بالقرب من مرزعة صغيرة بعض اجزاءها محطمة واثار حريق طفيف على الارض يقف محمد بارحيم وهو رجل في العقد الخامس من عمره صباح الخميس متفحصا المكان من حوله . اثار حريق على الارض وطلقات رصاص اسلحة متوسط وخطوط متعرجة لاثار سيارات وجدار محطم وذخائر فارغة .
هذا كل ماتبقى من حملة عسكرية للجيش اليمني نفذها فجر يوم الأربعاء واستهدفت عدد من المزارع المحيطة بمدينة "غيل باوزير" بمحافظة حضرموت .
يقول بارحيم ل"عدن الغد" انه صحى فجرا على أصوات الانفجارات وحينما اطل من نافذة منزله شاهد ارتال من العربات العسكرية تقطع فوق رصيف مهترى يمر بالقرب من منزله .
ويضيف بالقول :" لم نفهم شيء مما يحدث كنا نسمع صوت الانفجارات ، مرت سيارات عسكرية بالقرب من المنزل صباحا واخبرنا الجنود انه يجب ان نلتزم منازلنا ومنذ تلك اللحظة لم نبارحها حتى انتهت الانفجارات لكن وبعد يوم كامل مماحدث لم نفهم شيء من قتل من؟ وكيف ؟
لاتزال حتى اللحظة الصورة غير واضحة لما حدث في غيل باوزير قالت الحكومة اليمنية بعد ساعات من هذه الانفجارات الضخمة أنها قتلت عدد من عناصر جماعات مسلحة تدعي انتمائها لتنظيم القاعدة فيما قتل اثنان من ضباطها .
لم تعلن الحكومة حتى اللحظة عن اسماء الضباط القتلى رغم ان وسائل إعلام يمنية أوردت اسماء لضباط قالت أنهم قتلوا في هذه المعركة لكن دون تأكيد رسمي.
تبدو إلى حد كبير وقائع معركة غيل باوزير غامضة وغير مفهومة المعالم لم يحدث منذ عقود ان نفذ الجيش اليمني عملية بهذه السرعة وان يقوم بالانسحاب من المكان بعد ساعات فقط من إعلان انتهاء العمليات .
يعزز التساؤلات حول مصداقية هذه العملية فيديو تداوله نشطاء محليون على صفحات التواصل الاجتماعية ويظهر طائرة هليكبوتر عسكرية يمنية تحلق على علو منخفض بغيل باوزير وتطلق عدد من الصواريخ على مساحة ارض خالية من إي شيء. تقرير خاص بالقسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" يمنع نشره بأي وسيلة إعلامية اخرى يقول محمد السلماني وهو ناشط جنوبي على صفحته بالفيس بوك :" لماذا تطلق المروحية النار على مساحة الارض الخالية هذه ثم لماذا تحلق على هذا العلو المنخفض ثم كيف يستخدم سلاح المروحية ضد جماعات يعرف عنها أنها تملك اسلحة مضادة للطيران في الغالب ... ثمة اشياء غير مفهومة في الأمر ."
يطرح كثيرون فرضية ان القوات اليمنية ربما تكون نفذت عملية وهمية وكان الهدف منها تحقيق عدة اشياء من بينها ايصال رسالة إلى الجماعات المسلحة أنها تملك القدرة على التحرك والرسالة الأخرى هدفها خفض مستويات مخاوف سقوط محافظة حضرموت بيد جماعات مسلحة وهي المخاوف التي تزايدت مؤخرا . في مقال مطول له عما حدث في غيل باوزير يقول الصحفي "صلاح البيتي" :" شخصياً عجزت - خلال ال24ساعة الماضية - عن العثور على إجابات شافية لتلك الإستفهامات ،على الرغم من محاولاتي المتابعة ،ومنذ شروق ذلك الصباح ،كغيري من المهتمين."
ويضيف بالقول :" بالنظر لحجم القوات الحكومية الكبير الذي يفوق عدد تلك العناصر الإرهابية المفترضة ، وإستخدام القوات الحكومية للقصف بالمروحيات وأسلحة الدشكا ،مايعني أن لا إحتكاك بين الطرفين .. فكيف يلقى قائد الحملة ،أو أحد قادتها مصرعه برصاص سلاح خفيف "كلاشنكوف" ؟!.
وكيف تمكنت تلك العناصر بأسلحتهم الخقيقة من تدمير وإحراق أكثر من طقم عسكري حامل سلاح الدشكا ؟! وكيف قتلت القوات الحكومية المواطن محمد باجليده الذي كان برفقة إبن أخيه في حافلة لنقل طالبات الجامعة ،المتجهة للمكلا ، ولم يكن "فارعاً" بين المتعاركين ؟!.
وأين نتائج ذلك القصف الكثيف للمروحيات والدبابات والمصفحات والدشكا على الأرض ؟! .. وأين الآثار التي خلفتها ،والدماء التي تركتها ؟!
ووفقاً للرواية الرسمية أيضاً ، أن القوات الحكومية في تلك المواجهة قتلت 7 من ماسمتهم بعناصر القاعدة ،أين هم ؟! إذ أن جثثهم لا وجود لها في ثلاجات إيداع الموتى ،لا في المكلا ولا في الغيل .. وماهي أسمائهم ؟! .. هل إخفاء جثثهم ،وعدم التصريح بأسماءهم ،هو من الأسرار السيادية ؟!.
وأين الكمية الكبيرة من الأسلحة المتنوعة .التي قالت الرواية الرسمية إنها ضبطتها في مخازن العناصر الإرهابية بمعية عدد من الدراجات النارية التي جزمت الرواية الرسمية ذاتها ،ولم تقل إنها تشتبه ،أن العناصر الإرهابية استخدمتها في إغتيال عدد من الضباط في حضرموت ؟!.
غادرت القوات اليمنية منطقة غيل باوزير لكنها تركت خلفها الكثير من الدمار والتساؤلات التي لانستطيع حلها هكذا يقول "بارحيم" قبل ان ينصرف عائدا إلى منزله وسط المدينة .