخية كان شمال اليمن يصنف خلالها التحزب خيانةً وطنية، وكان صدى مقولة الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني "من تحزّب خان" تسيطر على المشهد العام للعمل السياسي. غير أن دوافع الراحل علي عبدالله صالح بتأسيس الحزب في (أغسطس 1982)، كانت تتركز حول إتاحة المجال لكافة التيارات والقوى السياسية للعمل السياسي تحت الضوء، بدلاً من (اللعب تحت الطاولة)، إن جاز التعبير. لهذا.. جمع المؤتمر الشعبي العام خليطاً متناقضاً من الانتماءات من أقصى اليمين (الحركات الدينية والقبلية التقليدية)، ومن أقصى اليسار (التيارات البعثية والاشتراكية والناصرية)، والتقى الجميع تحت قبة واحدة، سميت (المؤتمر الشعبي العام). ويبدو أن هذا الخليط الأقرب "للتهجين" كما يصفه المحللون، هو الذي جعل حزب المؤتمر يفتقر إلى "أيديولوجية" أو "فكرة نظرية أساسية" تقود عمله السياسي وتوجهه، ويشير هؤلاء المحللون إلى أن تواجد المؤتمر في السلطة باعتباره حزباً حاكماً لأكثر من 30 عاماً؛ هو ما حافظ على استمراره طيلة تلك الفترة، ولا شيء غير ذلك، وهو ما جعله الحزب الأكثر شعبية في اليمن وقتذاك. تأسيس الإصلاح بعد إقرار التعددية السياسية والحزبية في دولة الوحدة (مايو 1990)، خرج تيار سياسي ديني من عباءة حزب المؤتمر الشعبي العام، كما خرجت الكثير من القوى اليسارية واليمينية من ذات العباءة، وتأسس (التجمع اليمني للإصلاح) في (سبتمبر 1991). اعتمد الحزب الأيديولوجية الدينية الإسلامية، كمنطلق فكري لعمله السياسي، ولم يكن هو الحزب الديني الوحيد على الساحة اليمنية حينها، لكنه كان أكبرها وأكثرها انتشاراً، ومثل فوزه بالمرتبة الثانية في أول انتخابات برلمانية يمنية (أبريل 1993)، مفاجأة للقوى السياسية في البلاد. ومن هنا لفت الحزب الأنظار إليه كندٍ سياسي وحزبي، بغض النظر عن التوافق أو الاعتراض على سياسته وأساليبه، إلا أنه كان ثالث ثلاثة أحزاب حكمت اليمن بعد انتخابات 1993، إلى جانب المؤتمر والحزب الاشتراكي اليمني، عطفاً على استحواذهم على النصيب الأكبر من أصوات الناخبين حينها. تحالفات ما قبل تأسيس المؤتمر كان التحزب ممنوعاً في شمال اليمن، وكان الحزبيون مطاردين ومعتقلين، غير أن هذا لم يمنع نظام صنعاء من اللجوء للتحالف مع التيارات الإسلامية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وكانت تلك التيارات تمارس العمل السياسي بطريقة سرية. كانت التحالف مدفوعاً بظروف الحرب اليمنية اليمنية التي اندلعت بين شطري اليمن شماله وجنوبه أكثر من مرة (1972 و1979)، واستمرت مناوشاتها مطلع الثمانينيات، وتركزت في المناطق الوسطى من البلاد، وحينها لجأ نظام صنعاء للاستعانة بعناصر من التيار الإسلامي لمواجهة قوات الشطر الجنوبي التي كانت تتوغل بترسانتها السوڤييتة العتيدة حينها إلى داخل أراضي الشمال. واعتبر المحللون أن هذا التحالف- حتى وإن لم يكن معبراً عن حزبي المؤتمر والإصلاح- إلا أنه كان النواة الأولى لبداية التحالفات السياسية بين التنظيمين في فترات سياسية لاحقة. حرب صيف 1994 أفرزت أول انتخابات نيابية في اليمن حالةً من الاستقطابات السياسية التي لم تكن في مصلحة