في هذه البلاد، هناك أُناسٌ استغلاليون، تجارٌ مجردون من قيم الإنسانية، دولةٌ غائبة، وطنٌ مدمر، تجارةٌ رابحة، شعبٌ مغلوبٌ على أمره، أطفالٌ جائعون، اُسرٌ مشردة، وعالمٌ صامت. يرتفع الدولار سنتًا واحدًا، فيرتفع سعر المواد الغذائية أضعافاً مضاعفة..يعود الدولار ولكن ضمائرهم تأبى أن تعود. كل شيءٍ يرتفع في هذا الوطن .. أسعار الغذاء والدواء، الضغط والسكر، الألم والمرض، الجوع والفقر، اللصوص، الطغاة .. سوى دمائنا وضمير الساسة ..!! تجارٌ يتاجرون بمعاناتنا وجوعنا، حكومةٌ غائبة وتُتاجر بوطننا، وزاراتٌ لا تُسمن ولا تُغني من جوع، رقابةٌ بلا رقابة، موادٌ غذائية لا تملك أدنى معايير الجودة، ولكن الضرورة هي من تجبرنا على شرائها ونأخذها بسعرٍ ربما أكبر من ثمنها بآلاف المرات. عندما ارتفع سعر الدولار .. كنت تسأل التجار : لماذا ازداد سعر السلعة؟ فيردون: لأن سعر الدولار ارتفع مقابل الريال اليمني. فيقنعك بعض الشيء، أما الآن فتسأله: لماذا لم يعُدْ سعر السلعة كما كانت؟ فيرد: أنا أخذت البضائع بسعر مرتفع. أريد أن أعرف فقط .. لماذا إذاً عندما ارتفع سعر الدولار ارتفعت أسعار السلع سريعاً وهي في مخازنكم. وعندما انخفض، تقولون إنكم أخذتموها بسعر مرتفع. ما الذي تريدونه من شعبٍ يتجرع الويلات، ويعيش في وضعٍ مأساوي مكلل بالآهات وعامرٍ بالمأسي؟!! ما الذي تريدونه من شعبٍ جائع ومشرد، مريض ومقيَّد، جريح حرب ومجروح قلب ..؟!! الجميع مستفيد .. ووحدهم الفقراء من يدفعون الثمن ..