أي ذنب أرتكبناه وأي جرم أجرمناه وأي ظلم لغيرنا سقيناه ، حتى نُجزى ونُظلم ونُعاني منذ ولادتنا حتى مماتنا . من رحم المعاناه خُلقنا وكفوف الألم تلقتنا وإلى حضن الوجع أرتمينا ، فأصبحت دموعنا حليبنا وماؤنا لعاب صراخنا ، وأصبح حلمنا أن يكبر عمرنا ومن بحر معاناة الرضاعة وعبر سفينة الأمل ترسو بنا على يابسة الطفولة ، لنكتشف أن كلما كبرنا كلما كبرت وتعمقت جروحنا وهمومنا وألأمنا ومعاناتنا ، فلم نجد مفاتيح أبواب براءتنا لنسكن في قصر طفولتنا ، فأصبحت الجعبة فراش مرغدنا وحقيبة العابنا ، والبندقية أحن لعبة على قلوبنا ، والبارود حليب مصاصاتنا ، والرصاصة حقنة لقاحنا ، وأصوات المدافع والصواريخ سيمفونية منامنا ، ليكبر حلمنا ويصبح سن المراهقة أمنيتنا عسى نأخذ قيلولة من معاناة طفولتنا ، لنؤمن أكثر بأن تموت طفلاً أرحم من أن تعيش مراهقاً ، فساحات الحروب أصبحت ملاعبنا ، و سياسة سياسينا صافرة أنذار موتنا ، وبكرة رواتبنا أرغمونا على اللعب ضد بعضنا ، فاصبح أباؤنا يشاهدوننا في معركة المبارة فلا يهمهم أصاباتنا وجروحنا او حتى مماتنا ، ليتركوا حكم المبارة يصنع بأرواحنا كيف ما يشاء ، إما أعاقتنا او قطع أطرافنا او موتنا . فلم نكن ضحية الزمن بل ضحية ذكاء أباؤنا الحارق . فأي جرم بعد يا أباؤنا الجنوبيين لم ترتكبوه ضد أبناؤكم ؟ فأخطاؤكم قد تخطت حدود العقل ، وسياستكم القاتلة التي لا يفقها أي قلب والتي كانت السبب في إبادة أبناؤكم وهم في ريعان شبابهم الذين يتساقطوا كأوراق الربيع التي لم يحن سقوطها ، ولكن الظروف فرضت عليها السقوط المفاجىء الذي كان سببه أطماع أباؤنا ، الذين لم يكتفوا بتسويق أولادهم في سوق الحروب حتى ينالوا رضى وبركة وتربيت باليد على مؤخرتهم من قبل أولياء الحروب ، الذين يجازوهم بصرفة كما يسموها ولكنها في الحقيقة هي قيمة عبوديتهم التي صارت تجري مجرى دمائهم ، والتي لا يستطيعوا أن يستغنوا عنها حتى ولو ذهب وطنهم أدراج الرياح ، فكيف ننذهل منهم حين قدموا أولادهم كقربان لأولياؤهم الأستعبادين ، وهم من سابق قد قدموا وطنهم كهدية لمن سيعيشهم في النعيم ، في وقت أن شعبهم يذوق لهيب نار الجوع والغلاء والحاحة الماسة لقوت يومه ، ولم يكتفوا بذلك بل تتبجح ألسنتهم وتعير أولادهم بالجهل والضياع والعجز الثقافي وأخرها ضعف مستواهم الدراسي ، ونسوا هؤلاء الأباء من كلا الطرفين ، أنهم في التسعينيات ( بأسم الوحدة او بحرب أربعة وتسعين ) أستقبلوا وبالأحضان من كان السبب بزرع الغام الجهل ، طويل الأجل ، في عقول شباب الجنوب ، حيث أرى هؤلاء ذات الصلاحية المنتهية كمرض العضال الذي لا يمكن معالجته والذي أوصل حياة شبابنا إلى المقابر ، التي اصبحت كالأسواق تعج بالزائرين من مختلف الأعمار ، ولكن من يسكن بها هم الشباب وبقية الأعمار تذهب إلى بيوتهم ، علماً بأن تربة المقابر قد أصيبت بمرض الملل منمن أعمارهم تحت الخمسين ، وقد تأججت المقابر شوقاً لمن أعمارهم مافوق الخمسين ، الذين محافظين على أنفسهم للقيل والقال والتحليل السياسي الجاهل والملاسنة فيما بينهم في المقايل في الجنوب وفي الفنادق والقصور في بلدان التحالف ، حيث أن حصيلة أجتماعاتهم المقيلية هي ( الطرف الفلاني هو المذنب وطرف الأخر بريء ) ، دون ان يتحركوا قيد أنملة لأيجاد حلول لوقف نزيف دماء أرواح الشباب ، وحتى ولو عن طريق الحلول القبلية في وقف حرب ابين التي سلاحها القاتل هي مماحكات أباؤنا وهدفها المقتول شباب هذا الوطن الجنوبي ، لأن الحلول السياسة ستطول الى حين يقرر المخرج متى سينتهي هذا المشهد الدموي . فعندما تسمع حديث أباؤنا عن حياتهم الماضية التي أسموها الزمن الجميل ، فمنهم من يقول : كأن لدينا نظام يطبق عدالته على الكل ولا يميز بين مواطن مسؤول و مواطن عادي ، ومن له حق يأخذه ، والاخر يقول : لم يعرف الهم ( من كهرباء وماء وصحة وقوت المعيشة ) طريق إلى قلبي ، والأخر