بعد كل مقال أكتبه يأتيني السؤال المكرر ؛ ماهي الحلول التي تقترحها ..؟ وكيف تنظر أنت إلى لقرار 2140....؟ والسؤال منطقي ؛ لكنَّه لايوجه لكاتب ؛ فالكاتب يقدم رأي فقط ، وقد يحمل هذا الرأي علامات يستفيد منها القائد في وضع خططه وحلوله . . . فالحلول مهمة القائد وليست مهمة الكاتب . ومن الغباء الجماعي أن لا يسأل الشعب قيادته هذا السؤال ؛ ماذا فعلتم وماذا خططتم......؟ والكاتب يقرأ الساحة بالظاهر من ملامحها . . . أمَّا القائد فيقرأ خفاياها ، بطريقة متعمِّقة ؛ تحيط الفرص والتهديدات . . . ونقاط القوة ونقاط الضعف عنده وعند الخصم . . . بكل دِقَّة ...؟ وفي هذا المعنى كتبت مقالات كثيرة ...؟ وقد قلت رأيي في القرارات قبل صدورها في مقالات ديسمبر 2013 إلى فبراير 2014 . . . لكن القوم لايقرءون ....! ورأيي يضل بدون قيمة ..؟ لأنَّه رأي ربع مواطن -مغترب مشرَّد- لايمثل إلَّا نفسه ولو كان هذا الرأي صائب 100 ٪ فهو أيضاً بلا قيمة ...؟ فلا قيمة لرأي لا يخلق موقف ؛ والموقف لا يتحول إلى فعل يحسب له بدون رجال ؛ والرجال لايكونون رجال بدون تأثير على الجغرافيا ؛ والجغرافيا لاتكون ذات قيمة إذا كانت مستباحة ؛ بل تكون جغرافيا منيعة على الخصم , ومؤثرة في المجتمع المحيط بالصراع , وقابلة للتوسع ؛ حينها يعتبر الرأي قيمة معنوية ومادية يحسب له حساب . ولماذا يكتب ربع المواطن إذا كان لا قيمة لما يكتبه ...؟ لبراءة الذِمَّة (اللهم إني نصحت قومي فلم يسمعون)
ونعود إلى القرار 2140 ؛ ونفسِّره تبعاً للقاعدة (كل طرف من أطراف الصراع يفسر القرار بما يخدم موقفه) وبموجب هذه القاعدة نقول أن القرار قدم للقضية الجنوبية الكثير ..؟ فذِكر الحراك الجنوبي في نص القرار في أكثر من موضع حميد ؛ يعد تعاطف واعتراف رسمي بوجوده وتأثيره . وهذا لم يحدث في المبادرة الخليجية ولا في قراري مجلس الأمن 2014 و2051 ؛ وهو يعني ؛ أن الحراك مازال حاضن رسمي للقضية الجنوبية . . . وهذا يفتح الباب لكل دول العالم للاتصال بالجنوبيين ؛ ويدفع دول المبادرة الخليجية للتعامل الرسمي المعلن مع الجنوبيين وإصلاح خطأ تجاهل الحراك في المبادرة الخليجية . ولكن من هي القيادة الجنوبية التي يتصلون بها ؛ البيض والعطاس وعلي ناصر....؟ هؤلاء فاشلون ؛ حاورتهم وأتباعهم دول العالم خلال السنوات الثلاث الماضية ؛ وأجرت معهم الدول القائدة عبر سفرائها عشرات اللقاءات ، وحاورهم المبعوث الأممي وأمين مجلس التعاون الخليجي . وثبت فشلهم وجهلهم ؛ فهم إمَّا مزايد غبي كالبيض أو انتهازي مرتزق كالعطاس ..؟ ولا أبالغ إذا قلت أن دول العالم وجدتهم سبب ضياع الدولة الجنوبية -أرضاً وإنساناً- في السابق والآن . وبالتالي فهم خطر على المنطقة إذا تحررت دولة الجنوب وأصبحوا قادتها . وكأنَّ القرار 2140 يقول : أيَّها الشعب اصحى وأفهم "قدم قيادة عليها القيمة" وتخلص من تسلط الأغبياء إذا كنت تريد الحرية ؛ فإذا تحررت من الاستحمار تتحرر من الاستعمار .
وجاء في القرار طلب من الحراك والحوثي "عدم استخدام العنف لتحقيق مكاسب سياسية" . . . وجاء القرار السعودي ليزيل اللبس "جماعة الحوثي منظمة إرهابية" ففصل بين الحراك الجنوبي وحركة الحوثي...؟ وهذه اشارة ايجابية ؛ كأنَّه يقول تخلصوا من حلفاء الحوثي . فمن هم حلفاء الحوثي...؟ هم من أعلن الكفاح المسلح قبل أسابيع عبر قناة عدن لايف...! فلماذا أعلنوه قبل صدور القرار 2140 بأسابيع وقد رفضوه في 2011 "اسقاط المناطق" عندما كانت الفرصة سانحة...؟ هدف البيض إلى إدراج الحراك في قوائم العقوبات إلى جانبه ، وإلى قوائم الارهاب إلى جانب حليفه الحوثي . . . لكنَّه فشل . . . وكانت بريطانيا والسعودية أكثر منه احتراماً لتضحيات الجنوبيين وعدالة قضيتهم .
ومطالبة الحراك "عدم استخدام العنف لتحقيق مكاسب سياسية" أُترجمه حسب إدراكي من زاوية أخرى بمعنى "اعطونا فرصة" ولاتفكروا بالكفاح المسلح واستمروا في ثورتكم السلمية ، ولاتكونوا -مسمار جحا- حجة للفاسدين في صنعاء الذين يعملون على افشال الانتقال السياسي . . . فلم يأتي في القرار 2140 مايشير -تلميحاً أو تصراحاً- إلى منع الفعاليات السلمية -الحراك- . . . ولكن إذا استمر الشعب الجنوبي يسير خلف القيادة الفاشلة تاريخياً سوف يتم تجريم الحراك .
وفي الختام أقول : مهما كانت المزايا فهي بلا فعالية ..؟ إذا لم توجد قيادة كفوءة وقادرة على توظفيها في مصلحة الأغلبية الجنوبية ..؟ والقيادة القادرة على التوظيف غير موجودة ؛ وعملياً منهم من هرب ومنهم من يعد العدة للاختفاء . وهذا يعني خروج الأغلبية الجنوبية من التأثير في الحلول . وأنَّها صارت أداة من الأدوات ، تستخدمها الأطراف الأخرى ؛ الأطراف الجنوبية -الأقليَّة والانتهازية- والأطراف اليمنية والدول القائدة . والدول القائدة ليست جمعية خيرية ؛ فهدفها الاستراتيجي "معالجة كل بؤر الخطر على مصالحها في اليمن" وهذه البؤر مرتبطة بأقطاب الصراع في صنعاء ؛ وهي لاتمانع أن تقدم القضية الجنوبية هدية ترضية لهم مقابل اغلاق بؤر التهديد لمصالحها . وروح القرار 2140 السائدة اليوم ؛ تُظهِر بشكل جلي هذا التوجه . انتهى ،،،،،