span style=\"font-size: medium; \"نجاح مبادرة مجلس التعاون الخليجي، في "تسوية" الصراع بين الرئيس علي عبدالله صالح والمعارضة في بلاده، او بالاحرى في وضعه على طريق التسوية، احيا من جديد آمال المراهنين على المملكة العربية السعودية لايصال الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه والثائرين عليهما الى تسوية مماثلة. والعوامل التي شجعت على هذا الإحياء كثيرة. منها ان السعودية حرصت دائماً على تجنُّب القطيعة جراء الاختلاف في السياسات وعلى بقاء مساحة تلاق لتقليص اخطار الاختلاف على المنطقة العربية. وقد اثبتت ذلك "بعضِّها على الجرح" كما يقال كلما شعرت ان مصلحة العرب والنظام العربي "في الدق"، وبالمبادرة الى فتح قنوات الحوار مع الاسد غير سائلة عن الاساءات المتكررة او الابتزازات ومحاولات ضرب النفوذ السعودي في اكثر من دولة عربية. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"ولبنان مثال حي على ذلك، اذ غابت عنه السعودية قسراً منذ اواخر سبعيناته وحتى منتصف العقد الاول من الالفية الثالثة. ولبنان ايضا مثال على تعالي السعودية على الاساءات. وكان ذلك عندما فاجأ ملكها عبدالله بن عبد العزيز قمة الكويت قبل سنوات بالتصالح مع رئيس سوريا بشار الاسد. ومنها ايضاً الغليان الذي تعيشه المنطقة وانطلاق الشعوب العربية لتغيير واقعها المزري في دولها (انظمة واوضاع اقتصادية سيئة أو فساد وغياب حريات)، وتأهب المجتمع الدولي لمواكبة كل ذلك ليس فقط حرصاً على مصالح الشعوب، بل حماية لمصالحه الحيوية والاستراتيجية. هذا الوضع الاقليمي ربما يفرض على السعودية تناسي الاساءة ومتابعة النهج التصالحي مع الذين اقدموا عليها، وإن هذه المرة بحرصٍ لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"هل إحياء آمال المواطنين المشار اليهم اعلاه في مبادرة سعودية توقف نزيف الدم السوري في محله؟ span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا احد من العارفين عادة يمتلك معلومات ومعطيات تمكِّنه من اعطاء جواب عن هذا السؤال. وما يمكن الاشارة اليه هنا امران. الاول، مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الاستجارة بالعاهل السعودي للتدخل في هذا الموضوع انطلاقاً من ايمانه القديم بال"سين – سين"، التي قد تكون ادت قسطها للعلى فنامت، ومجاراة العماد ميشال عون له في مناشدته. اما الثاني، فهو ربما مفاتحة اصدقاء مشتركين او ربما وسطاء غير مخولين دمشقوالرياض في هذا الموضوع، ولكن في صورة غير رسمية وعلى مستوى غير رسمي ايضاً. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وإذا كان الإحياء في محله أم لا فإن العارفين يدعون الى انتظار تطبيق "تسوية" مجلس التعاون الخليجي لثورة اليمن. فإذا نجحت يمكن الانطلاق منها للعمل على تسوية او تسويات اخرى. وإذا فشلت تُنهي آمال المعوِّلين على تحرك سعودي لتسوية الثورة السورية. والنجاح او الفشل لا يتم بين ليلة وضحاها. إذ يلزمه وقت وصدق التزام من جانب رئيس اليمن ومعارضيه. ويلزمه وحدة للثوار اذ يبدو ان عشرات الالوف الذين في الشارع غير راضين عن التسوية لأنهم لا يثقون بالرئيس صالح او بمعارضيه الرسميين، لأن الخلاف بينهم في اذهان الثوار الفعليين انما هو على المكاسب والحصص والسلطة. فضلاً عن ان رئيس اليمن كان دائماً مع السعودية وخطها الاقليمي والدولي، ووقف في وجه "الحوثيين" المدعومين من ايران في رأي الرياض، الامر الذي يوجب حمايته. في حين ان الاسد كان دائماً في الموقع المعادي. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وفي اثناء الانتظار المذكور لا يعرف احد مدى تصاعد الثورة في سوريا والقمع لها. وذلك يصعب التفاهم بين الطرفين وإن تدخَّلت دولة بوزن السعودية. وما يُصعِّبه ايضاً هو اقتراب نظام الاسد في سوريا من مرحلة اللارجوع في مواجهة شعبه وغالبية الدول العربية والمجتمع الدولي. وهو ايضاً إصرار سيد النظام على إصلاح لا يبدو احد مقتنعاً بأنه سيكفل الحريات والديموقراطية وتداول السلطة. فهذا النظام فوّت فرصة التسوية عندما كانت متاحة، وعندما كانت الثورة من اجل الديموقراطية فعلاً. لكنها عندما صارت وبسبب مناوراته وتشدده وتعنته وقمعه اقرب الى الاقتتال الاهلي، او بدأت تصير اقرب اليه، لم يعد احد مقتنعاً بإمكان التسوية. فضلا عن ان السعودية، التي تعتبر ان ايران خطراً اكبر عليها وعلى العرب، وان سوريا حليفة لها، قد لا تكون في وارد تسوية مع الاسد ونظامه. علماً ان الانصاف يقتضي الإشارة الى ان الثورة الشعبية المتصاعدة الطالعة من صميم القهر والقمع والعذاب وفّرت ذرائع تصفية الحسابات معه من كل الذين واجههم وانتصر عليهم في مراحل معينة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" span style=\"color: rgb(0, 0, 255); \"span style=\"font-size: medium; \"* النهار اللبنانية