الحزب الاشتراكي اليمني، الذي بدا وحيداً وسط تقارب سياسي جمع المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح. وتحول هذا التحالف السياسي إلى تحالفٍ عسكري في الحرب التي اندلعت حينها (مايو 1994)، ليُذكر الجميع بما حدث في مطلع ونهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي في المناطق الوسطى من اليمن. تحالف المؤتمر والإصلاح ذاك، حتى وإن بدأ عسكرياً إلا أنه انتهى سياسياً عقب انتهاء الحرب، حيث تم إزاحة الاشتراكي من عضوية مجلس الرئاسة، وإضافة ممثلين اثنين جدد عن حزب الإصلاح. غير أن ربيع هذا التحالف لم يدم طويلاً، حيث بدأت بوادر خلافات تلوح في الأفق، مع اقتراب موعد انتخابات برلمان (أبريل 1997). تفكيك التحالف السياسي نتائج الانتخابات منحت حزب المؤتمر الشعبي العام الأغلبية المطلقة، وبات حزباً حاكماً، وتحول بموجبها حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى مجرد حزبٍ معارض، لكنه كان الأكبر مقارنةً بأحزاب المعارضة الأخرى. هذه المعادلة الجديدة فرضت واقعاً سياسياً لم تعتده أو تعرفه اليمن من قبل، حيث تحول العمل السياسي إلى مماحكات، وأصبح الوضع اليمني غارقاً في أزماتٍ سياسية متلاحقة، لم تخرج منها اليمن حتى اليوم. ورغم تأييد الإصلاح لترشح رئيس المؤتمر الشعبي العام، علي عبدالله صالح، لولاية رئاسية جديدة في 1999، إلا أن ذلك لم يمنع حقيقة تفكك التحالف السياسي بين الحزبين الكبيرين، وتبدلت إلى بؤر صراع أورثت واقعاً مغايراً تفاقم أكثر عقب انتخابات 2003 البرلمانية، التي شهدت اتهامات بالتزوير. ولم تمر سوى ثلاث سنوات حتى بلغ التنافر بين الحزبين أوجه، حين قدم الإصلاح مرشحه الخاص لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2006 الرئاسية، فيصل بن شملان، منافساً لعلي عبدالله صالح مرشح المؤتمر. هذه الواقعة عكست التفكك السياسي الذي وصلت إليه البلاد، فبحسب مراقبين فإن الممارسة السياسية حينها لم تكن صحية، ولم ترق إلى مستوى المنافسة الديمقراطية كأي بلدٍ آخر، بل كانت تمثل تعصباً سياسياً مزق النسيج الاجتماعي خلف تمترس غير مبرر. معايير العلاقات السياسية حاول الإصلاح بعد هذه الفترة، التقرب من الأحزاب السياسية الصغيرة، التي تصنف نفسها بأنها أحزاب معارضة، واستطاع مع الحزب الاشتراكي اليمني أن يجمع عدة أحزاب يسارية وتقليدية ودينية متناقضة الأيديولوجيات في مكون سياسي جديد عُرف باسم (ائتلاف أحزاب اللقاء المشترك) الذي وُلد في (2001). شكل (اللقاء المشترك) صدمةً للحزب الحاكم- المؤتمر- الذي لم يتصور تواجد ائتلاف مناهض ويضم أحزاباً تاريخية كالإصلاح والاشتراكي والبعث والناصري، حتى وإن كان بعضها ضعيف التواجد شعبياً وعلى الأرض. ومثلت حادثة اغتيال مهندس الائتلاف ومفكره والمنظر الأول لتأسيسه القيادي الاشتراكي، جارالله عمر، فرصةً من قبل حزب المؤتمر للتشكيك في استمرارية وجدوى الائتلاف الوليد. إلا أن المعايير السياسية، والضوابط التي تحكم العلاقة بين هذه الأحزاب هي من جعلتها تصمد داخل هذا الائتلاف حتى فترة ثورة "الربيع اليمني" (فبراير 2011). ويؤكد محللون أن ما يحكم العلاقة في تحالفات الحزبين (المؤتمر والإصلاح)، في مختلف المراحل السياسية هي المصالح المتبادلة، فهي التي تبني التحالفات متى ما وُجدت، والمصالح هي من تهدمها متى ما انعدمت. وبرزت هذه العلاقة في التمديد لمجلس النواب الذي حظيت به الأحزاب وممثليها في البرلمان اليمني، الذي لم يشهد أية انتخابات نيابية منذ 2003، ربما كان نتيجة خشية حزب المؤتمر الحاكم من قوة ائتلاف اللقاء المشترك الذي يضم أحزاباً متنوعة التوجه، إلا أن في النظرة الشاملة للقضية نرى أنها كانت قضية مصلحة. في المقابل كان ما يؤرق أحزاب اللقاء المشترك تنفيذ حزب المؤتمر الحاكم فكرة توريث الحكم لنجل رئيسه أحمد صالح، وهو ما توقف عنه النظام، مقابل عدم إجراء الانتخابات، فكان الأمر أشبه بخدماتٍ متبادلة، وفق آراء سياسيين. وهو تكتيك سياسي لم يختلف حتى اليوم، بل أنه يتكرر، تماماً كما هو الحاصل في الأحداث الجارية حالياً على الساحة اليمنية، وهو ما يرشح تجدده وفق أجندات ومصالح سياسية وعسكرية، بحسب محللين. الحوثيون يستغلون الوضع استمرت حالة التنافر بين المؤتمر والإصلاح طويلاً، وتجلت تفاصيلها وملامحها بشكل واضح خلال الأحداث الجسيمة التي كانت تمر بها اليمن، غير أن العنوان الأبرز كان المماحكات، واقتناص الأخطاء. بدت حرب صعدة في جولتها الأولى (2004) مجالاً مناسباً لتلك الحرب الحزبية والسياسية بين الجانبين، حيث تولى أنصار المؤتمر الدفاع عن موقف حزبهم الحاكم الذي يقاتل الحوثيين في أقصى الشمال، بينما كان أنصار الإصلاح وكافة أحزاب المعارضة التي شكلت (ائتلاف أحزاب اللقاء المشترك)، تعارض استمرار الحرب. وعلى ما يبدو فإن الحوثيين استغلوا هذا الوضع من التفكك السياسي في البلاد، وبنوا عليه استراتيجيتهم التوسعية، التي تكررت في حروب صعدة الست، واستمرت حتى (2009). إلا أن استغلال الحوثيين الأكبر لهذه الحالة غير المستقرة بين الإصلاح كأكبر حزب معارض، وبين المؤتمر الحزب الحاكم للبلاد، بدا أكثر وضوحاً خلال ثورة الشباب (فبراير 2011)، والتي كان فتيلها رفض التوريث من قبل الإصلاح، لهذا سرعان ما ركب الحوثيون الموجة، وشاركوا بفاعلية في اعتصامات الربيع اليمني. ورغم ترحيب الإصلاح (عبر أنصاره) بتواجد الحوثيين في ساحات الحرية والتغيير للاعتصام ضد النظام الحاكم، إلا أن الحوثيين رفضوا القبول باتفاقية المبادرة الخليجية التي قدمتها السعودية لحل الأزمة اليمنية (نوفمبر 2011)، في مقابل موافقة الإصلاح (كحزب سياسي) على المبادرة التي مهدت لرحيل صالح وحزبه عن سدة الحكم. وشارك الإصلاح وأحزاب المعارضة في حكومة الوفاق (2012)، إلى جانب حزب المؤتمر، بينما بقي الحوثيون في موقف المعارض لهذه الحكومة، معترضاً على كل ممارساتها وسياستها. توظيف خلافات المؤتمر والإصلاح اعتبر أنصار وحتى قيادات المؤتمر الشعبي العام أن حزب الإصلاح هو المتسبب الأول برحيل صالح، وانتزاع صفة (الحزب الحاكم) عن المؤتمر، لهذا دعموا توجهات الحوثيين المناهضة لحكومة الوفاق، التي كامت تُتهم بأنها خاضعة لتصرفات الإصلاحيين وقياداتهم. وباتت حكومة الوفاق التي ترأسها باسندوة حينها، في نظر الحوثيين وكأنها هي الحزب الحاكم الذي يستوجب إسقاطه، ولاقى هذا