قتلت متظاهرتان وأصيب 10 آخرون برصاص قوات الأمن التي قمعت أمس تظاهرة سلمية كانت تجوب شوارع مدينة تعز، جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، للتنديد بالمجازر التي ترتكبها قوات الحرس الجمهوري التي يقودها النجل الأكبر للرئيس عبدالله صالح على المدنيين العزل بعد يوم واحد من تشكيل اللجنة العسكرية التي أسندت إليها المبادرة الخليجية مهمة إزالة مظاهر التوتر العسكري وسحب قوات الجيش وكذلك الميليشيا غير النظامية من المدن . وانضمت المرأتان إلى خمس نساء أخريات سقطن في تعز نفسها، على أيدي قوات الأمن في تظاهرات سابقة خلال الشهرين الأخيرين في كفاحهن من أجل التغيير، وقد لقيتا حتفهما وأصيب عشرة آخرون عندما فتحت قوات الأمن النيران عليهم أثناء مشاركتهم في تظاهرة سلمية تطالب بمحاكمة صالح .
وقال شهود عيان إن الضحية الأولى (19 عاماً) وتدعى تغريد محمود، والثانية راوية شيباني (27 عاماً) لقيتا مصرعهما على أيدي قناصين بالقرب من ساحة الحرية، وأصيب العشرة الآخرون، بينهم امرأتان ورجل مسن يبلغ من العمر 65 عاماً برصاص أطلق من قبل قوات الأمن على التظاهرة .
ووقع إطلاق النار غداة الإعلان عن تشكيل لجنة عسكرية مكلفة بإعادة الأمن إلى البلاد بموجب الاتفاق الذي وقع في الرياض بين السلطة والمعارضة الشهر الماضي .
وتدور الاشتباكات بين رجال القبائل المسلحين وقوات الجيش اليمني في تعز رغم اتفاق نقل السلطة الذي وقع الشهر الماضي بهدف إنهاء 10 أشهر من العنف في أنحاء البلاد .
ودعا نائب الرئيس عبدربه منصور هادي السبت إلى وقف إطلاق النار فوراً في المدينة، وسط تحذيرات من أن استمرار العنف يمكن أن يقوض الاتفاق الذي أبرم بوساطة خليجية، حيث جرى ضمان حصول صالح على حصانة من المقاضاة بعد تسليم سلطاته لهادي بموجب المبادرة الخليجية. من جهته نفى شباب الثورة وقادة في المعارضة بمدينة تعز، حصول أي انسحاب لقوات الحرس الجمهوري، الموالية للرئيس علي عبدالله صالح من أحياء المدينة، وأكدوا أن الجيش سحب عدداً محدوداً من الآليات العسكرية الثقيلة التي كانت مرابطة في الأحياء الغربية للمدينة، في حين لا تزال أكثر قواته موجودة في بقية الأحياء .
وأكد رئيس تكتل اللقاء المشترك المعارض في تعز رشاد الأكحلي في تصريح ل “الخليج “ أن لا صحة لما أشيع عن سحب قوات الجيش من أحياء المدينة وأن قوات الحرس الجمهوري معززة بالسلاح الثقيل لا تزال منتشرة في أحياء المدينة ومداخلها رغم اختفاء المسلحين المناصرين للثورة من أكثر شوارعها بناء على اتفاق التهدئة .
وقال إن قوات الجيش حضرت أمس بشكل مكثف في أكثر الأحياء وسط حال توتر غير معهود، خاصة بعد حصار وحدات من الجيش مقر حزب التجمع الوحدوي الناصري في منطقة المرور، وتهديد أعضاء الحزب القاطنين فيه بنسفه إن لم يتم إخلاء المقر .
وأكد الأكحلي أن ما يدور في تعز لا صلة له بأحزاب المعارضة وأن المواجهات بين قوات الحرس الجمهوري وحراس الثورة الشبابية الذين شكلوا كتائب مسلحة بعد عملية الاقتلاع الدموي لساحة الحرية في مسعى لحماية الساحة والمحتجين السلميين .
وقال إن اللجنة العسكرية التي وصلت إلى تعز اقترحت وضع نقاط مراقبة لضمان عدم تجدد المواجهات، في حين أنها لم تلب مطالب أبناء المحافظة في سحب قوات الجيش وتغيير القيادات الأمنية والعسكرية المتسببة في حصول الاحتقان العسكري في المدينة .
وقال نائب رئيس مجلس شباب الثورة في ساحة الحرية مطلق عبدالجليل إن الانسحابات التي حصلت اقتصرت على سحب آليات عسكرية ثقيلة من أحياء المرور والحصب، في حين أن الجنود ظلوا في مواقعهم بكثافة وتم نشرهم في بعض الشوارع وأسطح البنايات السكنية، خصوصاً في مناطق الحصب وبير باشا ومدينة النور .
وأكد عبدالجليل ل “الخليج” أن أكثر القوات التابعة للحرس الجمهوري والمرابطة في قلعة القاهرة وجبل الجرة والأمن السياسي وحبيل سلمان والمجمع القضائي وغيرها، ظلت في مواقعها، ما أشاع حالة توتر من إمكان تجدد المواجهات خصوصاً أن هذه المواقع هي التي تتولى عادة قصف أحياء المدينة لوقوعها في مناطق مرتفعة تطل على أحياء المدينة، ولفت إلى أن سحب بعض الآليات العسكرية الثقيلة كان تكتيكياً لإشاعة انطباع بأن اللجنة العسكرية بدأت تباشر مهامها في حين أن المظاهر العسكرية لم تتغير .
جاء ذلك فيما طالب الناطق الرسمي لأحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك محمد قحطان اللجنة العسكرية بمباشرة مهماتها والضغط على قيادة الحرس الجمهوري في محافظة تعز لتسليم قتلة المتظاهرين والقيادات التي أمرت بفتح النار على المتظاهرين في تعز لمحاكمتهم بصورة عاجلة .
وشهدت الأحياء الغربية لمدينة تعز عمليات نزوح جماعي للسكان بعد يوم من توقف المواجهات بين الجيش والمسلحين من حراس الثورة خصوصاً بعدما علقوا في منازلهم لأيام نتيجة المواجهات المسلحة خلال الأيام الماضية .
وشهدت محافظة تعز أمس تظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من شباب الثورة الذين جابوا الشوارع مرددين هتافات تندد بقصف أحياء المدينة وتحويلها ثكنة عسكرية وتطالب بالقصاص من القتلة في نظام صالح ومحاكمته وأركان نظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية .
كما شهد العديد من المحافظات مسيرات احتجاج مماثلة ردد فيها المتظاهرون هتافات تندد بالصمت العربي والدولي حيال الجرائم التي ترتكبها قوات صالح وتطالب بمحاكمته ورفض منحه وأركان نظامه أي حصانة قانونية