وجه مقاتلو المعارضة السورية المسلحة المحاصرون في بلدة القصير القريبة من الحدود اللبنانية نداء يائسا يوم الخميس لطلب تعزيزات وامدادات طبية في الوقت الذي واصلت فيه قوات الرئيس بشار الأسد وحليفه حزب الله قصف خطوطهم الدفاعية. وإلى جانب الهجوم على القصير وضواحي دمشق التي تسيطر عليها المعارضة سعى الاسد الى تحقيق تفوق دبلوماسي حيث سلط الضوء على تحالفاته الخارجية بالاعلان عن وصول صواريخ مضادة للطائرات من روسيا وقوات من حزب الله اللبناني كما اعلن عزمه حضور مؤتمر للسلام يعقد في جنيف مع معارضيه المنقسمين. وفشلت محاولة لحل الخلافات بين جناحي المعارضة السورية الاسلاميين والليبراليين -بمنح الليبراليين المزيد من المقاعد في الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي تريد دول غربية وعربية ان يشكل الحكومة الانتقالية- في اصلاح الشقاق مع الجماعات المقاتلة داخل سوريا التي طالبت بمنحها نصف مقاعد الائتلاف لتتساوى مع مقاعد المعارضة في الخارج. وتراجعت امال المعارضة المسلحة ذات الاغلبية السنية في الاطاحة بالاسد عسكريا وقد تصاب بانتكاسة قوية اذا خسرت القصير التي تقع على خطوط امداداتهم من لبنان وتعوق جهود الحكومة للحفاظ على الاتصال بين العاصمة دمشق ومقعل الاقلية العلوية على ساحل البحر المتوسط. ووجه مقاتلو المعارضة داخل القصير -التي كان يقطنها نحو 30 الف نسمة- نداءا على شبكات التواصل الاجتماعي لحلفائهم وطالبوهم بالسعي لكسر الحصار على البلدة وقالوا ان القصير قد تمحى من الخريطة وان مئات المصابين مهددون بالموت اذا لم يتلقوا المساعدة. وقال مالك عمار الناشط في البلدة لرويترز عبر الانترنت ان نحو 100 من بين 700 مصاب يحتاجون إلى الأكسجين وقال "البلدة محاصرة ولا سبيل لادخال المساعدات الطبية." وقال عن بقية كتائب المعارضة المسلحة "ما نريد ان يفعلوه هو الزحف إلى اطراف المدينة ومهاجمة نقاط التفتيش حتى تفتح امامنا طرق الدخول والخروج منها." وحذر قادة معارضون في بيان من العواقب الوخيمة اذا لم تصل المساعدات للمسلحين الذين يخوضون حرب شوارع منذ اكثر من اسبوع امام قوة مسلحة بالدبابات وراجمات الصواريخ وعلى رأسها مقاتلون من حزب الله اكتسبوا خبرات واسعة بالقتال من مواجهاتهم مع اسرائيل. وقالوا في بيان "إن لم تتحرك كافة الجبهات وتشتعل ضد هذا الإجرام الذي يقوم به حزب الله وكلابه والجيش الأسدي الخائن الذي يدعي الممانع فسوف نقول كان هناك مدينة تدعى القصير." وتسقط القذائف على البلدة بمعدلات سريعة ويبدو ان المهاجمين يتقدمون بسرعة أكبر بعد سيطرتهم على قاعدة جوية قريبة. كما اصدر مقاتلو المعارضة المحاصرون في ضواحي شرق دمشق المعروفة باسم الغوطة الشرقية نداء على موقع فيسبوك يطلبون المساعدة. وجاء في بيان صادر عن اتحاد المكاتب الإعلامية في الغوطة الشرقية نشر على فيسبوك أن النظام السوري "اليوم يحشد قواته على طريق مطار دمشق الدولي ومن الجهة الشرقية والغربية للغوطة الشرقية استعدادا لارتكاب المزيد من المجازر." وحمل البيان المجالس العسكرية وقادة الألوية ِوالكتائب في دمشق وريفها والمعارضة في الخارج وعلى رأسها الائتلاف الوطني كامل المسؤولية عن أي خسائر ستحدث. وقضى اعضاء الائتلاف سبعة ايام في محادثات في اسطنبول استهدفت تشكيل جبهة موحدة في محادثات السلام التي تحاول واشنطن وموسكو عقدها في جنيف. وعلى الرغم من عرض الاسلاميين السنة الذين يهيمنون على الائتلاف منح كتلة ليبرالية مقاعد اضافية فقد استمرت الخلافات مما اثار غضب تركيا ودول الخليج العربية والدبلوماسيين الغربيين الذي ينتظرون ان يستغل الائتلاف مؤتمر السلام لتولي مسؤولية الحكم. وفي سوريا طالبت الهيئة التي تضم وحدات مقاتلة متعددة ومتنوعة بالحصول على نصف مقاعد الائتلاف في انعكاس لغياب الثقة المتبادلة بين المقاتلين والمعارضة في المنفى. وانتقدت روسيا -حليفة دمشق- مطالبة المعارضة بتنحي الاسد كشرط لحضور المحادثات التي ينوي مسؤولون روس وامريكيون عقدها يوم الاربعاء القادم. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الائتلاف يعطي انطباعا بأنه "يبذل كل ما بوسعه لمنع بدء عملية سياسية... وللوصول إلى تدخل عسكري" في سوريا. وأضاف "نعتبر مثل هذا النهج غير مقبول" في اشارة إلى مطالبة المعارضة للغرب بامدادها بالسلاح وهو ما دفع بريطانيا وفرنسا هذا الاسبوع على انهاء حظر على السلاح كان الاتحاد الاوروبي قد فرضه على سوريا. واعاقت المنافسة بين روسيا والقوى الغربية الجهود الدولية السابقة لانهاء القتال لكن المخاوف من اتساع دائرة القتال - خاصة مع قصف اسرائيل لسوريا واعلان حزب الله دخوله القتال إلى جانب قوات الاسد والانباء عن استخدام اسلحة كيماوية في الصراع - دفعت واشنطن وموسكو إلى الاعلان عن دعوة مشتركة لعقد المؤتمر. وفي مقابلة تلفزيونية مسجلة لم تذع بعد نقلت صحيفة لبنانية عن الاسد قوله انه ينوي الذهاب إلى مؤتمر "جنيف 2" لكنه غير مقتنع بأنه سيؤدي إلى نتيجة مثمرة وتعهد بمواصلة القتال ضد الانتفاضة المستمرة منذ اكثر من عامين والتي قتل فيها اكثر من 80 الف شخص. ومما يسلط الضوء على الموارد التي يمكنه الحصول عليها رغم العقوبات الغربية قال الأسد ان سوريا تسلمت من روسيا الدفعة الاولى من الصواريخ اس-300 المضادة للطائرات في اطار صفقة وقعت قبل الصراع واثارت حفيظة اسرائيل. وقال مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية ان المعدات نفسها لم تسلم بعد إلى سوريا التي تستضيف قاعدة بحرية روسية. لكن المصدر اضاف ان "اجزاء من التعاقد ربما تكون قد نفذت." وساهم حصول الاسد أيضا على اسلحة متطورة من ايران في استمرار تفوقه على المعارضة المسلحة. وتتردد الدول الغربية في تسليح المعارضة خشية سقوط الاسلحة في ايدي اسلاميين معادين للغرب يمكن استخدامها فيما بعد ضد مصالح غربية. (إعداد ابراهيم الجارحي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من اريكا سولومون ومريم قرعوني