رصد / د. الخضر عبدالله: المشهد السياسي في اليمن يزداد تعقيدا بمرور الوقت، وتبدو الحلول السياسية لوقف الحرب من وجهة المراقبون للشأن اليمني بعيدة المنال وغير واقعية، وهناك من يرى حلول تلوح في الأفق لوقف الحرب ، وإنهاء الصراع فقد قالت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الأول ، إن المملكة العربية السعودية والحكومة اليمنية الشرعية مستعدتان للاتفاق على وقف لإطلاق النار في اليمن والتفاوض لإنهاء الصراع. وأكدت الوزارة أن واشنطنوالأممالمتحدة تحثان جميع الأطراف في اليمن على بدء الحوار تحت رعاية أممية، وقالت: "نقترح إطاراً زمنياً سريعاً للحوار بشأن اليمن بحيث يتم حل قضايا مثل مسألة الموانئ بسرعة". وطالبت الوزارة "الحوثيين بإظهار النية بالالتزام بوقف شامل لإطلاق النار والدخول في المفاوضات"، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة جعلت من إنهاء الصراع في اليمن "أولوية في سياستها الخارجية". وقالت إن مقترح واشنطنوالأممالمتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن يعالج الوضع الإنساني هناك فوراً، ودعت جميع الأطراف لاغتنام الفرصة والجلوس إلى طاولة التفاوض. مجلس الأمن يحذر ومن جهته كان مجلس الأمن الدولي قد حذر، في الخميس الماضي ، من تدهور الوضع الإنساني في اليمن بسبب استمرار المعارك، ودان هجمات الحوثيين على السعودية ومأرباليمنية. ودعا المجلس في بيان، مليشيا الحوثي لإنهاء هجومها على محافظة مأرب، وقال إن "التصعيد في مأرب يهدد الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سياسية في وقت تزداد فيه وحدة المجتمع الدولي من أجل إنهاء الصراع". وشدد مجلس الأمن، الذي اطلع على إفادة حول الوضع في اليمن، الثلاثاء الماضي، على "ضرورة وقف التصعيد من كل الأطراف، بما في ذلك وقف التصعيد الحوثي في مأرب فورا". وحذر من أن "التصعيد في مأرب يعرض مليون نازح لخطر جسيم ويهدد الجهود المبذولة لتأمين تسوية سياسية".وأعرب عن قلقه من "أن عدم إحراز تقدم في عملية السلام يمكن أن يستغل من قبل الإرهابيين في اليمن". التحذير من عودة الحرب بضراوة وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، حذر الثلاثاء الماضي، من عودة الحرب في اليمن بكل ضراوتها. وصعدت مليشيا الحوثي عملياتها العسكرية في مأرب الغنية بالثروات النفطية والغازية، بالإضافة إلى إطلاقها بشكل متكرر صواريخ باليستية ومقذوفات وطائرات مسيرة على مناطق داخل المملكة. الحوثيون يرفضون المساعي ومن جهتها رفضت جماعة أنصار الله الحوثي مقترحًا أمريكيًا لوقف إطلاق النار في اليمن، قائلة "ما لم يحصلوا عليه بالحرب والدمار لن يحصلوا عليه بالحوار"، حسب ما أوردته قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين.ونقلت "المسيرة" عن الناطق الرسمي باسم الجماعة ورئيس الوفد الوطني المفاوض باليمن، محمد عبدالسلام الحوثي، قوله: "ما أسماه المبعوث الأمريكي (تيموثي ليندركينغ) بالمقترح لا جديد فيه ويمثل الرؤية السعودية والأممية منذ عام". وأضاف الناطق: "أن يأتي مبعوث أمريكي يقدم خطة أقل مما قدمها المبعوث الأممي فهذا غير مقبول"، وأنهم "لو كانوا جادين لوقف العدوان والحصار لأعلنوا وقف الحرب والحصار بشكل جاد، عندها سنرحب بهذه الخطوة". اتفاقات شكلية ورأى أن المبادرة الأمريكية ل"وقف الحرب" عبارة عن "التفافات شكلية تؤدي لعودة الحصار بشكل دبلوماسي" وفق "شروط سعودية"، وقال عبدالسلام إن ما قدمه ليندركينغ "مؤامرة لوضع اليمن في مرحلة أخطر مما هو عليه الآن". وذكر أن المبادرة احتوت شروطَا، من بينها "تحديد وجهات مطار صنعاء وإصدار التراخيص عبر تحالف العدوان وأن تكون الجوازات غير صادرة من صنعاء"، إضافة إلى توحيد الإيرادات في اليمن وصرف المرتبات. وتابع: "يريدون أن نستجيب بالحوار لما لم يحققوه بالحرب والحصار، وهذه الحقيقة يجب أن يدركها الجميع... ما لم يحصلوا عليه بالحرب والدمار لن يحصلوا عليه بالحوار"، لأنه "لا يوجد أي تغيير حقيقي نحو إنهاء الحرب ورفع