اليوم باتت الرياضةُاليمنية تعيش منذ أكثر من ست سنوات، حالةَ من الجمود والتوقف التام لكثيرٍ من أنشطتها، ملقية بظلالها القاتم على الواقع الرياضي برمته من الناحيتين الفنية والمعيشية على حد سواء. فها هو العام السادس منذ بداية التدخّل للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، ومعه تستمر عشرات التساؤلات حول ما حققهُ من الأهداف التي جاء من أجلها ، ومع ذلك فلا يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء، والشرعيةُ اليمنية التي كان الهدف الرئيسي هو تمكينها من الأراضي اليمنية، لا تزال في الرياض، في منفاها الذي وصلت إليه في منتصف مارس آذار 2015. بالإضافة إلى أن تأثير الإمارات وعبر ميلشياتها لا يزال يعد هو الأقوى، بعدما تعمدت تفريخ المليشيات في كثير من المناطق اليمنية ، لذا شملت النتائج الكارثية لإستمرار الحرب على اليمن كافة نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والرياضية، والاجتماعية على حد سواء.
كيف أصاب الرياضة في اليمن كل هذا الشلل؟ في الحقيقة العوامل التي أثرت بشكل مباشر على المجال الرياضي كثيرة اختصر منها يلي : أولاً: الظروف الحالية التي تمر بها اليمن من استمرار الحرب للعام السادس على التوالي وحالة الاستقطاب السياسي، والذي أدى الى تَغيب الجانب الرياضي في وسط تبادل الاتهامات بين الجهات السياسية المختلفة، لذا فإن استمرار النزاعات السياسة بين الأطراف اليمنية أثر وبشكل مباشر وكبير على عمل وزارة الشباب والرياضة وعلى كافة الأندية والتجمعات الرياضية في كافة المحافظاتاليمنية والذي انعكس بدوره على الرياضة في اليمن ككل. إذا أصيبت الرياضة بشلل تام لخمسة أعوام متواصلة، فيما أقيمت بعض الأنشطة وعلى استحياء كالدوري التنشيطي خلال العام الماضي.
تحديات وتداعيات ثانياً: التحديات الأمنية التي يواجهها الصحفيون والصحفيات، داخل اليمن جراء الوضع الأمني والسياسي المرافق له حيث تم اعتقال عدد من الصحفيين بحجج مختلفة، مما اضطر عدد منهم للسفر خارج اليمن، ولقي بعضٌ منهم الموت وهو في طريقه للبحث عن مكان آمن يسهل العيش فيه بكرامة . ثالثاً: التحديات التي تواجهها الصحفيات على المستوى الاجتماعي، فلدينا العديد من العادات والتقاليد التي تواجه الصحفيات على وجه الخصوص، ابتداء من الالتحاق بالتعليم وبالجامعات وانتهاء بالمشاركات الصحفية والتغطيات الرياضية سواء داخل اليمن أو خارجه. رابعاً : التحديات الاقتصادية التي يواجهها الصحفيون والصحفيات في اليمن ، إذ ترزح اليمن بكافة قطاعتها العامة منذ خريف 2016 وإلى يومنا هذا تحت وطأة اقتصادية شديدة، حيث تقول إحصائيات للأمم المتحدة خلال الفترة الماضية إن الوضع الاقتصادي السيء لليمن انكمش بأكثر من 50% ،هذا الحال أدى بدوره إلى أزمة اقتصادية فاقمت الوضع الإنساني المتردي أصلاً في اليمن ، فاقم كل ذلك الانقطاع التام للرواتب وبشكل كامل عن كآفة المنتسبين للقطاعات الحكومية ، مما دفع الكثير من الصحفيين والإعلاميين والمهتمين بالقطاع الرياضي داخل اليمن الى البحث عن فرص عيش كريمة، وفرص عمل أخرى كي تأمن لهم ولأسرهم اساسيات الحياة الضرورية ، ناهيك عن سفر العديد من الكوادر اليمنية الى الخارج بحثاً عن تأمين مصدر رزق مستقر.
الفاتورة الرياضية الباهظة خامساً: الآثار المدمرة للحرب على اليمن، فاليمن اليوم باتت "تحتاج لعدة سنوات لترميم ما لحق بالرياضة على مدى السنوات الماضية، جراء ما خلفتهُ الحرب من دمار مهول بالبنية التحتية الرياضية، وإيقاف الأنشطة المختلفة فوفق إحصائية صادرة عن وزارة الشباب والرياضة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بالعاصمة صنعاء، دمرت الحرب في اليمن أكثر من 88 منشأة رياضية، ما بين أستاد رياضي وملاعب ومقرات بتكلفة تقديرية بلغت نحو 222 مليار ريال يمني (نحو 888 مليون دولار) .
