أكد مصدر رسمي یمني رفیع «أن الرئیس علي عبد االله صالح سیغادر إلى بلد عربي»، وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمھ في تصریحات ل«الشرق الأوسط» في لندن: «خروج الرئیس من البلاد أمر وارد، لأنوجوده في هذه الفترة بالذات یعقد الأمور أكثر مما یساعد على حلحلتھا». ویبحث صالح التوجھ الى بلدعربي بعد ان كان قد علن في وقت سابق أنھ ینوي السفر إلى الولاياتالمتحدة لإتاحة الفرصة لإنجاح العملیة السیاسیة، حسب قولھ، وأكد الأمیركیون في وقت سابق أنھم یفكرون في منح صالح تأشیرة علاج لاغير، الأمر الذي قوبل بالامتعاض من قبل صالح فعاد وعدل عن فكرة السفر وفضل البقاء في الیمن لمواجھات التحدیات الطارئة واستجابة لطلب حزبھ، حسب ما ذكرت مصادر حزبیة یمنیة سابقًا. وبعد عرقلة سفره الى الولاياتالمتحدة یبدو ان صالح یفضل التوجھ الى بلد عربي. إلى ذلك قالت حوریة مشھور، وزیرة حقوق الإنسان الیمنیة، إن قانون الحصانة للرئیس الیمني ومعاونیھ الذي أقرتھ الحكومة في وقت سابق، معروض على مجلس النواب للتصویت علیھ. وأكدت مشھور في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أنھا لم تصوت «على القانون خلال جلسة مجلس الوزراء التي أقر فیھا القانون، لأنھ یتعارض مع موقعي الرسمي كوزیرة لحقوق الإنسان ومع قناعاتي الشخصیة، وإن كنت أعتقد أن القانون سیقر في مجلس النواب لارتباطھ باتفاقیة دولیة»، في إشارة إلى المبادرة الخلیجیة التي أنھت، في ما یبدو، عشرة أشھر من الصراع بین الرئیس الیمني ومناوئیھ حول مسألة رحیلھ عن السلطة وتسلیمھا إلى نائبھ خلال فترة انتقالیة مدتھا سنتان وثلاثة أشھر، بدأت بالتوقیع على المبادرة الخلیجیة في العاصمة السعودیة أواخر العام الماضي. إلى ذلك دافعت الولایات المتحدة عن مشروع قانون یمني یمنح صالح حصانة من المحاكمة بشأن مقتل محتجین أثناء انتفاضة ضد حكمھ، وذلك على الرغم من انتقادات من الأممالمتحدة.
وقالت فیكتوریا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجیة الأمیركیة، للصحافیین خلال مؤتمر صحافي االاثنين : «تم التفاوض بشأن شروط الحصانة في إطار اتفاق مجلس التعاون الخلیجي لحمل صالح على ترك السلطة. یجب وضعھا في إطار قانوني». وأضافت: «هذا جزء لا یتجزأ من عملیة منح هؤلاء الأشخاص الثقة في أن عھدهم قد انتھى وأن الوقت قد حان للیمن لیتمكن من المضي قدما نحو مستقبل دیمقراطي».
وقالت جماعات حقوقیة إن مئات من المحتجین قتلوا خلال الانتفاضة . وبعد أكثر من شھر على توقیع المبادرة الخلیجیة لا یزال الیمنیون الغاضبون من عرض الحصانة یخرجون إلى الشوارع للمطالبة بتقدیم صالح للمحاكمة. وقالت مفوضة الأممالمتحدة السامیة لحقوق الإنسان، نافي بيلاري، یوم الجمعة، إن منح الحصانة لصالح ومساعدیھ ربما ینتھك القانون الدولي ویقوض المبادرة الخلیجیة. كما حثت منظمة العفو الدولیة البرلمان الیمني علىرفض القانون.
وقال فیلیب لوثر، المدیر المؤقت لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفریقیا بالمنظمة الحقوقیة، في بیان: هذه صفعة على وجھ العدالة ویزید من فداحة الأمر أن المحتجین كانوا یدعون لإنھاء الإفلات من العقاب منذ بدأت الاحتجاجات الحاشدة في أوائل 2011. یجب أن یرفض البرلمان الیمني هذا برمتھ.
وبموجب المبادرة الخلیجیة وافق حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح وتكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض على تقاسم المناصب الوزاریة وتشكیل حكومة وحدة وطنیة لقیادة البلاد نحو انتخابات رئاسیة في فبرایر (شباط). ووقع صالح الاتفاق في نوفمبر (تشرین الثاني) في العاصمة السعودیة الریاض منھیا فترة التجاذبات حول اتفاق نقل السلطة في الیمن. وفي السیاق ذاتھ احتشد آلاف الیمنیین الثلاثاء في العاصمة صنعاء في احتجاجات ضد إقرار حكومة الوحدة الوطنیة لمشروع قانون یمنح الرئیس علي عبد االله صالح وعناصر نظامھ السابق حصانة من الملاحقة القضائیة. وقال المتظاهرون في ساحة «التغییر» التي یخیم بھا الناشطون المناهضون لنظام صالح منذ عام تقریبا، إنھ ینبغي أن یعلم العالم بأسره أن الثورة مستمرة وأنھم لن یرضخوا.
وأثارت مصادقة الحكومة على مشروع الحصانة غضب المتظاهرین الذین یطالبون بمحاكمة صالح ومسؤولین آخرین من حكومتھ في ما یتعلق بدورهم في قتل المئات خلال قمع المظاهرات المناهضة للنظام السابق. ویحتاج الاقتراح لموافقة البرلمان الذي تھیمن علیھ أغلبیة من حزب صالح «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم. ولم یحدد بعد موعد للتصویت علیھ.