وكالعادة تمر السنين والفصول والأيام، ونحن نستيقظ على ظاهرة اللا مبالاة، ياله من مأزق ويالها من أحداث تسير خلف اتجاه الرياح. الماضي أصبح ذكرى مؤلمة والحاضر مقيد بسلاسل الخوف والدمار والمستقبل كأنهُ وُلِد ميتًا من رحم الفشل، ونحنُ نتنهد وجعًا وألمًا وحزنًا. أحلامنا أُمنياتنا أُعتقت في محراب الصمت، وشيعت دون جثمان، وبراءة الأمهات لازالت تضع بخور أطفالهن الصغار على جمرات الحنين، وتطبخ بأعينهن الساهرات خبز مستقبلهن البارد؛ ليُخلقن على مائدة أحزانهن ألف قصيدة "زبيرية وأُخرى بردونية" ! صحيحٌ أنه لم يبقَ لنا سوى الأكل من قمامة الجحيم، والوقوف على أطلال سيف بن ذي يزن، وضرب التحية لصرح بلقيس الشامخ، رغم روائح الشارع النتنة من حوله، فنحن لسنا على كوكب السعيدة غُرباء. سنظل واقفين ولا زلنا واقفين على قلب رجل واحد ولا يأس ستدركه عزائمنا. فليذهب العاطلون عن العمل، ورواد الحرب و فلاسفة الجهل إلى برج إيفل، أو إلى تمثال الحرية في نيويورك؛ لعلَّهم يصعدون هناك على الأسوار والزقاق وشرفات الأسطح بخارًا يتصاعد مع ثاني أكسيد الكربون.