قلنا في المقالين السابقين : كيف تفسِّر الدول القائدة القرارات الدولية . . . وكيف ينظر أهل يمن مطلع وأهل يمن منزل للقرار 2140 وكيف يفكرون . . . وختمنا بسؤال ؛ كيف يفكر الجنوبيون ...؟ وإجابة هذا السؤال مطلوبة من كل الجنوبيين ؛ ليكتشفوا كيف يفكرون هم كأشخاص...؟ وماذا فهموا من تحليلات قياداتهم ، وكيف يفكرون "إذا كانوا يفكرون"...؟ وبالنسبة لي عند الخوض في هذا الأمر فأنا أقسم الجنوبيين إلى ثلاث فئات ؛ [الأغلبية - الانتهازية - القِّلة - ] : - الأغلبية قوى الاستقلال ؛ وهم الشعب وكل المكونات والأشخاص المشرذمة والمتخاصمة . . . والانتهازية ؛ هم بتاع كله استقلال وفدرالية وكونفدرالية ودولة اتحادية . . . والقِّلة جنوبيو السلطة ؛ وهم الرئيس هادي ومن معه .
فأمَّا الأغلبية فالعاطفة تحكَّمت بقرارهم منذ سيطر المزايدون على الصف الأول ..؟ والمزايدون من كل النخب القائدة ؛ سياسيون وشيوخ دين وشيوخ قبائل وشباب ونساء . . . وليسوا من نخبة بعينها . . . وتم تغييب العقل...! وانكفأ عقلاء الأغلبية على أنفسهم وصمتوا . ولذلك فتعامل الأغلبية مع القرار سيكون عاطفي لا محالة ؛ وتشتت في المواقف وارتباك ملموس لن تُخطأه العين . أمَّا الفئة الانتهازية ؛ فهم الرئيس العطاس وأفراد يلتفون حوله ؛ وهم أشبه بالسيارة الأجرة "تحمل العابد إلى بيت الله والفاسق إلى بيت الدعارة" ، ليس لها قيمة تأثيرية في الشارع ؛ ولكنَّ من الممكن أن تكون لها قيمة مُؤثرة إذا حصل فراغ في الساحة الجنوبية وقد أشرت إلى ذلك في المقال الأول .
أمَّا القِّلة -موضوعنا اليوم- فهم برغماتيون -واقعيون- تقودهم عقولهم ولا مكان للعاطفة والشعارات في عقيدتهم . . . يقولون أنَّهم مع الوحدة ، وهم ليسوا معها بل مع السلطة وتعزيز سيطرتهم عليها . وواقع الحال يقول : أنَّ جنوبيي السلطة هم القوة التنفيذية على الأرض اليمنية لدول المبادرة الخليجية ..؟ وتلمس بصمتهم في القرار 2140 من خلال التمديد المفتوح الذي حصل عليه الرئيس هادي ؛ كأنَّه يقول لأقطاب الصراع في صنعاء "شرعيتي دولية تحت الفصل السابع" فاسمعوا وأطيعوا . ولذلك فهم يعتبرون أنفسهم مشاركين في صياغة القرار . وهم مع تفسير الدول القائدة للقرار كيفما كان التفسير . [وفي رأيي أن وصف "روبرت دال " للقوة المتحققة على الأرض ينطبق عليهم ووصف القوة الكامنة ينطبق على الأغلبية] وبسبب غباء ومزايدة قيادات الحراك الفاشلة [الأغلبية] فقدهم الشعب الجنوبي..! فحاولت القِّلة استعادة مكانها كقوة قائدة تخدم شعبها "الجنوبي" لكن المزايدون لم يعطوهم فرصة...! ولم يفقدهم الجنوب فقط ؛ بل دفع بهم إلى خانة الأعداء....! وأصبح تعاملهم مع الحراك برد الفعل "تريدونا أعداء سنكون" مستشهدين بقول الشاعر :
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهةٍ وسداد ثغر و خلّوني و معترك المنايا وقد شرعوا أسنتهم لنحري كأنِّي لم أكن فيهم وسيطا ولم تك نسبتي في آل عمرو
واندفعوا للبحث عن شعب يقدمون له خدماتهم ؛ فزايد بعضهم بالوحدة -تابع ليمن مطلع- وهؤلاء مجرد أفراد ؛ أمَّا الخدمات -التحالف الاستراتيجي- فكانت لليمن الأسفل الذي وجدوا فيه ضالتهم . وصقور يمن مطلع يشعرون بهذا التحالف ويحسبون له ألف حساب . . . صحيح أنَّهم يعتبرون القرار 2140 انجاز ثوري عندما ينظرون إلى للقضية الجنوبية [لأنَّ الجنوب شعب بلاقيادة أو يقوده أغبياء لا خوف منهم] . . . لكنَّهم يعتبرونه -القرار- مخاطرة في قضايا يمن منزل...؟ لأنَّ فيها عقول قائدة وقادرة على اقتناص الفرص ؛ ولم تفتها فرصة منذ 11 فبراير 2011 حتى اليوم....؟ وقد وجدوا منجماً للفرص في القرار 2140 لن يفوِّتوه .
هكذا تنظر الأقلِّية للقرار 2140 . . . وهكذا تفكر ؛ وهكذا تنسج تحالفاتها ؛ وهكذا تعزَّز قوتها ؛ فهل آن الأوان ليفكر الشعب الجنوبي -الأغلبية- أنَّه الأحق بهذه القوة فيسعى لاستردادها...؟ وكيف .....؟ وللحديث بقية