هنالك جدل كبير خلفته مواقف بعض البلدان من المصالحة الخليجية، والأحرى ان نقرأ كل موقف بحسب موقعه من الازمة الخليجية، مع الأخذ بعين الإعتبار خصوصية كل بلد وما يعيشه من صراع. دعنا نضع قراءة موجزة حول المشهد المصري تمهيدا لتناولات لاحقة تضم المشهد اليمني عامة والجنوبي خاصة . الصحفي المصري أحمد القاعود في تعليقه على موقف مصر المنخرط ضمن خطوة المصالحة الشاملة مع قطر وجه تساؤلا قال فيه : ما الذي استفادته مصر من دخول صراع قبلي بين شيوخ النفط لا ناقة لها فيه ولا جمل؟! على أي أساس تحدد مصر سياستها الخارجية وهي سياسة بالضرورة ضد مصلحة شعبها؟! لماذا شاركت مصر في حصار 300 ألف مصري يعملون في قطر وحملتهم مشقة السفر والتنقل ترانزيت وعرضتهم لخطورة فقدان أعمالهم وخسارة مئات ملايين الدولارات المحولة من قطر، ثم أعادت فتح الطيران بأوامر سعودية؟! من وجهة نظر سياسية، نقول ان المسألة فيها تفصيل، فمصر كنظام سياسي حاكم كان بديهيا ومتوقعا اعلانها المقاطعة ضمن موقف مشترك مع حلفائها الخليجيين، لاتنسى انه لولا تدخل السعودية والامارات على خط الازمة المصرية لما تمكن السيسي من تجاوز عقبة الاخوان المسلمين والوقوف على سدة الحكم. لقد رمى الحليفان الخليجيان بكامل ثقلهما السياسي والاقتصادي لصالح عودة العسكر ودحر الاسلاميين في مصر، حتى أنهم مارسوا ضغوطا على المستوى الدولي بهذا الشأن، لهذا من الطبيعي ان يأتي القرار السياسي المصري اليوم منضويا تحت رغبة حلفائه وداعميه الخليجيين بغض النظر عن حسابات الربح والخسارة على مستوى الداخل المصري. أما لو تحدثنا عن مصر كشعب فهي بالاساس لم تكن معنية بدفع فاتورة مواقف وخلافات غيرها، لقد ساهم واقع التبعية ذاك بشكل او آخر في طي الحديث اليوم عن مصر المحورية فضلا عن التبعات الاقتصادية التي طالت فئة معينة من الشعب كما ذكر الصحفي القاعود، ولولا ان بروباجندا النظام الحاكم قد تمكنت فعلا من اظهار قطر عدوا داهما لمصر لما صمت الشعب كل تلك السنوات امام قرار القطيعة فالمصالحة لاحقا. خلاصة هذه الحكاية ان النظام الحاكم بمصر حقق لنفسه مكاسب ذاتية ملموسة، بينما سيظل انعكاس ذلك ايجابا او سلبا على الشعب أمرا متروكا للوقت، وإن بدت بعض بوادر ذلك تلوح عقب زيارة وفد إقتصادي قطري لمصر مؤخرا، غير انها جاءت حقا إيجابية عكسية، اي لما توافق عليه الاخرون، فيما تظل مصر هنا عنصر ثانويا ليس أكثر .