الأفكار وحدها لا تحرك الأمم ولا تصنع التاريخ، لابد من قوى مجتمعية فاعلة تتبناها وتناضل من أجل تحقيقها وتحويلها إلى واقع ملموس، هذا ما ينطبق على الأصوات التي نسمعها من بعض المختصين والمهتمين في شئون الآثار والتاريخ والبيئة والجيولوجية تبدو متواضعة في مواجهة ما يحدث لمدينة عدن من عبث وتدمير وطمس متعمد لهويتها التاريخية، وما لحق بمستقبلها بعد ان حلت مكانها سياسة الفيد والتفيد والعشوائية من قبل عناصر متنفذة بقوة النصر أتت بفعل لحظة تاريخية دفعتهم إلى تدميرها وطمسها، وكذا التغيير التي طرأ عليها أشكال العبث التي تعرضت لها دون مراعاة لعواملها الطبيعية والتاريخية، كانت اصواتهم محاولة لتقويم النقد والتحليل والتوجيه، في اعتقادي لن تجد صدى وهدف منشود، لأن حجم المسئولية كبيرة على عاتقهم وخطيرة، تتطلب الاعتماد على العمل المشترك من قبل جميع المؤسسات والهئيات التشريعية والقانونية ومختلف الاطراف. كان هذا الوضع مشجعاً في إبداء رأيي في ندوة حضرتها بعنوان:(الملامح الطبيعية والاثرية لمدينة عدن) الذي نظمها قسم الجغرافيا – كلية التربية جامعة عدن، يوم الثلاثاء 29 نوفمبر2011م وتستدعي إلى اعتماد آلية ملموسة للتغلب على المعوقات والصعوبات وكذا التوافق حول استراتيجية فعالة تقوم على تكاثف المجتمع بمختلف قواه.
المشاركون في الندوة اشاروا إلى أهمية العمق التاريخي والجيولوجي للمدينة والحفاظ على الأرث للأجيال القادمة، ناقشوا مشاكل التحديات التي تواجه المدينة، كون عدن تحظى بشهرة وتتمتع بمميزات طبيعية، واستعرضوا خصائصها وملامح بيئتها وموروثها الطبيعي.
ومن نافل القول ان مصلحة أي دولة الحفاظ على معالمها، هنا ينبغي ان تتبنى الجهات ذات العلاقة في حماية معالم مدينة عدن التي تبينت ان لها إضافة إلى قيمتها مثل صهاريج عدن التاريخية وآبار المياه في المساجد والاستحكامات الدفاعية المنتشرة في كل المرتفعات حول المدينة، وعلى ضرورة تفعيل الدور المؤسسي لإيجاد آلية فاعلة تمنع الاستمرار في العبث تحت دعوة الاستثمار وذلك من خلال تفعيل دور مجلس تخطيط المدينة الذي يشمل كافة الجهات المعنية ( البيئية والتاريخية والجيولوجية والهندسية) كإجراء فاعل يضمن تطبيق وثيقة المخطط التوجيهي العام لعدن الكبرى (2005- 2025م) الذي أقر من قبل كافة الأطر في الدولة، وكذلك اعتماد الكشوفات التي رفعت من قبل الجمعيات البيئية والتاريخية الفاعلة والتي تحدد مواقع المعالم في عموم شبه جزيرة عدن وما حولها.
بعد ما سبق نعود لنقول ان أي مشروع قّيم يخدم الصالح العام للمدينة في المحافظة عليها ولإنجاح خططها لابد من مشاركة الجميع في تحديد أسسسه الفاعلة وفرض القوانين والتشريعات بحيث يلزم الجميع.
كلمة اخيرة لايفوتنا ان نشكر قسم الجغرافيا دون سواهم في كلية التربية جامعة عدن، على تحملهم في انجاح الندوة، وكذا من شارك معهم في إقامة معرض الصور المتعلق بمدينة عدن.