ها هو الحوار الوطني الشامل يبلغ ذروة المنتصف غداً الإثنين, ليبدأ العد التنازلي دون إختبار ولو لنصف إنجاز في القضايا المحورية. فالمؤشر البياني يفيد أن مجرد الإجتماع هو المنجز الوحيد, والتعادل السلبي هو السائد في الملفات الساخنة كالقضية الجنوبية وموضوعي صعده وبناء الدولة . كمتابع يتهجى قراءة ما بين السطور, أزعم أن المشهد الحواري في نصفه الثاني سيلج ذات النتيجة. فالأفق مسدود كون القوى الفاعلة بقوة الحق الجنوبي من جهة وبقوة السلاح, المال, الإعلام والتمذهب من الجهة الأخرى, تتحركان بمعزل عن الحوار. فلا نتائج حاكمه إن لم تك ثمرة حوار واقعي, يضم كلاً من علي عبدالله صالح, حميد الأحمر ومعهما عبدالملك الحوثي الى يمين نبيل العربي والبيض, باعوم ومعهما الجفري الى يسار أمين عام جامعة الدول العربية. حينها فقط سيُختصر الزمن من 6 أشهر الى 6 ساعات والتكاليف من 7.7 مليار الى 7 مليون ريال, والنجاح أزعمه متعدياً نسبة ال75 % . فَعِلةُ الحوار: إنعقاده بمعزل عن قناعة قوى تمتلك قُدرة لحس نتائج أي جهد لا يحوز على رضاها. قُدرَهٌ وفجور راكمتهما على مدار ثلث قرن فلا خيار سوى شطبها كلياً من المعادلة او التعامل المباشر معها. لذا وبدلاً من (الدوبلير) المعروف في التصوير السينمائي أتطلع لظهور أبطال دراما المضاهرات, ومعدي سيناريوهات إسقاط الطائرات والطيارين, الى جانب ممولي كليبات الإستهداف للقادة الأمنيين والعسكريين ومفجري انابيب النفط وأبراج الكهرباء, أتطلع للوقوف على تمثيليات اللعب على التناقضات المذهبية مباشرة. فالرسائل مترعة بالصراحة, وقدرات معارك البقاء أوضح حتى لضعيفي النظر, بالهروب من حسم الموقف منها على نحوٍ باتٍ ستضل العملية مجرد ممارسة لرياضة الجري على ال(آلة).. العداد يظهر لك المسافة المقطوعة بالالآف, وعند المفارقة تكتشف أنك لم تغادر المكان في الفندق أو القصر. فالزمن, الأحداث والننائج تؤكد أن من يُسَّير خيوط اللُعبه هو من أنتج وأدار حالات الحرب وإلاّ حرب مُنذُ قيام الوحدة, وأن الخلاف غير محتدم حول رؤى أو برامج إنما حول منازع متوارثة لهذه الأسرة او تلك, حول منطلقات تحركها مصالح هذه الجماعة أو تلك جميعهم غير مكترثين بدور مجتمعي, فلا دور لفئات شبابية, نسوية ولا لنقابات او مثقفين ولا لعمال او فلاحين, وإنما ثمة دور لشيوخ ورموز قبلية. فمشروع الوحدة لم يك سوى مشروع القبيلة في أحط تجلياته. أدرك إن كثير من الموعودين بالأمل لا يميلون وضع النقاط على الحروف على هذا النحو المباشر لهم نقول أي أمل بحاجة لرِجْلين على الأرض. أما الوعود المعلقة في الهواء, أو تلك التي تفيض من غير اوانيها لا تعدو عن كونها زَبَدَ وغُثاء سيل, عهدنا تكرره مع كل نائبه تستدعي فلم او مسرحية حوارية... تابعنا جلبة التدشين وبهرجة الإفتتاح وتسييل الوعود بطرح كل القضايا على الطاولة دون سقوف,عقدنا الأمل على الحضور العربي والدولي ولكن ها هو الشهرالرابع دون أمل, ولو بسقف ل(بدروم) في الجنوب أو ل(عُشة) في صعده. فالأول مقفول بإرادة وقناعة أهله الذين علاوة على ثمن الوحدة يدفعون اليوم ثمن الحوار, نزيف دم شعبي نوعي, وأعَلام قاعدية سوداء تتنقل بين محافظاته, لتُخلف دمار الطائرات والدبابات, أما الثانية فمقفولة بضبة التمذهب السياسي وبمفتاح السلاح, على طريقة الجنوب والضاحية اللبنانيين, وهيهات لمؤتمر الحوار العثور على مُؤَذِن لمسجده في صعدة! توقفت ملياً أمام ما تفضل به السيد جمال بنعمر أمام مجلس الأمن في 11 الجاري, فلم أجد سوى تكراراً لمقارنة بين مرحلة الحرب الساخنة في الحصبة والحرب الباردة في فندق ال(موفمبيك) الأنجاز اليتيم الذي كرره إشراك المرأة والشباب وفصائل من حراك. ولان الرجل لم يجد إختراق يضمنه تقريره أشار في الفقرة التاسعة الى زيارة وفد نسوي شبابي إلى مقر وكالة استخبارية في العاصمة صنعاء, (إنجاز باهر) وما دونه الطرح كان عن غياب الإستعداد للتفاهم من لدنَ الجميع. فالخلاصه من إيجاز المبعوث الأممي هي: نعم للحوار لا للقرار. أما الخلاصة من المهمة ومتابعات الدبلوماسيتين العربية والغربية فتؤكد أن المنطق برغماتي يعكس: رغبة بحل يلبي الحاجتين الأقليمية والدولية وليس بالضرورة أن يكون ملبياً لحقوق الأنسان والشعوب وفق المواثيق والاعراف الدولية. لذا ومن خلال كل ذلك على الجنوبيين التمسك بحقوقهم أولاً وثانياً وثالثاً.. فالرعاية الأقليمية والدولية كالمحلية ستنتهي الى لا شيء. وأثبتت التقارير إن التغيير ليس سوى تنظير, وأن من لديه الجرأة على التفاهم بالقتل ويمتلك القدرة على ممارسة حوار التدمير أكثر قدرة على فرض شروطه من قاعة ومنصة الحوار.