span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن أيقظت المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ديترويت يوم عيد الميلاد العالم على الخطر الذي يمثله تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، والذي لم يكن اسمه مألوفا من قبل. فالنيجيري عمر فاروق عبد المطلب المتهم بأنه كان قاب قوسين أو أدنى من قتل 300 من ركاب وطاقم الطائرة بقنبلة أخفاها في ملابسه الداخلية قال إنه قد تلقى تدريبه في اليمن. وقد ضاعف من الإحراج والغضب الشديدين اللذين شعر بهما الرئيس الأمريكي بارك أوباما بسبب الفشل الكارثي للاستخبارات والذي مكن عبد المطلب من ركوب الطائرة الكشف عن أن اثنين من مؤسسي التنظيم وهما سعيد الشهري ومحمد العوفي هما من المعتقلين السابقين في جوانتانامو. كذلك فإن عددا من أفراد التنظيم كانوا أيضا من نزلاء جوانتانامو ، وهذا يؤكد مخاوف الذين يعارضون بشدة تعهد اوباما بإغلاق المعسكر في نهاية هذا الشهر. ويبلغ عدد المعتقلين السعوديين في جوانتانامو الذين تم ترحيلهم إلى بلادهم 120 معتقلا ، وهدفت السعودية إلى إخضاع هؤلاء النزلاء السابقين في برنامج لإعادة التأهيل بهدف إعادة إدماجهم في المجتمع ، ومن بين هؤلاء خضع 111 لهذا البرنامج، في حين عاد التسعة الباقون إلى المملكة قبل تأسيسه. وتقول الحكومة إن البرنامج قد حقق نجاحا بنسبة 90% وأن 10% فقط من نزلاء جوانتانامو سابقا قد تغيبوا عنه عابرين الحدود إلى اليمن ، غير أن الدفعة العاشرة لا تتفق وهذه الصورة ، فمع هبوط طائرتهم السعودية النفاثة 747 في مطار الرياض استقبلت السلطات السعودية ركابها لا كأبطال بل "كضحايا" تم غسل أدمغتهم وتضليلهم بفكر منحرف ، وقد التحق جميعهم ببرنامج الرعاية إلا أن خمسة منهم فروا لاحقا إلى اليمن. وهناك ساهم اثنان منهما (الشهري والعوفي) في تأسيس تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، وشاركا في شريط الفيديو لإعلان التأسيس. ونشر تقرير الفيديو يوم 22 كانون الثاني/يناير 2009 بعد يوم من إعلان أوباما عزمه إغلاق معسكر جوانتانامو بحلول 22 كانون الثاني/يناير 2010 وهو الموعد الذي لن يتمكن من الالتزام به ، في الفيديو هاجم العوفي بشدة برنامج التأهيل السعودي، ربما يكون هذا إشارة على الخطر الذي يمثله البرنامج على تنظيم القاعدة. وليس مصادفة أن يحاول انتحاري من القاعدة كان يخفي متفجرات في فتحة شرجه اغتيال مؤسس مركز التأهيل الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية السعودي في تشرين الأول/أكتوبر الأول الماضي ، نجا الأمير من من المحاولة، لكن الانتحاري لم ينج. وكان الهجوم علامة على التقنية المعقدة التي تمكن منها الفرع اليمني من القاعدة، وكما تمثلت أيضا في المتفجرات التي أخفاها عبد المطلب في ملابسه الداخلية يوم عيد الميلاد. وقصة محمد العوفي قصة ليست عادية، فقد انخرط في برنامج التأهيل كغيره من الدفعة العاشرة، لكنه فر بعد ذلك إلى اليمن حيث ظهر في برنامج الفيديو المذكور ، ومما يثير الدهشة أن العوفي عبر الحدود ثانية إلى السعودية وسلم نفسه للسلطات فيها ، ولم أفهم أبدا لماذا فعل ذلك. قال لي السعوديون كان ذلك لأنه تلقى مكالمة هاتفية من زوجته تطلب منه العودة كي يرعاها ويرعى أبناءهما ، وحين بدت علي الدهشة الشديدة لهذا التفسير قيل لي إن استخدام السعوديين لأسر المطلوبين كطعم لهم ليس غريبا. يقيم العوفي الآن إقامة فاخرة في سجن