الحُبْ عندما يكون الإحساس مخلوقاً بيد الحاجة و الخوف يصبح مثل إدمان يتعلق فيه الآدمي بالآخر أكثر من ما يليق بالسوية يفعلها البشر كثيراً، و بحكم العادة يُعدِّونها طبيعة، إلا أن ليس كل طبيعة خير، أو صواب فالإنسان كائن قابل للتطوير، و ليس غاية في ذاته، و قيمه دائماً ما تحتاج إلى تدقيق في صميمها. معظم العلاقات التي تنبني على عواطف جياشة ساحرة، عارمة تدفع أصحابها لتعاطي الآخر قدر الإمكان، هي إنعكاس لشح عاطفي في طفولة الإنسان، و بطبيعة الواقع، ينطبق هذا على الجميع تقريباً في مجتمعاتنا الشحيحة في تعبيرها العاطفي، بل ليكاد التعبير العاطفي الحنون عن الحُبْ يصيبنا بالخجل، فنكبته في أعماقنا، و لا أُبالغ إذا قلت: دون الحاجة إلى الرجوع إلى دراسات: أنّ الإطفال في مجتمعنا بالمُجمَل حتى أُولائك الغير معنفين و الذين يعيشون حياة طبيعية بمعايير ثقافتنا، لا يتلقون القدر الكافي من التعبير عن الحُبْ و الإهتمام و الحنان. و مثل هذا الحُبْ لا يخلق الإستقرار، و معظم العلاقات التي تنبني عليه لا تدوم، هو حُبْ مَرَضي، و لذا يجب أن توجه نصيحة للأجيال الصاعدة لا تندفع في السحر، لا تُحِبْ أكثر من اللازم، و لكن النصائح لا تفيد من لا يمكلك خبرة فهمها، أو تجارب تُخوِّله إدراكها، لذا البديل هو كسر الحلقة، أحبوا أطفالكم بكثافة، أشبعوهم حناناً، حتى لا يتعاطوا الحنان تعاطياً عندما يجدوه. إن المُحِبْ بهذه الطريقة يود لو يلتهم حبيبه، و أن يستثمر فيه أقصى ما يُمكن من وقته، مثل متعاطي لمادة نادرة يود لو يأخذ منها قدر إمكانه و بأسرع وقت، و مثل هذه الدوافع لا تخلق علاقات سوية على الأمد الطويل، لا تخلق استقراراً.