توجت أربع سنوات من الكفاح المسلح المرير الذي خاضه شعب الجنوب الحر بواسطة جيش التحرير الوطني للجنوب المحتل ,توجت بنصر مؤزر عظيم رسم ملامح الحرية على شفاه كل أحرار الوطن وكان منعطف جديد تشكل في تاريخه الوطني وضعه في مقدمة الشعوب المتحررة ,سلطت عليه أنظار كل الأحرار في العالم من أوسع أبوابه ,وأعاد أللحمه الجنوبيه المفقودة التي تقطعت بفعل احتلال مقيت هيمن على ربوع الوطن لأكثر من 129عام جسد كل معاني السيطرة الاستعمارية بشتى أنواعها وصنوفها من , فقر وتجهيل ومرض ,وتغييب سياسي لدور الوطن وممارسة ألتفرقه و الانحلال الطبقي والاستعباد السياسي . كان نوفمبر الخالد رغم مآسي التشظي وآلام المخاض وعثرات فواصل السنين العجاف التي قضاها في مخاضات الولادة نعم المولد ونعم النصير لكل تطلعات أبناء الوطن بكل شرائحه الاجتماعية ,معاتبا نفسه ,موبخا في كل صرخة تدل على الحياة اذ يشكو نفسه بنفسه بعدم الاكتمال والتئام الروح التي سقته من ينبوع الصبا ,فوضعت قطرة النماء الأولى . كبر نوفمبر وكبر حلمه معه وشب مضاجعا السحابات العالية ومواجه الرياح العاتية يصنع الفجر اثر الفجر والنصر يحلقه نصر إلا أن شعور بان بدره لم يتم وشهره لم يبلغ تمامه, وعامه لم يصل ذروة سنامه ,ماضيه ينقصه ,لم يحمل معه سوى عطره يغذيه كي لا يموت رغم أن التاريخ غذائه والدعاء صلاته . دمائه ضلت منهمرة جداولا, تحجمه ولافتات الفرح تغلفها وتكسوها جلابيب الحداد . هو يقول لنفسه إنا الضحية! فلما اجلد نفسي؟يجيب كي يشتد جرحي وينضح دماء تنير ظلمة الآخرين . مع اقتراب الموعد احل دعوة يعلم خاتمتها ويعلم أن السم قد كيس الخنجر إلا أن موته كانت حياة لمن لا يستحق الحياة ودمائه كانت غذاء لنبتته شيطانية تأكل اللحم الحرام وتحلله زورا وبهتان بشريط لاصق .....ذبح على الطريقة الإسلامية . نوفمبر الموءود..دارت به رحى حبه سحقته ساقته إلى خاتمته إلا من يد أمسكت شمسان الأغر ويد دامية علقت أناملها في قلعة صيره الشامخة ,ترك ظهرا مكشوفا مفتوحا فانهال سوط جلاد ثان ,كان مخبئ في ماض مظلم أتى من دجى نيرون وأدغال المغول ,لفضته نار المجوس . ترك باب غير مؤصد فكانت عدن طروادة خانها حبها وتغافل حارسها عنها وقيل أذعن وغض طرفا . من مسافات بعيدة ,من حمى رمادا كانت خاملة يحرك نوفمبر خلجاته تسمع قرقشة طيرا يهم بإعلان الولادة مغادرا بيضته ,قيل بأنه كان شاردا وقيل بأنه كان مهاجرا يمضي سباته الشتوي وقيل أن روح شريرة سكنته عقرته جسدا إلا أن روحه تحلق في الكون الفسيح تقاوم السحر وتصارع الأشرار,لمح طيفه عائدا إلى حلمه بعد أن نفض ماعلق به وتخلص من السكون الرهيب و يحدوه الأمل بعناق الأحباب, الكل أفاق الكل شاخص الأنظار يقرا تسابيح الانتظار ..الانتظار..الانتظار...الانتصار.