كتب/ خالد الحمادي كشفت العديد من المصادر السياسية أن الاقتتال الدائر حاليا في منطقة دماج بمحاظة صعدة، شمالي اليمن، بين جماعة الحوثي الزيدية المسلحة وبين جماعة السلفيين، يتجه نحو تهيئة الأجواء لحرب طائفية طويلة الأمد يسهم في خلق جماعة سلفية جهادية مسلحة في اليمن، في حين يعاني البلد من وطأة تنظيم القاعدة الذي وجد من الأراضي اليمنية منطقة خصبة للتمدد والتوسع بشكل مستمر. وذكرت ل(القدس العربي) ان ‘ما يجري حاليا في منطقة دماج بصعده من مواجهات مسلحة إثر القصف الشديد عليها من قبل قوات جماعة الحوثي المدججة بالأسلحة الثقيلة ومحاولة اقتحامها بالقوة، تنبؤ بخلق جماعة جهادية مسلحة، لا ينحصر تواجدها في دمّاج فحسب، بل يتسع الى كل المناطق اليمنية، التي فيها حضور كبير للسلفيين'. وأوضحت أن السلفيين ظلوا طوال العقود الماضية، يركزون على العلم الشرعي ويبتعدون عن السياسة وعن لعبتها القذرة، ولكن الحصار المسلح لمنطقة دمّاج بصعده، حيث تقع أهم المعاقل السلفية في اليمن، والهجوم عليها من قبل القوات المسلحة الحوثية، خلق نقطة تحوّل استراتيجي للسلفيين ليس للمقيمين والدارسين في دمّاج فحسب ولكن لكل السلفيين في كل مناطق اليمن. وجاءت هذه الاستنتاجات على خلفية الاستنفار السلفي الكبير الذي شهده اليمن خلال الأيام القليلة الماضية منذ اشتداد الحصار على دمّاج وكثافة القصف الحوثي عليها، ومحاولة اقتحامها وتصفيتها من الوجود السلفي بالقوة والتي أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى واضعافهم من الجرحى في صفوف السلفيين. وعلمت (القدس العربي) من مصادر عليمة أن العديد من المجموعات السلفية استنفرت بشكل كبير في كثير من المحافظات اليمنية، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء ومأرب وعمران وعدن وتعز وحضرموت، وأن الكثير من السلفيين حاولوا الانضمام الى مناصرة (إخوانهم) في دمّاج، غير أن الحوثيين أطبقوا إغلاق صعده أمامهم. وذكرت أن السلفيين قد يلجؤون الى فتح جبهات ضد الحوثيين في مناطق أخرى خارج دمّاج، كمحافظة عمران وغيرها، بمساعدة القبائل المناهضة للتوجه الحوثي القائم على فكرة (الحق الإلهي) في الاستحواذ على السلطة، حيث يعتقدون أنهم أصحاب الحق فقط في قيادة البلاد، بعد أن حكموها نحو ألف عام على أساس ديني مذهبي. وأشارت الى أن الاستنفار السلفي ضد ما يصفونه ب (الظلم) الذي وقع بهم في دمّاج من قبل جماعة الحوثي قد ‘يسهم في تحوّل المنهج السلفي من سلمي الى جهادي في ظل المتغيرات السياسية التي ضعفت فيها الدولة، ودفعت ببعض الأطراف الى الاعتماد علي نفسها في حماية مناطق تواجدها وأفرادها'. وأشارت مصادر في صنعاء الى أن شبابا مسلحين من المحسوبين على تنيظم القاعدة بدؤوا الاستعداد للتحرك نحو صعده للاستفادة من أجواء الاقتتال هناك بين الحوثيين والسلفيين، والأهم من ذلك ‘الحصول على مطئ قدم للقاعدة في صعده، بعد أن كانت حكرا على المسلحين الحوثيين'. وأكد الناطق باسم منطقة دمّاج السلفية الشيخ سرور الوادعي ل(القدس العربي) ان القصف الحوثي على دمّاج لا زال مستمرا وأن الحصار مطبق عليها من كافة الجوانب، وينذر الوضع في دمّاج بكارثة إنسانية إثر قرب نفاذ المسلتزمات الطبية والمواد الغذائية في دمّاج مع سقوط قرابة 100 قتيل فيها وأضعافهم من الجرحى منذ الثامن من الشهر الماضي، أي منذ بداية القصف الحوثي عليها ومحاصرتها. وفي تطور لافت، أكد الناطق باسم جماعة الحوثي في صنعاء علي العماد أن جماعة الحوثي والسلفيين في دماج وافقوا على دخول اللجنة الرئاسية وفريق الصليب الأحمر الدولي الى دماج صباح اليوم الاثنين، حيث تم التوصل الى هذه الموافقة ي وقت متأخر من مساء أمس وهو ما لم يسمح بدخولهم الى دمّاج لأسباب الاجراءات الأمنية المتبعة لدى المنظمات الدولية وكذا اللجنة الرئاسية، بعدم التحرك ليلا. وكان رئيس اللجنة الرئاسية لوقف اطلاق النار في دمّاج يحيى منصور أبو أصبع قال ظهر أمس ‘لقد منعنا صباح اليوم أمس من دخول دمّاج مع فريق الصليب الأحمر لإنقاذ'البقية الباقية من الجرحى، حيث وصلنا إلى منطقة رحبان وهي أول النقاط التي يفرض الحوثي السيطرة عليها وعندها منعنا من الدخول إلا بإذن منهم'. وعلى الرغم أن قوات جماعة الحوثي تطبق حصارها على منطقة دمّاج وحاولت اقتحامها والسيطرة عليها إلا أنها لم تكشف حتى اللحظة عن حجم الخسائر المادية والبشرية في أوساط مقاتليها، خاصة وأن مصادر أخرى تحدثت عن وقوع العشرات من القتلى وأضعافهم من الجرحى في أوساط القوات الحوثية، حيث جوبهت بدفاع مستميت من قبل مسلحين سلفيين، يقومون بعملية الحماية لمنطقة دمّاج من القوات الحوثية، وهو ما أعطى مؤشرا قويا أن منطقة دمّاج والسلفيين الذين فيها لم يعودوا فريسة سهلة يمكن لقوات الحوثي أن تلتهما بسرعة، كما كانت تتوقع، رغم الفارق الكبير بين الأسلحة الثقيلة والمتطورة والدعم اللوجستي الذي تمتلكه جماعة الحوثي، وحجم السلاح الخفيف والمتوسط الذي يمتلكه السلفيون في دمّاج.