كان الهدوء و السكون يلفان أرجاء المنزل، عندما ترك ابن الخامسة عشر من العمر رسالة لامه يطلب منها ان تسامحه، قبل ان يقفز خلسة من نافذة مطبخ في الدور الثاني إلى حديقة في الأسفل. قطع عبدالرحمن العولقي الفناء الأمامي للمنزل مارا بنباتات في أوعية و مقبرة (حطام) للألعاب الكرنفالية – شخصيات كرتونية أمثال دامبو و نقار الخشب و أخرى لفقمة محدبة تحاول ان توازن كرة الشاطئ – أنقاض مشروع عمل لم يحالف الحظ عمه عمر في إقامته، و يتمثل في تركيب تلك الألعاب في إحدى المجمعات التجارية المحلية.
حارس المنزل شاهد عبدالرحمن، ذو الشعر الجعد (شعر كيرلي) الذي يدرس في السنة التاسعة و هو يغادر من البوابة الأمامية قرابة السادسة و النصف صباح يوم 4 سبتمبر. توجه بعدها عبدالرحمن إلى باب اليمن ليستقل الباص في طريقه إلى منزل ابن عمه في محافظة شبوةجنوب البلاد.
بينما كان عبدالرحمن يقطع الصحراء في رحلة استغرق ست ساعات، استيقظت أسرته على خبر اختفاءه. قول ناصر العولقي، جد عبدالرحمن، و هو يحتسي الشاي في منزله الفخم:""كتب عبدالرحمن لامه: انا أسف إنني غادرت بهذه الطريقة. سامحيني، و لكني افتقد والدي و أريد ان أرى ان كان بإمكاني الذهاب و التحدث إليه. سأعود بعد عدة ايام." و يضيف العولقي:""كان مطيعا لجميع من في المنزل و لهذا تفاجئنا عندما اتخذ هكذا القرار."
بعدها بتسعة ايام أكمل عبدالرحمن السنة السادسة عشر من عمره لم يعثر عبدالرحمن على والده، الواعظ المتطرف الناشط على صفحات الانترنت، أنور العولقي، الذي وصفته إحدى أعضاء الكونغرس الأمريكي ب "الإرهابي رقم واحد". لم يكن الطفل حتى في المكان الصحيح من البلاد. في 30 سبتمبر أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية صاروخ هيل فاير موجه، أصاب هدفا في شمال اليمن، أدى إلى مقتل والده، منهيا بذلك عامين من المطاردة لرجل دين شجعت محاضراته على التخطيط لهجمات في كل من الولاياتالمتحدة و المملكة المتحدة و كندا. ولد أنور العولقي في الولاياتالمتحدة، و عاش في الغرب كما سبقه في ذلك والده ناصر، و انتقلت معه أسرته للدراسة هناك. قليل هم من نعوا موت العولقي، لكن كان هناك قلق من هذه السابقة. كيف للرئيس الأمريكي باراك اوباما ان يأمر بقتل مواطن أمريكي دون النظر في الأمر؟ لكن الحديث قل بشكل كبير عن الحادثة التي تمت بعدها بأسبوعين. و في 14 أكتوبر ضربت الطائرات الأمريكية من دون طيار المزيد من الأهداف، لكن هذه المرة كانت تبعد مئات الكيلومترات إلى الجنوب الشرقي من منطقة عزان. عبدالرحمن المولود في الولاياتالمتحدة و ابن عمه/ خاله البالغ من العمر 17 عاما، كانوا بين القتلى الذين بلغ عددهم سبعة أشخاص. و يبدو أنهم كانوا يقومون بالشواء. في البداية أوردت وسائل الإعلام ان سن عبدالرحمن اكبر بخمس سنوات من سنه الحقيقي، و انه من المسلحين مثل والده، و ان بين القتلى قيادي بارز في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لكن جده ناصر العولقي الحاصل على منحة فولبرايت، و هو وزير زراعة سابق و شخصية معروفة في اليمن، قال ان عبدالرحمن ليس له علاقة بوالده منذ اختفاءه في 2009. و لم يعتذر ناصر العولقي قط عن الآراء المتطرفة لابنه، لكنه قال انه بذل جهد كبير لعزل أحفاده عن هذا الموضوع الذي أثار جدلا واسعا و قال انه حاول ان يوفر لهم حياة طبيعية. غضبه من التقارير الخاطئة دفعه لإبراز شهادة ميلاد حفيدة. و تقرا على النحو التالي:""عبدالرحمن أنور العولقي، مواليد (مدينة) دينفر، (ولاية) كلورادو في 13 سبتمبر 1995." و عرف فيما بعد ان الغارة لم تسفر عن مقتل الهدف المزعوم و هو المسئول الإعلامي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المصري إبراهيم البناء، لكن وسائل الإعلام لم تتبادل هذا الخبر على نطاق واسع و رفضت الإدارة الأمريكية التعليق على هذا الخبر. ليس من الواضح ان كان عبدالرحمن هدفا أم ان الولاياتالمتحدة حصلت على معلومات خاطئة و كانت تستهدف البناء او شخص أخر. لكن في كل الحالات قال العولقي انه يريد إجابات لتلك الأسئلة. و يشاركه الرأي ألاف المتظاهرين من الطلاب الذي اجبروا الرئيس علي عبدالله صالح على ترك السلطة، و عرف الكثير منهم عبدالرحمن. و قد رفعوا العام الماضي ملصقات في ساحة التغيير تحمل صورته و كتبت عليها عبارة "اغتيال الطفولة". ترجمة مهدي الحسني