أسباب وأهداف حملة أبرهة كانت مرتبطة بالحروب البيزنطية الفارسية وتزامنها لعصر حميري جديد. حيث يشير بروكوبيوس إلى أن الإمبراطور يوستنيان اقترح مرات عديدة على أبرهة الهجوم على الفرس عبر الصحراء لمساعدة بيزنطة في صراعها معهم. وبذلت الدبلوماسية البيزنطية جهودا مضنية لإنشاء تحالف ضد الفرس من الحميريين والكنديين والقبائل العربية الداخلة في نطاق سلطة الإمبراطورية, ولتحقيق هذا الهدف أرسلت بيزنطة عدة وفود لزيارة الجزيرة العربية ما بين 530 و 540م ووفقا لما أورده بروكبيوس تمكن بوستنيان من استنهاض الحميريين, غير أن هذا لم يجلب بيزنطة أي مكسب ولا أي فائدة ملموسة. وبفعل ضغط السياسة البيزنطية وجه أبرهة حملة سرعان ما أوقف سيرها لفقدان الأسس الكافية كتصرف م يكرره إلا بعد 16سنة لاسيما أن الحرب بين بيزنطا وفارس بين النهرين انتهت عام 546م. ومن دون شك أن أسباب الحملة لم تكن خارجة عن مصالح الدولة الحميرية التي كانت تعاني آنذاك من انكماش رقعة أراضيها وانحسار نفوذ الحميريين وتدهور الدولة الكندية بفعل التغير الجذري لميزان القوى في وسط الجزيرة العربية, فشاركوا في حملة أبرهة ومعهم حلفاؤهم كندة ومذحج وحتى من دخل ضدهم في معركة مثل معد وبنو عامر من صعصعة. في غضون ذلك توالت هزائم الحارث بن عمرو في صراعه مع المنذر الثاني وتنتهي معارك ابنه حجر مع قبيلة أسد بهزيمة حجر, وتدور حرب داخلية بين بين ابني الحارث وهما سلام وشرحبيل. مغامرات امرؤ القيس ترسم صورة حية للحياة في شمال ووسط الجزيرة العربية في الفترة بين 530 و540م. ويرتبط تاريخ العربية الجنوبية في هذه المرحلة بتاريخ سقوط سميفع وصراع أبرهة ضد ضد محاولات التدخل الحبشي وتمر يزيد بن كبشة وخراب سد مأرب. ولم تتوفر لدى أبرهة إمكانيات التدخل في الأحداث الدائرة إلا في مطلع 547م ليعزز مواقعه إلى حد كبير عن طريق إقامة علاقات ودية مع الحبشة بعد موت هيلاصباحا من جهة, وإبرام اتفاق مع يزيد بن كبشة والأقيال المتمردة وتحطيم أخطر منافسيه مثل معد كرب بن سميفع من جهة ثانية. وفي عام 554م أبرمت اتفاقية سلام بين يوستنيان وخصروف, بيد أن المسألة المهمة بالنسبة لدولة الحميرية لم تكن تصرفات وموقف بيزنطا وفارس بقدر ما كانت مواقف القوى المجاورة لها – الغساسنة واللخميين, الذين تنازعوا وتنافسوا بعد سقوط كندة, على شمال ووسط الجزيرة العربية. وينبغي تقييم هذه الحرب كصراع من أجل تقسيم أراضي كندة, ولم يكن النصر في هذه الحرب حليف لأي طرف من الطرفين. أما شهرة أبرهة في التراث الإسلامي مرتبط بالأساس بحملته التي أشار إليها القرآن الكريم والتي سميت بأصحاب الفيل.ووفقا للتراث العربي سمي عام حملة أبرهة 570- 571م بعام الفيل. وفي هذا العام ود سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا, نستنتج مما سبق بأن تراث العربية الشمالية بشأن حملة الفيل ليس له علاقة بأحداث 547م. فهل يستند تراث العربية الشمالية على أساس تاريخي معين أم إنه يعتبر مجرد اسطورة؟ فحملة الفيل حدث تاريخي ومن الحجج القاطعة وهي حملة موجهة في الأساس ضد مكة بهدف تحطيم الكعبة وتوجيه الحجاج إلى الكنيسة المسيحية القليس التي بناها أبرهة في صنعاء. كان الهدف الثاني لحملة الفيل الاستيلاء والسيطرة على الطرق التجارية وإخضاع القبائل البدوية القاطنة في وسط شبه الجزيرة العربية ومنهم يهود معهم علاقات وصلات تجارية مع فارس. فالصراع الدولي على طرق التجارة البرية والبحرية تاريخي جر كل العرب الذين تمر عبر أراضيهم ويقومون بنقلها على جمالهم.