في العام 2009م سافر زميلان لي الى اليابان، وخلال زيارتهما وجدا ان احد اليمنيين من مدينة تعز جبل صبر يشغل مدير مركز الطاقة الشمسية في احد الجامعات اليابانية. من حق بعضنا ان ينظر لذلك بفخر. لكني سأنظر الى الامر من زاوية اخرى وهي ان اليابانيين لم ينظروا لهذا الشخص انه يمني لا يستحق ان يشغل هذا المنصب، او انه تعزي او انه صبري او انه ينتمي الى الحزب الاشتراكي او الناصري او البعثي او ألمؤتمري او الاصلاحي او الحوثي او غير ذلك من التسميات، لم ينظروا اليه من الناحية الدينية انه مسلم، او المنظور العرقي انه عربي. كان منظورهم وتقييمهم للامر من منظور المؤهل والكفائة والخبرة التي يمتلكها والابحاث المستمرة التي يتقدم بها الرجل ابحاث تتعلق بتخصصه في الطاقة الشمسية. عندما كتبت عن تجربتي مع الاحزاب، وانا في الاصل بعيد عن الحزبية وامقتها، ملخص ما كتبته رسالة اوصلها لاعضاء هذه الاحزاب خاصة الشباب، بان قاداتهم يسيرون في الطريق الخاطئ في تعاملهم مع الغير، ويقولون ما لا يفعلون، فهم عندما يصل احد الاحزاب الى السلطة يتعاملون مع الغير بسياسية تكاد تكون ثابتة في جميع القيادات الحزبية والمتمثلة في الاستحواذ على المناصب، والاقصاء والتهميش للغير، بعيدا عن مقاييس عامة هي المؤهل والخبرة والكفاءة والاستحقاق. احد الاخوة الذين اعتز بصداقتهم كتب لي بهذا الخصوص قائلا (كنت اتمنى ان تكون منصف في حكمك ولا يشدك الماضي لتصفية الحسابات). هذه الرسائل التي اكتبها واسرد فيها الاحداث كما جرت واقعا معي خلال سنين حياتي التي تقارب ثلاثة وستون عاما، لا استرجعها تحسرا على ماض ذهب، لكن اكتبها كتجارب شخصية مررت بها لعل وعسى ان تجد صدى في قلوب وفكر الشباب المنتمين لتلك الاحزاب عسى ان يتمكنوا مستقبلا من التغيير للافضل والتوجه باحزابهم الى الطريق الصحيح. اليابان ودول الغرب اخذت دروس من ماضيها وتعلمت واستفادت ونهضت، تتبادل الاحزاب الحكم في هذه الدول عبر السنين لكن سياستها العامة في شروط النهوض والاستمرار تبقى سارية، فلم نرى حزبا سياسيا في دولة أوروبية، جاء ليطيح بمنجزات حزب سابق ولا لينتقم بفصل اعضاء حزب آخر في مصنع او شركة او وزارة او مؤسسة، بل يستمر العمل كما هو مخطط له وكل شخص يؤدي دوره كما هو مطلوب منه بعيد عن اي منظور حزبي او عرقي او مذهبي. عسى ان تكون الصورة قد وضحت، والجميع يعلم انناجميعا في مركب واحد، لكن للاسف كل طرف يخرق المركب من مكانه ويطلب من الغير عدم خرق المركب.