الحصار، وهذه الأمور بيد الطرف الآخر". القضاء على المسار السياسي في المقابل، أصدرت وزارة الخارجية اليمنية بشأن الوضع الإنساني في اليمن، قائلة إن "التصعيد العسكري لميليشيا الحوثي الإرهابية على مأرب واستخدامها للصواريخ الباليستية لقصف الأحياء السكنية في المحافظة والمدن السعودية، وافتعال أزمات الوقود وتضخيم السوق السوداء.. يسعى للقضاء كليًا على المسار السياسي... يقوض أي آمال أو مستقبل للسلام في اليمن"، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية. الحوثيون مصرون على الحرب وعلى هذا السياق قال السفير الفرنسي في اليمن، جان ماري صفا، إن كل الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية تطالب بوقف شامل لإطلاق النار ومفاوضات سياسية، فيما يصر الحوثيون على الاستمرار في الحرب. وأضاف صفا في تصريحات ل"الشرق الأوسط" إن "الحوثيين هم الطرف الوحيد المصر على الاستمرار في هذه الحرب". كما شدد على أن ميليشيات الحوثي ترفض وتهمش كل من يخالفها الرأي، داعياً إياها أن تتجاوب مع الجهود الدولية، لا سيما جهود المبعوث الأممي إلى اليمن. وعن هجوم الحوثيين على مأرب، قال صفا "أنا أعمل بطريقة وثيقة مع المبعوثين الخاصين، مارتن غريفثس وتيم ليدركينغ، ومع مبعوث الاتحاد الأوروبي، وجميع الشركاء الآخرين. وثمة زخم وأمل جديد بشأن الملف اليمني، مع وصول إدارة الرئيس بايدن. لقد أدانت فرنسا مرات عدة اعتداءات الحوثيين على مأرب، وكذلك على أراضي المملكة العربية السعودية. وندعوهم لوضع حد لهذه الأعمال المزعزعة لأمن المنطقة فوراً، وللالتزام بطريقة بناءة في عملية سياسية تخرج اليمن من أزمته".وتابع: "لقد حشدت فرنسا جهودها لوقف إطلاق نار شامل، ولاستئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق سياسي شامل تحت رعاية الأممالمتحدة. إن سقوط مأرب سيشكل فاجعة سياسية وإنسانية، خاصة مئات آلاف النازحين الموجودين فيها". الحلول بعيدة من جانبه قال مدير مركز جهود للدراسات باليمن عبد الستار الشميري، إنه على المدى المنظور لا يبدو أن هناك حلا للمشكلة اليمنية وإيقاف الحرب. وأضاف ل"سبوتنيك": "هناك علامات تسبق التسويات السياسية، لكن ما يحدث على أرض الواقع في اليمن يشير إلى أن هناك عمليات تحشيد واستعداد لحرب جديدة قد تكون بنفس الضراوة إن لم تكن أشد". واعتبر أن من علامات التصعيد "التحشيد في الجبهات والحرب الكلامية، والدعم الإيراني بالسلاح، وهذا أيضا ما تقوله التحليلات في كل أروقة السياسة بأن المشكلة اليمنية لا تزال في منتصف الطريق إن لم تكن في أوله، وأن هناك سنوات ممتدة من الحرب". سقوط مأرب وقلل الشميري من أهمية التصريحات التي ترددت مؤخرا عن اقتراب وقف الحرب سواء من الإدارة الأمريكية أو من دول المنطقة.وقال إن تلك التصريحات سبق وأطلقها مرارا المبعوث الأممي دون أن تترجم على أرض المواقع. وجزم بالقول: "ليس هناك ما يؤيد تلك التحليلات والتصريحات في الواقع، فالشرعية لا تملك أية أوراق تستطيع أن تضغط بها على الحوثيين لكي يقوموا بتسليم سلاحهم أو الانسحاب". وأشار إلى أن محافظة مأرب شرقي البلاد والتي تشهد معارك طاحنة، أوشكت على الانهيار والسقوط في أيدي "أنصار الله" بعد أن كانت المعارك تدور في البداية حول صنعاء وخطوطها. ومضى الشميري قائلا: "اليوم تحاول الشرعية إنقاذ ما تبقى من مأرب والتي تعد آخر المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها الشرعية بعد أن سقطت العديد من القرى والمدن بيد قوات صنعاء". وأعرب عن اعتقاده بأن "سقوط مأرب سيجعل الحل السياسي بعيد جدا، لذا يمكننا القول أن الحرب في اليمن لم تنتهي بعد وقد تشتعل أكثر مما كانت عليه في بدايتها". فشل المفاوضات يشار إلى أن أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/ 2018، كانوا قد اجتمعوا لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأممالمتحدة في ستوكهولم، وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية غربي البلاد ووضعها تحت سيطرة أممية.