شديد الحراسة في الرياض حيث يتم تجريده من أية معلومات استخبارية لديه ، فهو يعيش في رفاهية تامة، في شقة أثاثها وثير، ويحظى بزيارات دورية من أسرته التي تشعر بالخلاص والامتنان ، سمح لي بعد مفاوضات مطولة مع وزارة الداخلية لقاءه وإجراء مقابلة معه. فاجأني منظر الجهادي السابق الذي كان ينفث نارا في شريط فيديو القاعدة، كان هادئا لا يوحي مظهره بثوبه الأبيض المكوي والكوفية الحمراء على رأسه بالتهديد ، وكانت روايته لي عن العودة وأسباب تبديل مواقفه مبرمجة سابقا. قبل عام ونصف كانت وزارة الداخلية قد صورت شريط فيديو لعودة الدفعة العاشرة ، وكان العوفي من أوائل الذين يمكن مشاهدتهم وهم يركبون الطائرة ، وكان مظهره مشوشا وبدا وكأنه يعاني من آلام، كانت كما قال لي ناجمة عن التعذيب الذي تعرض له على يد الأمريكيين في قاعدة باجرام في أفغانستان قبل ستة أعوام. قال العوفي إن المحققين الأمريكيين قاموا بممارسات رهيبة ضدة، قال إنهم أجلسوه على كرسي بحفرة في مقعده ثم "سحبوا خصيتيه من الفتحة" وأخذوا يضربونه عليهما بقضيب حديدي" ، ثم قاموا بعد ذلك بربط عضوه الذكري، وأجبروه على شرب ماء مالح "كي يدفعونك للتبول دون أن تكون قادرا على ذلك، حتى تأخذ في الصراخ". كنت قد تحدثت إلى غيره من معتقلين سابقين والذين قالوا لي إنهم تعرضوا للصدمات الكهربائية في باجرام وقندهار ، حين سألت العوفي عن سبب فشل برنامج التأهيل بالنسبة له أجاب أن ذلك لأن الذكريات عما تعرض له على أيدي الأمريكيين كانت أقوى بكثير من أي حوافز تصحيحية تلقاها في برنامج الرعاية ، وسألته عن مشاركته في شريط الفيديو ، هو الآن في أيدي السعوديين محاطا بحراس منهم، كان جوابه أنه قد أجبر على ذلك ، فقيادة القاعدة هناك "قد مارست ضغوطا عليه كي يظهر فيه" .. قال لي "جئت فوجدت نسخة بالنص الذي يتعين علي أن أقوله" اختلفت معهم إلا أنهم أبلغوني أن علي أن أردد كل هذه الأمور لأسباب سياسية". وأضاف أن التسجيل استغرق ست ساعات واستمر حتى الثانية صباحا .. سألت العوفي لماذا قرر العودة بعد مشاركته في الفيديو .."لقد رأيت الحقيقة"، قال لي، رأيت أن الطريق كان انحرافا عن الحديث النبوي، بفضل كرم الله العظيم أدركت ذلك واتخذت قراري النهائي بالعودة إلى السعودية .. أنا شخصيا أعتقد أن الأمر أكبر من ذلك بكثير. غير أن العوفي لا يزال على قيد الحياة، عكس زميله السابق في السجن يوسف الشهري الذي انضم أيضا لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ، كان قد قام في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بعبور الحدود من اليمن إلى السعودية متخفيا في عباءة وبرقع، ومعه ستة آخرون من اليمن وذلك لتنفيذ هجوم بالقنابل ،وكانت خليته قد اخترقت من قبل قوات الأمن السعودية، فقتل الشهري بالرصاص ومعه عضو آخر معه في الخلية في معركة نشبت بعد ذلك، وعثر في سيارتهما على ثلاثة أحزمة ناسفة. ويظل اثنان من أفراد الدفعة العاشرة وهما مرتضى علي سعيد مكرم وتركي مشاوي زايد العسيري فارين في اليمن، وعلى قائمة المطلوبين في السعودية ، ولكن ماذا عن سعيد الشهري الذي كان مع العوفي على نفس الطائرة والذي ظهر معه بعد ذلك في شريط الفيديو؟ الشهري الآن هو أشدهم خطرا حيث يعتقد أنه الرجل الثاني في تنظيم الجزيرة في جزيرة العرب ، وأعلن الشهري في الفيديو أن "اعتقالنا لم يزدنا إلا تصميما" وما حدث في الجو فوق ديترويت يوم عيد الميلاد هو دليل على ذلك. BBC