كان لي الشرف في مشاركة عمال الجنوب الاحتفال بعيدهم الذي صادف 1/مايو2013م في عدن وفي مناقشات جانبية مع بعض العمال الجنوبيين لازال الجميع يتذكر مؤسسات ومصانع ومزارع الجنوب قبل عام 1990م والذي كانت تشغل آلاف الأيدي العاملة وتوفر للشعب الجنوبي ملايين الدولارات والاكتفاء الذاتي في الغذاء والملابس والقطن وغيرها من الاحتياجات الضرورية لشعب الجنوب.
حيث عدد لي بعض عمال الجنوب حوالي أكثر من ثمانين مصنع ومزرعة مازال يتذكرها ويوصفها وصفاً دقيقاً وكأن المستمع له ينظر إلى تلك المصانع والمزارع وما يحتويها من عمال وعاملات شعب الجنوب وكأنها خلية نحل .
والذي للأسف الشديد تم خصخصتها بشكل عشوائي وارتجالي والسيطرة عليها ونهبها بعد عام 1994م بطريقة ممنهجة كان القصد منها محو ذاكرة شعب الجنوب عن مقدراتهم الاقتصادية .
وتلك الخصخصة العشوائية أدت الى خروج ألاف العمال والعاملات من العمل وما صاحب ذلك من انتكاسة مادية ومعنوية لأولئك العمال وتضرر وتشرد أسرهم بقطع المورد الأساسي لهم ولعائلاتهم .
وأيضا فقدان الجنوب لبنية اقتصادية حيوية وناجحة مما اخل بالمعادلة الاقتصادية والاتكال على الخارج لاستيراد احتياجات المواطنين تحت رحمة تجار محدودين .
وقد شبه البعض تلك الإجراءات العبثية بمجزرة نفسية ومادية لمقدرات شعب الجنوب . وكان عمال وعاملات الجنوب يحتفلون بعيدهم العالمي وهم في أوج نشاطهم وجهودهم في تشغيل تلك المصانع والمزارع .
ولكن الآن يحتفلون وقلوبهم تقطر دماً وكمداً على تلك المنشئات والإجراءات العبثية لإلغائها.
ولم يكن هناك أي مبرر لخصخصة وبيع المصانع والمزارع والتي كانت في قمة نشاطها وعملها ونجاحها فمن لا يتذكر بسكويت اوسان الذي كان يصنع بأرقى الجودة والأسفنج والبلاستيك والمطابع والسفن ومصانع الأسماك والمزارع الهائلة للقطن والمانجو وغيرها كثير الكثير والذي مازال جميع أفراد شعب الجنوب يتذكرها بكل تفاصيلها.
والذي وزعت أراضي تلك المزارع والمصانع لأشخاص محدودين والبعض منها بيع بثمن بخس والآلات العملاقة للمصانع بيعت وتم تصديرها للخارج خردة بالرغم من انها كان اغلبها مازال يعمل مثل مصنع الطماط في لحج والكثير الكثير من المنشئات .
والبعض منها تم نقلها مثل محلج لحج للقطن تم نقلة الى محافظة الحديدة والكثير الكثير الذي تم بيعها ونهبها وتوزيعها وصرفها بشكل عبثي .
فان كان هناك من هدية يريد رئيس الجمهورية الأخ/ عبد ربه منصور هادي ان يهديها لشعب الجنوب فهو استعادة تلك المنشئات وسرعة تشكيل لجنة متخصصة لجمع وثائق وأوليات تلك المنشئات تمهيدا لاستعادتها ممن استولى عليها بشكل غير قانوني وإعادة تشغيلها وتشغيل شعب الجنوب في مزارعهم ومصانعهم .
وإعمال التجربة اليابانية في تشغيل تلك المنشات بمنح عمال تلك المنشئات الى جانب أجورهم العادلة نسبة معينة من أسهم تلك المنشئات تشجيعاً لهم في بذل أقصى جهودهم لإنجاحها
فشعب الجنوب معروف عنه ويمتاز بانه شعب يحب العمل بل يعشق العمل ولا يحس المواطن الجنوبي بذاته الا عندما يكون في إحدى مرافق العمل يزاول عملة بامانه وصدق ووطنية مخلصة.
