بغض النظر عن قناعاتنا ومواقفنا الثابتة من المبادرة الخليجية ومن اللعبة السياسية التي افرزتها الا ان ذلك لا يفي أننا لم نتفاعل ونتعاطى معها أو أننا لم نعيش أجوائها واحداثها ومشاهدتها .. فها نحن اليوم نشارف على انتهاء مشهدها النافي الذي نجري احداثه على خشبة ( مؤتمر الحوار ) الذي رفض ( صيغته ) السواد الاعظم من شعب وغالبية مكونات ثورته السلمية , والتي يراد بها إخضاع القضية الجنوبية للتوافق السياسي وهي غير قابلة للتوافق من عدمه , ولم يرتضوا الحوار – كمبدئ وقيمة ووسيلة ومفهوم حضاري وسياسي وأخلاقي نيبل ومثلى وأمنه لحل الخلافات السياسية والنزاعات المسلحة أيا كانت . ومن هذا المنطق والمفهوم ولإدراك يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : هل نحن اليوم – كجنوبيون معنيون بما سيسفر عنه هذا الحوار آيا كانت ؟ أكتفي بالإجابة ب بلى , كي انتقال إلى طرح تساؤل أهم منه : هل نحن مهيؤون نفسياً وذهنياً والتعاطي مع مخرجات هذا الحوار إذا ما جاءت مخرجاته مقاربة وملامسة إلى حد مقبول ومعقول لما نطمح ونصبوا إليه أو العكس ؟.
وحتى لا يفهم أنني أدلو إلى تراجع وعن القناعات ومواقف الثابتة وإلى عدم التصعيد وغيره بمقدار ما أدعو مخلصاً وموداَ إلى لفت الانتباه والمبادة والتركيز على حل التضحية وليس على طبيعتها وجوهرها في الوقت الراهن وإلى التفاعل والتعاطي مع تلك المخرجات بشكل مثال ونوعي ومنهجي وبلسان وعقلية سياسية حصيفة ومتحرسة ومنفتحة , ولمناضلة الخيارات المتاحة والممكنة بنظرة فاحصة لما يدور ويعتمل من حولنا في منطقة الشرق الاوسط من أحداث تطورات ومواقف متسارعة ومبتذلة وهذا ما يدفعنا إلى طرح التساؤل الثالث _ هل نحن جاهزون وقادرون – كثوار وأحرار ونخب ومرجعيات وقيادات مخضرمة للدخول في عملية حوارية – سياسية توافقية – محترمة ومشرفة وآمنه لمواكبة الفرضية الاحتمال الايجابي لمخرجات هذا الحوار والدخول في ائتلاف وطني لمجابهة المخاطر والتحديات والتداعيات المترتبة على فرضية الاحتمال السلبي ؟ .( نظرا لما فرضته القضى الجنوبية من واقع حتمي فمن واقع المتابعة والمراقبة والاطلاع والتحليل وسيطرتها وهيمنتها على أجواء وموضوعات الحوار كادت توصف به يمكن الاشارة إلى أبرز ملامح مخرجات الحوار وعلى النحو التالي :
أولاً : التحول الملحوظ في اتجاه ومفهوم الحوار - من حوار تقليدي – احتفائي وشكلي كما كانت تريد صنعاء وفرقائها له – إلى ورش بحثية معززة بخبرات ومؤهلات دولة عالية وإلى أشبه بمحادثات ثنائية – تمهيدية هدفت إلى بحث وكشف وتشخيص أسباب وجذر وجوهر الصراع والنزاع الحقيقي على رقعة ومسمى " الجمهورية اليمنية " وطرقية الاصلين وخلصت إلى :
1) أن مشروع الوحدة بين الجنوب والشمال فشل بالفعل , وأن الوضع التأئم في الجنوب استثنائي وغير طبيعي من عدن منذ حرب صيف 94م , وأن الضرر المعنوي والمادي الذي الحق بالجنوب وشعبة بليغ وفادح أقضى إلى اندلاع ثورة سلمية جنوبية في 7 . 7 . 2007م وبروز القضية الجنوبية – كقضية وطنية ومستقلة اصلية لشعب الجنوب وسياسية بامتياز .
2 : أن الانظمة المتعافية في الشمال منذ عشرات العقود على سدة الحكم فشلت فشل ذريع في إدارة شؤون البلاد وفي عدم بناء دولة مدنية تواكب العصر ومتطلباته و....... الاستبداد وتفشي الفساد مما أدى إلى اندلاع ثورة شباب التغيير 3 فبراير 2011م مما يبين وبدون أ1نى شك وجود ثورتين شعبيتين سلميتين منفصلتين ومختلفتين في الهدف والموضوع والزمان والمكان , واستحقاقين وطنيين لا محالة .. ويعكس ما صورته وعكسته صنعاء في المبادرة الخليجية في بابها الأول من " أن الأزمة سياسية واقتصادية بحثة وبين طرفي نظام الحكم " هذا من جهة.
ومن جهة ثانية هتفت إلى تقريب وجهات النظر وتضييق فجوة الخلاف ومحاصرته وإعادة بناء الثقة المبتورة والمنعدمة إلى حدٍ ما , ولتحديد مرجعيات الحل النهائي واخيراً إلى ايجاد صيغ وتفاهمات الحل وخطوط عامة عريضة ) ... وفي المجمل قلق مقدمات واساس واضحة وثابتة لعقد من حوارات داخلية ومفاوضات ثنائية لاحقة بين الطرفين وبين كل طرف .
ثانيا : وبناء على تقدم التوافق على الاعتراف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره لإضفاء الشرعية على الحل . ثالثا: التوافق على دولة اتحادية من اقليمين رئيسيين ولمدة ( 2 – 3 سنوات واكثر من مسمى في أطار كل إقليم يشوط التوافق على تشكيل حكومة اتحادية لتعريف الاعمال بالتناصف وحكومتين محايدتين في الاقليميين , وجمعية وطنية اتحادية بالمناصفة من قوام أعضاء مؤتمر الحوار.
خامساً : تحديد فترة المرحلة الانتقالية وولاية الرئيس هادي من ( 2-3 سنوات ).