يثير التصويت السويسري على الحد من الهجرة قلق قادة اوروبا، القارة التي تواجه تصاعدا في النزعات القومية والتي اصبح لمؤيدي التشدد حيال المهاجرين فيها الصوت العالي قبل الانتخابات الاوروبية المقررة في ايار/مايو المقبل. نتائج الاستفتاء جاءت مفاجئة للمؤسسات الاوروبية التي كانت تعتقد حتى الجمعة ان الغلبة لن تكون ل"نعم".
وفي رد فعل سريع اصدرت المفوضية الاوروبية بيانا مقتضبا تعرب فيه عن "الاسف". كما ابدى العديد من المسؤولين الاوروبيين مثل وزير المالية الالماني فولفغانغ شوبله ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اندهاشهم واسفهم الشديد.
في المقابل اشادت الاحزاب الاوروبية المشككة في اوروبا بتصويت الناخبين السويسريين الذين عززوا بذلك موقفها قبل مائة يوم فقط من الانتخابات الاوروبية. فقد اشادت الجبهة الوطنية، التي تضعها استطلاعات الراي في الصدارة في الانتخابات الاوروبية في فرنسا، او حزب الاستقلال البريطاني بزعامة نايغل فارادج، الذي يناضل من اجل الخروج من الاتحاد الاوروبي والحد بشكل كبير من الهجرة، بهذا القرار الذي راوا فيه "خبرا رائعا".
وقال زعيم حزب اليمين الهولندي غيرت فيلدرز الذي يتوقع فوز حزبه في الانتخابات الاوروبية القادمة في هولندا "ما يمكن ان يفعله السويسريون نحن ايضا يمكن ان نفعله".
والتشكيك في حرية التنقل، التي تعتبر من المبادىء المؤسسة للاتحاد الاوروبي، لا يرجع الى الاستفتاء السويسري. ويقول جان ايف كامو الباحث المتخصص في الحركات الشعبيوية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "ان عددا متزايدا من الناخبين في دول الاتحاد ال28 يؤيد هذا الرفض المستند الى المخاوف نفسها".
ردا على سؤال لاذاعة سويس روماند قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن ان موقف الحكومة البريطانية في مجال الامتيازات الاجتماعية لعمال شرق اوروبا كان له تاثير سلبي على الراي العام السويسري شانه شان افكار احزاب اليمين المتطرف.
فمع الانتخابات الاوروبية في ايار/مايو المقبل والتشريعية المتوقعة عام 2015 اصبحت قضية الهجرة الموضوع المهيمن على النقاش السياسي في بريطانيا يغذيها رفع القيود على عمل الرعايا الرومانيين والبلغار في المملكة المتحدة اعتبارا من اول كانون الثاني/يناير الماضي. في المقابل تسارع حكومة المحافظ ديفيد كاميرون بوضع قيود جديدة على الهجرة من خارج اوروبا. في هذا الاطار لم تعد بريطانيا منذ كانون الثاني/يناير الماضي تدفع علاوة سكن للمهاجرين العاطلين القادمين من دول خارج الاتحاد الاوروبي.
اكثر من ثلاثة ارباع البريطانيين (77%) يؤيدون الحد من الهجرة كما كشفت الدراسة السنوية لمعهد ناتكان التي نشرت مطلع كانون الثاني/يناير الماضي.
وتطرح مسالة الهجرة نفسها ايضا في الانتخابات الاوروبية في كل من هولندا والنمسا او فنلندا.
ويرى النائب الاوروبي البيئي دانيال كوهن بنديت انه "اذا نظم في فرنسا استفتاء مثل الذي نظم في سويسرا لكانت النتيجة اسوأ مع فوز النعم بنسبة 60%".
رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرنسوا فيون اعتبر الاثنين انه "من الطبيعي جدا" ان يرغب السويسريون في خفض عدد الاجانب على اراضيهم ليتناسب مع القدرة على استيعابهم. ويرى رئيس وزراء نيكولا ساركوزي ان هذا النموذج يجب ان يتبع من قبل الاتحاد الاوروبي او فرنسا.
من جانبها قالت النائب الاوروبية لحزب الاتحاد من اجل حركة شعبية (يمين وسط) فرنسواز غروستات "على الاتحاد الاوروبي الانتقال من هجرة مفروضة الى هجرة انتقائية كما تفعل العديد من الدول مثل كندا التي تحدد سنويا سياستها في مجال الهجرة وفقا لاحتياجاتها الاقتصادية وقدرتها الاستيعابية".
وردت عليها المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية بيا ارنكيلد-هانسن قائلة ان "هذا النوع من القيود ليس جزءا من سياستنا" مشددة "نحن ندافع عن حرية تنقل الافراد. وهي من القيم المقدسة للاتحاد الاوروبي".