ليوم الثلاثين من نوفمبر 2013م دلالات أبعد مما هي عليه كمنا سبة نحتفي بها بذكرى طرد آخر جندي بريطاني من جنوبنا الحبيب ،هذه الدلالات تُفصح عن نفسها جلياً بما عبرت عنه جماهير الجنوب في احتشادها المليوني في عاصمتها عدن فهي – أي الجماهير بقدر ما تقف لُتمجِّد ذكرى الاستقلال من المستعمر البريطاني فأنها في ذات الوقت تقف وبأعلى درجة من الحماس والإصرار لتعلن وبقوة عن رفضها القاطع لوجود الاحتلال الشمالي القائم مُوجِّهة من ساحاتها المليونية رسائل صارمة للمُحتَل نفسه ولكل الدول الداعمة له وللعالم أجمع ،. وأولى هذه الرسائل : أن شعب الجنوب مُتحد تمام الإتحاد على التمسك بحقه في استرجاع أرضه المحتلة وأنه لن يقبل بأي تفاوض مع المحتلين بعد اليوم لنفاد صبره إزاء أفعالهم الإجرامية والوحشية بحق أبناء الجنوب المسالمين وعبثيتهم المُنكرة بأملاك الجنوب وثرواته.
والثانية : أن المراهنات التي علَّق عليها الاحتلال آماله في خداع الجنوبيين وتتويهم في أتون الصراعات التي أبتدعها ليزُّج البعض في مواجهة البعض واللجوء إلى طريقة الالتفاف على الزمن بتكثيف الأسباب التي تُشرعِن البقاء له أكثر، قد فشلت فشلاً ذريعاً، إذ ما من جنوبي بوسعه اليوم أن يستسيغ هذا المسلك الجاهلي الأكثر من متخلف !! فكل الجنوبيون باتوا يفهموا جيدا إن أن المقصد من هذا السعي هو شرذمتهم ليكونوا في تطاحن دائم يُمكِّن الاحتلال من السيطرة المستديمة على وطنهم .
والثالثة: إن ما يُسمى بالحوار اليمني الذي لاذ إليه المُحتل كورقة أخيرة وبمباركة عدد من الدول قد رفضه الشعب الجنوبي رفضاً باتاً منذ بدايته وأعلن بكامل الصراحة في مليونياته السابقة أن هذا الحوار – الأكذوبة لا يعنيه بشيء وأن مصيره الفشل طالما رفضه الشعب الجنوبي جملةً وتفصيلا وهاهو المؤتمر – الفخ - يفشل ويلفظ أنفاسه الأخيرة .
والرابعة : أن الشعب الجنوبي يُريد أن يُرسِّخ في أذهان الإحتلاليين وغيرهم من خلال هذه المليونية الأكثر حشداً أن كل أسليب القتل والاعتقال والتعسف التي أتبعوها ضد أبنائه المتظاهرين السلميين في مليونياته السابقة لم تُرعبه قدر ما أجَّجَّت فيه قُوَّة النزوع إلى المقاومة المستميتة حتى يسترجع وطنه المغتصب . وبإيجازفأن كل ما يمكن اختزاله من هذا المشهد الإحتفالي النوفمبري البهيج في ذكراه السادس والأربعين هو أن لهذا الزخم الثوري الجنوبي تباشير نصر مؤزَّر بعون الله .