وستكون اجراءات استعادة وتشغيل تلك المنشئات هي البوابة الكبرى لفتح باب الاستثمار الحقيقي في ارض الجنوب فلايمكن ان يكون هناك بيئة استثمارية جاذبة الا اذا كانت هناك بنية صناعية وزراعية يستطيع المستثمر ان يبني عليها فتشغيل تلك المصانع والمزارع بكفائة يجذب المستثمرين لبناء مصانع ومزارع اخرى لوجود عماله ماهرة ومحترفة في تلك المصانع التي يعملوا فيها والذي نأمل ان يتم تشغيلها لكن في ضل استمرار اغلاق تلك المصانع والمزارع والمنشئات وعدم تشغيلها لن يكون هناك أي توجه استثماري .
ولم تكن تلك الإجراءات العبثية لخصخصة مزارع ومصانع الجنوب وطنية فقط بل عابرة للقارات . فلايزال يتذكر شعب الجنوب مزرعة الجنوب في اثيويبيا التي كانت تؤمن اللحوم والحبوب والبقوليات لشعب الجنوب الى حد الاكتفاء والتي تم منحها ل جمهورية اليمن الديموقراطيه الشعبية من قبل اثيوبيا والتي تزيد مساحتها عن سته الاف هكتار زراعي من أخصب الأراضي الزراعية في أثيوبيا وما يحتويه من مناحل ومواشي وآبار مياه وكما ذكر لي احد الذين كانوا يعملون في تلك المزرعة انه شبهها بجنة الله في الأرض والذي للأسف الشديد تم بيعها تقريبا في عام 2000م وكما يشاع ان تلك المزرعة الضخمة بيعت بثمن بخس بمائتين وخسون الف دولار امريكي .
مما افقد الشعب والدولة منبع اقتصادي وزراعي هام .
وكنت بصدد الكتابة عن هذا الموضوع لكن بشكل متأني وتفصيلي اكثر لكن ماجعلني استعجل كتابتي حول هذا الموضوع الطلب المتزايد من القراء لمقالتي السابقة والمنشورة في عدد كبير من المواقع والصحف الجنوبية تحت عنوان لماذا يطالب شعب الجنوب بالانفصال واوضحت فيه بشكل موجز جيش الجنوب واهم ماتميز به من احتراف وقوة ضاربة وطالب القراء بان يتم ايضاً التوضيح حول الجانب المدني في دولة الجنوب قبل عام 1990م.
وهنا نناشد وبقوة رئيس الجمهورية الى سرعة اتخاذ الاجراءات العملية والسريعة لاستعادة تلك المنشئات ومعرفة مصيرها ومحاسبة كل من اشترك في تلك المذبحة عمداً اوباهمال .
والذي نامل ان يكفر كل من اشترك في تلك المذبحة الاقتصادية بان يقدم المعلومات والوثائق اللازمة لاسترجاع تلك المنشئات وبالأخص الذين اشتركوا في تلك العملية من ابناء الجنوب.
وان يكون ذلك معالج لاهم مطالب شعب الجنوب باستعادة منشئاته الحيوية واعادة من سرحوا عن وظائفهم في الجانب المدني وبالاخص عمال المصانع والمزارع التي تم خصخصتها .
فالجميع يسأل عن كيفية اعادة الموظفين المدنيين من ابناء الجنوب الى وظائفهم في حين ان تلك المنشئات التي كانوا يعملوا فيها قد تم خصخصتها.
وفي الاخير امل ان اكون قد لامست القليل من جراحات شعب الجنوب المثخن بالالام والجراح الذي يامل ان تلقى العناية في تطبيبها ومعالجتها . والله الموفق,,,
* عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الإنسان مسئول شؤون النيابة العامة في نقابة الموظفين الإداريين بالسلطة القضائية. [email protected]