الكرة اليمنية وبوصلة الضياع سادساً: غياب التخطيط والاهتمام والرعاية من قبل الجهات المعنية فعلى سيبل المثال الاتحاد اليمني لكرة القدم يعيش حالة من التخبط والفساد الإداري المستشري من قَبل العدوان على اليمن، إذ يرى الكثير من المراقبين إنه يعد احد أهم الأسباب لمعاناة كرة القدم اليمنية، والرياضة بشكل عام وليس هذا بجديد، فاليمن تعيش واقعا سيئا حتى من قبل الحرب، و يقول مراقبون لحال الرياضة في اليمن إن سوء الإدارة وعدم وجود رؤية واضحة واستراتيجيات مبنية على التخطيط السليم لدى القائمين على كرة القدم الذين لا يفقهون من الرياضة وأبجديات العمل الرياضي شيئا، وبالتالي لا يهمهم تطوير كرة القدم بقدر ما يهمهم الوجاهة وتحقيق مكاسب مالية ليس إلا. لذا فإن الكثير من الجماهير الرياضية يحملون الاتحاد اليمني لكرة القدم بقيادة أحمد العيسى مسؤولية كل الإخفاقات المتواصلة للمنتخب الوطني ،وذلك لأن الاتحاد كان و ما زال يسير برامجه من دون خطط علمية مدروسة. كما يرى نُقاد رياضيون محليون" أن قيادة اتحاد الكرة تسير عملها بشكل عشوائي ومتخبط، ولم تستفيد من أخطاء الماضي، ولا تتخذ خطوات جادة لصالح تطوير الكرة اليمنية، في الوقت الذي أصبحت فيه كرة القدم اليوم دراسة وعلم وتخطيط مدروس واجتهاد ومعسكرات تدريبية مدروسة وأجهزة فنية ذات كفاءة عالية. وأن مشكلة الكرة اليمنية ليست بالمدربين فقد تم تجريب المدرب المحلي والعربي والأوروبي والأفريقي ولم تتوارى الخسائر، فمشكلة الكرة اليمنية تكمن في غياب الإدارة وتواضع مستوى المسابقات المحلية، اذ لا يمكن أن يكون هناك منتخب قوي من دون دوري قوي . ووفقا لمتابعين ومهتمين بكرة القدم المحلية فإنه يصعب حصر مشاكل وأسباب ضعف الكرة اليمنية المتعددة والمتشعبة إداريا وفنيا وماليا وغيرها ، فقيادة الإتحاد تتحمل الجزء الأكبر من ذلك الواقع المأساوي والمرير الذي تعيشه كرة القدم في اليمن ووضع حد لمعاناه كرة القدم اليمنية مرتبط بالاهتمام ورعاية النشء، والبراعم والمواهب وتدريبهم وتأهيلهم عبر معسكرات تدريبية مناسبة، مع أهمية إقامة مسابقات للناشئين والشباب وإيجاد دوري قوي ودعم الأندية، لأن الأندية هي مصنع النجوم ومفرزة الأبطال واللاعبين، لكن أن يكون وجود الأندية كعدمه، فإن مشكلة الكرة اليمنية سوف ستستمر إلى أبد الآبدين.
خيبات آمال رسمت نتائج منتخبات اليمن في التصفيات الآسيوية الأخيرة أحلاما ورديه في مخيلة جماهير وعشاق كرة القدم اليمنية بغد قريب ومشرق، خاصة بعد تأهل منتخبي الشباب والناشئين الى النهائيات فيما لازال المنتخب الأول يصارع من أجل اللحاق بهما في التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأسي العالم 2022 وآسيا 2023، فتوديع منتخب اليمن للنسخة الأخيرة من البطولة الخليجية التي استضافتها قطر خلال الفترة من 26 نوفمبر وحتى 8 ديسمبر الماضيين، من دورها الأول الذي أنهاه في ذيل المجموعة الأولى بنقطة يتيمه من هزيمتين وتعادل أمام الإماراتوقطر والعراق على الترتيب كان مخيب لآمال الجماهير اليمنية العاشقة للرياضة. فإجمالاً شارك منتخب اليمن في بطولة كأس الخليج 9 مرات بدأها في النسخة ال16 في الكويت عام 2003، خاض خلالها 30 مباراة فشل في تحقيق حتى انتصار واحد في أي منها بينما خسر في 24 لقاء مقابل 6 تعادلات.
آمال لصناعة واقع جديد الكثير من الآمال تنعقد على إنشاء كيانات وهيئات رياضية جديدة، تعيد للرياضة اليمنية مجدها المفقود على غرار الجمعية اليمينة للإعلام الرياضي (YASM) والتي تأسست على يد الإعلامي / بشير سنان ، وشكلت لها فروع ولجان في أغلب المحافظاتاليمنية، أمل جديد يشع بالنور لصناعة واقع جديد مغاير . الجمعية منذ نشأتها إلى اليوم تسير بخطى ثابتة متينة، إذ شكلت للإعلاميين والرياضييناليمنيين بصيص أمل جديد، وذلك بإقامتها لبرامج تأهيل وتدريب للصحفيين واستعياب عدد منهم في المشاركات الداخلية والخارجية، إضافة الى حرصها على الصحفيين اليمنين أن يناولوا حقوقهم كغيرهم من الصحفيين حول العالم، فآخر هذه البشارات ما أعلنت عنه الجمعية بوصول أكثر من 128 عضوية في الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية، كرقم قياسي كبير ولأول مرة في تاريخ الاعلام الرياضياليمني.
ترقب وتساؤل ويضل الرياضياليمني المتابع للرياضة في اليمن يتساءل عن مثل هكذا أسباب؟ والتي أثرت على الرياضةاليمنية وما يحاك خلف الكواليس، فيما تثار العديد من التساؤلات؟ أين تكمن المشكلة الحقيقة؟ ولماذا لم ترَ الرياضةاليمنية النور الى الآن، على الرغم من تأريخها الطويل والقديم ؟؟؟