عشق فتاتير…… ..إبحار في ذاكرة طفل .تتراقص ألوان الكريات الزجاجيه الكريستاليه أمام ناظريه فتدور لدورانها عينيه في محجريهما مستمتعا ً بألوان قوس قزح التي أحتوت بداخلها في لون ثلاثي ندر أن يتشابه في كريات أخرى. تهفو نفسه للعب بها مع أقرانه من أطفال قريته، كان شغفه بها كطفل يفوق الآخرين في قنص تلك الكريات في دائرة اللعب، ويصيبها بمهاره فائقه، فيجني من تلك المهاره وفوزه في منافسات تلك اللعبه الكثير من تلك ..الفتاتير أو ( البليات المدوّره) . تحتشد علبة اللبن المجفف الفارغة.. قصعة لبن (نيدو نستله).. أو (داتش بيبي). بذلك الكنز من الفتاتير فيزداد غرورا بإمتلاكها. منافسون آخرون له في اللعبه ينظرون إليه شزرا ً مع تقطيبة جبين حسدا ً له....تشرق شمس الصباح ، وتنشر خيوط أشعتها على سطح مياه البحر في الأفق الجنوبي - الشرقي لقريته وتتحوّل زرقتها إلى لآلئ فضّيّه متراقصة لامعة تضيق لرؤيتها حدقات العيون . في لحظات تجمُّع صباحي طفولي من علو أحد التلال الرمليه. أو من قمة مجمع أكوام بقايا ومخلفات اعلاف وروث جافه للأغنام والمواشي والبقر والحمير ( كدمه) يقوم أهالي القرية بتجميعها (دمان ) وتستخدم كثيرا كسماد زراعي ، وهي كثيرة الإنتشار في الوسط والأطراف أو من مرتفع سد مائي ترابي ( عقمة) أنشئ حمايه وساتر من تدفق مياه السيول إلى القريه. بلهفه وشوق لبزوغ شمس الغد ..ننتظر.!! تحدونا أحلام وآمال. وعشق الصباح.. هو متنفسنا الطفولي نمرح ونستغله قدر ماشئنا، طاقه لا متناهيه من حركة ونشاط وحيويه تغمرنا. نتشعبط!! بالدقائق والثواني فيها لكأن الغد لن يأتي .. … .يقترب أحدهم من ذلك الطفل بعد أن أخترق جموعهم الواقفه على التل الرملي وفي نظراته تحدي قائلاله :- ---- أتحدااااااك !!اليوم يوم الإنتقام !! …( .باطمشك كل ما معك.. من فتاتير)**. هههه .. يضحك ساخرا ً..ثم يغادره. لأنه لم ينسْ هزيمة الأمس وغادر ساحة اللعبه وقد ُفرِغَتْ قصعة لبن النيدو من محتواها البديل.. فتاتيره ..؟! ُ يبتسم الطفل في ثقه ويهرع من فوره إلى بيتهم ويتفقد كنزه الثمين من الفتاتير ، يهز قصعه النيدو نستله الممتلئة ثم يرجُّها جيدا كمن يرج قاروره دواء ليضمن إمتزاج السائل ومكوناته الكيميائيه. يختار من القصعه أفضلها حجما وإستداره وملمسا ،ليجعل منها( الهِّتي او التير ..التمبار ْ) وهي أداة التصويب نحو الهدف ! النقز….. في محتوى دائرة اللعبه. يتأهب الطفل ويتسلح بعزيمة المقاتل ويخرج لملاقاة خصمه .. ………………………………………… .............. … . ……… . و… تبدأ اللعبه…………… تحت ظل شجرة إثل عالية العرش والتاج يتحلق بقية الأطفال حول مكان اللعبة ،.ترسم دائرة بقطر 30 سم في التراب وتنثر فيها الكريات الزجاجيه الملونه.. الفتر .. وهي هدف التصويب، يرسم خط مستقيم آخر على بعد 2 متر من الدائرة منصة التصويب. تبدأ جولة الرهان الأولى بين الخصوم ويحدد الرهان ( البد) 10 فتاتير لكل واحد وتنثر( نشح) براحة اليد العشرون جميعها في الدائرة. يمضي الوقت سجالا. بين نصر وهزيمه وصياح المشجعين يتعالى تارة.. و(حُرُش) تارة أخرى!! تميل كفة النصر قليلا نحو ذاك الطفل. شمس الظهيره تقترب من نصف كبد السماء. الغبار المثار من أثر اللعبه واللاعبين في إزدياد ، الملابس والأقدام والأرجل والأيدي أصبحت في حاله يرثى لها ،اختلط العرق مع التراب( مسطّلة)، التوتر ودقات القلب المتسارعه أضافت للمشهد مهابه.. صيحات الاعجاب او السخريه من أحد اللاعبين،.. كل تلك الصيحات شحنت الأعصاب. وباتت سرعة الفوز وإنهاء اللعبة هي مطلب الجميع. تزداد كفة النصر والفوز و الحظ ميلانا ولم يتبق إلّا الدور الأخير ..تراهن فيه الخاسر بآخر مالديه من الفتاتير. تقترب جموع المتحلقين حول دائرة اللعب في إنتظار النهايه أطراف الأصابع تصاب بارتعاشه لا أراديه وتبقى صعوبة التسديد نحو الدائره. يأتي دور الخصم في التسديد من المحاوله الأولى.. فيسدد. فلم تفلح في الإصابه.. ينتقل الدور إلى الطفل للتسديد ..مرتعشا قلقا يتناول( الهتي) الملوّن الذي أختاره بعناية ويتأمله جيدا. كأنما يوصيه : --- أرجوك،أرجوك لاتخذلني!! يتمهل قليلا ريثما تخف دقات قلبه، يصوب تجاه الدائره ويختار نقطة التسديد و………فجأة !
إذ بصيحات الأطفال تصدح عاليا وترج المكان وبدون مقدمات او توقع من الطفل وهو قريب من الفوز ، وتحقيق حلمة بمضاعفة ملئ قصعه لبن النيدو الجديده التي يحلم بها.. لم تمكنه تلك الصرخات العدائيه بفعل فاعل ومقصود. الأصوات الجماعيه للأطفال تصيح برتم واحد : … كيف ينبح الكلب? يرد آخرون.: هوووووووو!! ثم مره أخرى أيش قال الكلب ؟ … .هووو هوووو ههوووهههوووووووو! "" ثم يجرون مسرعين نحو الدائره المملوءه بحصاد النهار من الفتاتير وينهبوها نهبا وهم صائحين صارخين منفعلين. قال الكلب: : ههههوهوووووووش هههووووووووووش!! فهاشوا كل ما جمعه طيلة نهاره، ولم يكتفوا بذلك وحسب بل زادوا في قهره وبعثرة ما في قصعة لبن النيدو الممتلئة بالفتاتير وتقاسموها عنوه غصبا عنه. فيعود الطفل باكيا ويرتمي بين أحضان أمه مقهورا. ليتعلم درساً ً في الحياة مفاده أن للنجاح أعداااااااااء ..!! يكبر الطفل في العمر ويعيش معترك الحياة ويكتشف ان أعداء النجاح لايقتصر وجودهم على مرحلة الطفوله.، بل في كل زمان ومكان.. !? شكراً لأقراني في الطفوله.. لا لوم عليكم فيما صنعتم!! لقد سامحتكم من زماااااااااان مضى ! هههههههههههههه تمت