كان الجسم الملفوف باللفافة الزرقاء السماوية ذا وجه مصفرا شاحب طفولي البراءة علامات المرض والإنهاك تفاجئك بوضوحها وبروزها ,صعق لمشاهدته لم تصادفه حاله بهذا الجسم الذابل والأطراف المتيبسة عظاما, وجلدا ملاصقها بتفرعات لأورده ضامرة ذات لون اخضر ,وأقدام واهنة فوق بعضها البعض كان الجسم واقع على الجنب الأيمن, الوجه في مواجهه حائط المسجد ,كان بالقرب منها جماعه من نساء, أطفال قصر, وشيوخ في عدد أصابع اليد ينوون الظفر بما تلقيه لهم الأنفس المتفضلة بعد مغادره المسجد والصلاة ,وعلى الأنواع المختلفة التي يلاحظها في أثناء صلاته لم يرى مثيل لحاله من هذا النوع.
دار في خلده وهو غارقا في دعائه مأموما إنه مقصدا لجني مال للشيخ الكهل ربما تكون من اليتم بحيث فتك بها المرض في عهدة هذا الشيخ الذي يعيلها وقد يكون الجوع أوصلها حد الأرق وأعياها حد لم تقدران تصلب عودها قياما كبقية الأطفال الذين يراهم يوميا يرفعون اكفهم مع قدوم كل عابر طريق وبمعزل عن من يقف إلى جانبهم ويرافقهم ويبعد عنهم أذى متجهم فاسد مزاج ,كما رأى احد الأطفال وهو يتشبث برجل مفتول القوى وسائله إلحافا صدقه فرجم به جانبا وقذفه بنعوت التسكع والتشرد.
سمع الأمام ينهي الصلاة وقد مرت وهو يقلب عقله وتضرب منه الهواجس مبلغا فلعل الشيخ ينوي استغلال هذا الجسد مغنما وسلعه لدر المال والتكسب رحمة عند وقوع العين عليها ,إلا انه يعود بتفكيره إلى هندام وطله الكهل الذي توحي بوقار وطمأنينة نفس ملامح شخصيه نادرا ما تتوافد إلى مدينته التي خبر أناسها وملامح ساكنيها .
نهض صوب منفذ المسجد سابقا الكهل, واقفا على الجسد الممدد استكانة عدى من رجفة في الأطراف ,لم يتزحزح في موضعه. بمجرد وصول الشيخ وقد استبق هو الآخر صفوف المصلين خروجا, عاد إلى حمل طفلته ورأسها يعتلي كتفه واضعا من أعلى الجنب متكئ له ,وترجل أسفل الحجل الذي يتأبط المسجد في شكله الدائري .
كان مصطفى يمعن النظر ويزداد استغرابه فلم يعكف القرفصاء لانتظار مكرمه وذهبت تكهناته إلى غير موضع وهنا عزم على إن يستحضر موقفا خباءه لمثل هذه الظروف وجادت به فطرته التي جبل عليها في مدينته التي شهدت حالات لعل هذه أحداها ,قفز مستبقا الشيخ واقفا أمامه ما حكايتك ياعم ؟أراد أن يسلبه حمله تخفيفا عليه فأرجته قريحته حتى يجيب الشيخ الذي تنهد من شده ,قال يا ولدي, أتيت من سفرا قاصد عيادة وصفت لي للعلاج وانوي إن ارغب موعد متقدما حتى يتسنى لي العلاج ومن ثم أعود أدراجي فلي مشاغل جمة تنتظرني .
كان المسجد وسكن مصطفى واقعا في محط تجمع للعيادات التي تتنوع في تقديم أنواع العلاج والاستشارات الخاصة للمرضى والتي يؤمونها المرضى من أصقاع شتى حضرا ريفا وكثيرا ما تكتظ بالمرضى الذين يأتون من الأرياف .
أشفق على طفلة الشيخ وأيقن إن العلاج سيأخذ ربما كل ما ادخره هذا الشيخ ربما لإطعام عائلته ولان العيادة سوف تتأخر إلى إن تفتح في وجه مرضاها ومريضته لازالت تحتاج إلى العناية والغذاء الذي يعجز مطعم على إن يقدمه في مثل هذه الحالة وقال مسائلا الكهل وماذا تنوي إن تعمل؟ أي هل لديك قريب تتجه صوبه إلى إن يحل موعد العيادة؟ اخبرة انه سوف يلتحف ارض العيادة حيث يحين الوقت المحدد وهنا صدقت فطنه مصطفى واستدرك إن الموقف الإنساني قدحان فأردف متحدثا إلى الشيخ وبلهجة تنم عن ولد يحدث أبا له إن سكني قريب من العيادة التي تقصدها وهو من الوسع بحيث ترتاح أنت ومريضك وبه من النساء ما تتمكن من العناية وتفقد طفلتك وغذائها وسوف أقودك بنفسي إلى مقصدك أضافه إلى انك محتاج إلى إن تقر جسمك بعد عناء السفر ,نظر الشيخ إلى وجه الفتى نظرة بخبره العمر الذي عركته وحنكته الطوال الحالكات وتفهم اندفاع الشبل إلى فعل الخير وحبه إلى تقديمه ,هرول معه دون إن يستنطق بكلمه واحده صوب البيت .