أحنى ملاكها رأسه ثم بكى بصمت .. بعد أن غادرت طفلتهما غيهب اليقظة إلى جنة الأحلام .. و انتهى الأمر هذا المساء.. وغداً مع الفجر سوف يغادر حبيبها البيت إلى عمله .. وسوف تأتي إليها طفلتها راكضة كأرنب مذعور لتتمسح بها كقطة نزقة ..وستمد كفها لتمسح على رأس طفلتها وتحتضنها بقوة الى صدرها وهي تسرح شعرها الطويل .. وعندما يُطرق الباب غداً ستنطلق ضحكات طفلتها المرحة من أعماق قلبها الصغير .. وتحتضن والدها كالعادة .. ستبتسم له فتظهر أسنانها كأسنان أرنب .. ولا بد له أن يبتسم لها ولو ابتسامة صفراء لينجو من صوت بكائها الصاخب .. و يجب عليها كزوجة و أُم أن تبتسم وهي تميل جيدها بغنج لتنتهي اللعبة .. هكذا أيامهم لا جديد .. بكى حبيبها بصمت .. و اقتربت منه .. مازال جسدها رقيقاً نظراً .. وما زالت طلتها مغرية .. لكنه كان حزيناً .. وهي تشعر بالعبء الذي يحمله .. فمن أجلها و أجل طفلته رضي أن يحشر جسده في علبة مظلمة .. ومن أجلها رضي أن يستبدل قدميه الناعمتين بقوائم حديدية تعمل بالطاقة الشمسية .. تبدأ العمل فوراً حينما تشرق الشمس .. من أجل طفلته بحث عن السعادة في وجوه الغياهب الشاتية .. حين لم يجدها في وجه الربيع .. تحمل كل هذا من أجل المزيد من " علب الحليب المجفف " .. أحمرت عيناه .. و آلمتاه من البكاء .. وهي تغلي في مكانها .. عاجز لسانها عن الكلام وتنهداته الممزوجة بالحزن والبكاء تمزقها وتبكيها .. حاولت أن تغني له بهدوء .. أن تستغل عذوبة صوتها وجمالها في جعله ينسى همومه ..بدأت الغناء .. فبقى يحدق بها مفتوح العينين صوتها ووجهها القمري يذكره بواجبه و أنه يجب عليه أن يعيش ليوم آخر - فقط – من أجل حبيبة غيداء حرام أن يموت أمثالها .. وطفلة تنطلق إليه كل يوم ساعية على قدمين . من عثمان الحجي