التوجه رضا المؤتمريين، الذين لم يكتفوا بالدعم المعنوي، بل أن رئيس المؤتمر نفسه تحالف مع الحوثيين عسكرياً لإسقاط الحكومة؛ بحجة خضوعها لتصرفات الإصلاح. وهو ما تم بالفعل عقب تظاهرات الحوثيين وحصارهم للعاصمة صنعاء وإسقاطها في أيديهم تماماً خلال (سبتمبر 2014)، والاستمرار بالسيطرة عليها حتى اليوم، بل وتوسعت المليشيات لتسيطر على معظم مناطق شمال اليمن. لهذا يُلقي سياسيون باللوم على الصراع الحزبي بين المؤتمر والإصلاح، باعتبارهما حزبين شعبيين كبيرين، تسببا من خلال صراعاتهما السياسية بإسقاط البلاد في براثن مليشيات طائفية فرقت ومزقت الهوية اليمنية، وتهددها بمزيدٍ من التشظي. تحالف لمواجهة الحوثيين! يقترح سياسيون أن هناك عوامل عديدة تتيح من خلالها للمؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح التكفير عن صراعاتهما التي أودت بالبلاد، وأضرا كثيراً بمصائر اليمنيين، وسمحت بالتدخل الخارجي، وسلمت الوطن لجنون المليشيات السلالية. ويرون أن التحالف الحزبي والسياسي بين الإصلاح والمؤتمر يمكن أن يتكرر اليوم، بصيغ وأشكال عديدة؛ تعمل على مقاومة المشروع الحوثي إعلامياً وسياسياً وعسكرياً. ويعتقد محللون أن هناك الكثير من العوائد المجزية لهذا التحالف متى ما تم، لعل أهمها توحيد الجبهة الجماهيرية والشعبية نحو العدو الحقيقي، وخلق البيئة السياسية لهزيمة المشروع الطائفي السلالي الذي يسعى للعنصرية والتفرقة بين أفراد الشعب الواحد. ومن تلك العوائد إيقاف حالة الاحتقان المتبادل بين إعلاميي الحزبين، وتوجيهها نحو الهجمات الإعلامية التي ينفذها الحوثيون؛ تمهيداً لتنفيذ مواجهة عسكرية ميدانية حقيقية تؤدي إلى الحسم. ولعل ما يشجع على تحقيق هذا الاقتراح هو امتلاك الحزبين لسابقة تاريخية، حققا من خلال تحالفهما مبتغاهما في إقصاء حزب منافس، هو الحزب الاشتراكي اليمني، (يوليو 1994)، وهو يدفعهما لتكرار ذات الأمر مع الحوثي. مصالحة تاريخية الوضع العام للبلاد ظل طيلة ثلاثة عقود تحت رحمة النزاعات والصراعات الحزبية والسياسية، عقب اعتماد التعددية السياسية والحزبية كنظام معترف به في البلاد (دستور 1991)، ومن خلال هذا الصراع عانت اليمن كثيراً من ويلات سياسية وعسكرية واقتصادية. فلماذا لا تتم بالمقابل، مصالحة تاريخية بين أكبر حزبين سياسيين حالياً، بصرف النظر عن غيرهما من الأحزاب التاريخية العريقة، والتي أفل بريقها وأزفت شعبيتها. ومن شأن هذه المصالحة والتحالف أن يتجاوز تاريخ التحالفات والصراعات بين الطرفين (المؤتمر والإصلاح) ويوجه طاقات الحزبين نحو الاستقرار والتنمية، وهو ما نحن بحاجة ماسة له. ولعل التقارب الحاصل مؤخراً بين قيادات الحزبين، بسبب التعزية بالشيخ القبلي المستشهد، تكون النواة الأولى لهذه المصالحة. تعليقات القراء 488671 [1] دولة دولة ياجنوب الثلاثاء 08 سبتمبر 2020 سالم باوزير | حضرموت م شبام هذة عصابات وليست احزاب اختارهم عفاش وعبدالله شعاطير وكانو يحكمون بيدهم المال والجيش خلاص فاتهم القطار طارعليهم الجيش واصبحوكل دجاجة على مرعاض كليوم لة دولة ورجال زمانكم ولالاتحلمو ان تتجمع الدجاج ثانية من معة شي معة عصرغيركم اليوم