إن للفن أذواق تتباين بمستوياتها وفق ما يوائم الحالة الشعورية للروح ، إذ أنه لا يحمل طابعا خاصا ومنفردا يقف حياله الجميع بذات التذوق! إني هنا في الحديث عن حالة شعورية أشبه ما تكون بالندامة والرضى في ذات الشعور _ تيه يتلاشى بالسعد حينا ، فيعيد الوتر خلقه مرة أخرى بلوعة فقد وشيء من عتب " تلك الحالة الشعورية التي يفتقها الوتر اليمني على ذات أغنية يرف بها فنان رأى الطبيعة إنسانا، ورأى الإنسانَ طبيعة ، وما الحب عنده إلا قصيدة يغنيها لذات الروح اليمنية التي رآها بلحنه ومقامه. أستحضر (السنيدار) الآن بهذا الحديث ويستحضرني بأغنية حملتني على ذات تيه، وأغنية هنا، لا أقصد بها التفرد بفنان أو أغنية بذاتها، بل صورة ومثال أملته عليّ اللحظة . "يا قلب كم سرك لقاء الحبيب" إنها النفس المتصاعد بالرجفة الأولى المأخوذة بالتوق،والفرحة العظمى المصحوبة بالدمع عند منتهى الوصل ، لحظة اللقاء بعد غياب طويل ليس يقاس بالزمن إنما باللوعة والوحشة، لحظة اللقاء الذي لا تدرك عنده ماهية شعورك!!! سرور حدوده اللا حدود، وفرحة يرقص القلب حيالها أيما رقص ، ثم لا تلبث موعظة الحب أن تفصل الرقصة عن النهدة التي يسترسلها القلب خوفا من النسيان . فتأتي المنى أخيرا ببخت حب من تهواه، ويأتي العتب على ذات نسيان بمقطوعة أخيرة يُحدِثُ بها الوتر بمقام مبحوح كما لو أنه يرسل ما تبقى من دموع ، دموع أفراح اللقاء ومسرات الوصل، ودموع الغياب والنسيان. الأغنية اليمنية تحاكي الفؤاد بضحكة في هالة حزن، ونهدة في خضم فرح. لعل هذا سرها !