يقول : لم أعرف السلف في الزمن الجميل ، والأخر يقول : كانت الوظائف هي التي تبحث عن الموظفين ، والأخر يقول : كانت الأجازات والراتب والترقيات تتم تلقائياً ولاتحتاج إلى توصية او وساطة ، والأخر يقول : لقد كُنا القوة الضاربة التي تهابها جميع دول الجزيرة العربية ، وقد كُنا السباقين في كل شيء في الجزيرة العربية ، والأخر يقول : لقد كان هناك تنافس تعليمي فيما بيننا وكانت الدولة تُأهلنا من مرحلة إلى مرحلة وتبعثنا إلى دول في الخارج لنتعلم ونثقف أنفسنا لأجل أن نواكب أخر التطورات التعليمية العالمية . فقلت لهم : بالرغم كل هذه المميزات التي حُرم منها شبابنا والتي غُرست في عقول أباؤنا ، و أستطاعت أن تغرس جذورها التثقيفية والتعليمية في كبد جهل خلايا الدماغ لتبزق من بين الثنايا المظلمة للجمجمة أفكار ومفاهيم غريبة ومضادة ومخالفة لكل صفات وعادات ونمط الحياة المستقبلية ، فبدلاً أن يتسلح أباؤنا بسلاح أثبات وجود وبناء قواعد حياتية لوطن متين وراسخ لمستقبل مشرف ذات هيبة ومنافس لمن حولها ليصبح أبناؤهم ذات كيان مستقبلي ، لكنهم خذلوا وأضعفوا أنفسهم في منافسة جيرانهم ورموا أجيالها إلى التهلكة وقضوا على نسلهم ، بل قتلوا كل ماهو جميل . فعندما أراد رئيسنا / سالم ربيع أن يبحث عن ماهو أفضل لأرض الجنوب وذلك بالتوجة إلى التعامل مع الصين في مجالات عدة ، أُتهم بالخائن للأشتراكية لرفضه قيام الحزب الأشتراكي في الجنوب ، وأيضاً عندما بدأ رئيسنا / علي ناصر بالتعامل مع دول الخليج بالأنفتاح الأقتصادي لم يبخلوا عليه عباقرة جيله وأُتهم بالأنفتاح و التراجع عن نهج الأشتراكية ، فغريب أمركم يا أباؤنا المثقفين الذين تتهموا بالخيانة لكل من أراد لكم التطور وتحسين مستقبلكم وأستقلالكم من جميع النواحي السياسية والاقتصادية ، وإنهاء عصر الأتكال والأعتماد على هبات الأتحاد السوفييتي ، الذي فيما بعد تخلى عنكم وأنهار و أوقف عنكم الدعم الوهمي ، وهذه كانت أحد الأسباب التي جعلت رئيسنا / سالم البيض و كوادرنا من النخبة من المثقفين أن يتعمقوا بالتفكير ( ياريت أنهم أصيبوا بشلل دماغي ولم يفكروا في تلك اللحظة ) ، ليتفقوا مع رائيسنا بإهداء ذرع بطولة الوحدة لعفاش من دون لعب مبارة نهائية ، ليستيقظوا من سباتهم فيمابعد ويدركوا أنهم أرتكبوا جريمة في حق جميع أجيال الجنوب ، ليعلنوا الأنفصال ، ومن هنا عادة المعركة بين الطرفين الجنوبيين الذين تثقفوا وتعلموا في أعظم جامعات العالم ، ولم يكتسبوا من تعليمهم سوى كيف يقتلوا بعضهم البعض وأيضاً كيف يساعدوا ويسهلوا لأعداؤهم أن يستعبدوهم ويتحكموا ويلعبوا بهم لعبة الشطرنج ، واليوم يتكرر نفس المشهد بأقتتالهم فيمابينهم في أبين ، وبسياسة التحالف الذي أستدعاه رئيسنا / عبدربه منصور لينقذنا من الحوثي وعفاش ، لتكون هذه الغلطة التي لم يملك رئيسنا سواها والتي أجبر على تنفيذها لأن في ذلك الوقت كان الجنوب قد دُمرت جميع مؤسسات الدولة ، حيث أن رئيسنا طلب من رجال الجنوب أن يبنوا مؤسسات دولة ، ولكن للأسف أباؤنا تماحكوا فيمابينهم في منح التحالف الصلاحيات الكامله في حق التصرف ، وتركوا حرية القيادة الكاملة لتحالف ، بل من شدة ذكاء ( الغيبوبي ) أباؤنا المكتسب من تعليمهم بالخارج ، أستطاع كل طرف جنوبي التعامل وبأخلاص مع التحالف في القضاء على الطرف الجنوبي الأخر ، ليطمع التحالف ويتسلم القيادة في أرض الجنوب ، فيدفعه الطمع لأقتطاع الجنوب وضمه إليه ، والبدأ في محاربتكم وإضعافكم و تفرقتكم بل القضاء عليكم ... والسؤال الذي يحيرني هو كيف إذا أباؤنا لم يتعلموا ويبعثوا إلى الخارج لدراسة ؟ أبصم بالعشرة بأنهم إلى قاع المحيط سيدفنوا شباب الجنوب . لذلك لا تعتقدوا بأنكم لن تحاسبوا على إراقة دماء الشباب في حرب ابين ، وأن نغض أعيوننا عن تجاهلكم وعدم تحرككم حتى عن طريق الأعراف القبلية لإيقاف هذه المعركة القاتلة لشبابنا .